بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 25 يناير 2014

لزوم السنة والترغيب في ذلك وترك البدع والتفرُّق والاختلاف والتحذير من ذلك للشيخ العلامة صالح بن عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله



باب تحريضه ( على لزوم السنة والترغيب في ذلك وترك البدع والتفرُّق والاختلاف والتحذير من ذلك)
قول الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)[الأحزاب:21].
وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ)[الأنعام: من الآية159]الآية.
وقوله تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)[الشورى: من الآية13]الآية.
وعن العرباض بن سارية ( قال: وَعظََنا رسول الله ( موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجِلَت منها القلوب فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودِّع فما تعهد إلينا؟ فقال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسَّكوا بها وعَضُّوا عليها بالنواجذ، وإيَّاكم ومحدثات الأمور فإن كلَّ محدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة» رواه أبو داود والترمذي وصححه وابن ماجه، وفي رواية له: «لقد تركتم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً» ثم ذكر بمعناه.
[الشرح]
هذا الأصل من أعظم أصول الدين ومن أعظم ما يؤمر به ويُحَضُّ عليه وهو أن يُحَرَّض ويؤُمر بلزوم السنة وترك البدع والتفرُّق.
والسنة: تشمل الاعتقاد بعامة وتشمل متابعة النبي ( في العبادة وفي الأمر والنهي، ولهذا السنة يُعبَّر بها تارة عن التوحيد فيقال: التوحيد والسنة بمعنى واحد والعقيدة، وتارة يُعبَّر بالسنة عن أوامر النبي ( ونواهيه التفصيلية.
والمراد بقوله: (باب تحريضه ( على لزوم السنة) يعني: على لزوم ما كان عليه النبي ( من الهدي في الاعتقاد والتوحيد وكذلك في الأمور العملية، فكل المسائل العلمية والعملية يجب فيها لزوم السنة؛ لأن الأصل أننا لم نعلم شيئاً عن ذلك لا الأمور العلمية ولا الأمور العملية إلا بواسطة النبي عليه الصلاة والسلام، ولهذا كل مخالَفة للنبي ( في العقيدة في التوحيد فهي مخالفة في السنة فكل أمرٍ أَمَرَ به النبي ( في الأمور العملية مخالفته مخالفة للسنة، وكل ارتكاب نهي أيضاً مخالفة للسنة، فإذن قول الشيخ رحمه الله: ( باب تحريضه ( على لزوم السنة ) يريد به المعنيين:
السنة بالمعنى العام الذي هو التوحيد والعقيدة، ويريد به أيضاً المعنى الخاص – كما سيأتي – في الأحاديث.
ويقابل السنة: البدعة، والبدع تارة تكون في الاعتقاد – يعني في الأمور العلمية، وتارة تكون في الأمور العملية. فكما أن السنة منقسمة فضدها - وهو البدعة – منقسم.
ولهذا عُرِّفَتْ السنة بأنها: ما كان عليه النبي ( أو أمر به في العلم أو العمل.
والبدع: هي ما خالف طريقة النبي ( في العلم أو العمل.
والبدعة عُرِّفَت بتعريفات كثيرة معلومة لديكم، وأصح التعاريف فيها هو ما يُدْخِل المسائل العلمية والعملية جميعاً، فنقول: هذا قول أهل البدع، مع أنها ليست من المسائل العملية مما هي من المسائل الاعتقادية لأن البدعة في الاعتقاد.
فتعريف الشاطبي المشهور: بأن البدعة طريقة في الدين مخترعة... إلى آخره، هذا يشمل ما يُلتزم من الأمور الاعتقادية ومن الأمور العملية لأن الدين يشمل هذا وهذا.
والمقصود من ذلك: أن الأمر بلزوم السنة هذا نهي عن البدعة، والنهي عن البدع أمر بلزوم السنة في المسائل العلمية والعملية فكل هذا من أصول الدين بل هو معنى شهادة أن محمداً رسول الله، ولهذا كل عالم أو طالب وكل من ورِث علم محمد عليه الصلاة والسلام فإنه يقوم مقامه هذا في الدعوة إلى لزوم السنة وترك البدع والتفرُّق والاختلاف.
التفرُّق والفُرقة قد تكون فُرقة في الدين وقد تكون – أيضاً – فرقة في الجماعة يعني: جماعة الأبدان، ولهذا ذكر الله جل وعلا التفرُّق كما سيأتي معك في الآيات ويراد به الفرقة في العقيدة والتفرق في العلم قال جل وعلا: ?مَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ?[الشورى: من الآية14]، وقال جل وعلا: ?إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ?[الأنعام: من الآية159]، وقال: ?وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ?[النساء: من الآية150]، فالتفرق إذن –وهو ما يقابل الجماعة – هذا من لوازم الابتداع سواء كانت البدعة كفرية أو البدعة فيما دون ذلك، فكل بدعة فُرقة وكل فرقة لا بد أنها خلاف واختلاف، فلهذا ترى أن في نصوص الشريعة أن ثَمَّ تلازم ما بين لزوم لسنة ولزوم الجماعة، فمن لَزِم السنة لَزِم الجماعة، والجماعة بالمعنيين: جماعة الدين – يعني اجتماع الدين وعدم التفرق فيه كما ساق لك الإمام آية الشورى وهي قوله جل وعلا: ?شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ?[الشورى:من الآية13]، لأن دين الأنبياء واحد «الأنبياء إخوة لعَلاَّت الدين واحد والشرائع شتى»، فدينهم الذي هو العقيدة والتوحيد الذي هو مبني على أصول الإيمان الستة هذا مجتمع عليه بين الرسل، فالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشرِّه، الإيمان بهذه الأركان الستة وما دلَّت عليه هذا هو الدين الذي اجتمعت عليه الرسل جميعاً هو الدين الواحد، أما الشرائع فمختلفة كصفة الصلاة وصفة الصيام صفة الحج، والوضوء والطهارة وأحكام النجاسة والبيع والشراء إلى آخره هذه الشرائع مختلفة كما قال: (الدين واحد والشرائع شتى).
فالمقصود من هذا: أن يتأصل أصل عند كل مسلم وهو أن السنة ملازمة للجماعة وأن البدعة ملازمة للفرقة، والجماعة رحمة والفرقة عذاب، ولهذا لم تتفرق الأمة في أبدانها إلا لما تفرقت في العلم، لم يحصل التفرق في الأبدان أولاً ثم حصل التفرق في العلميات ثانياً لا، لما حصل في أول الزمان لما ظهرت الخوارج كان الأصل تفرق في الدين- يعني: في المسائل العلمية – فتبعه تفرق في الجماعة - يعني: في المسائل العملية – وعدم لزوم جماعة المسلمين وإمامهم.
ولهذا كل دعوة إلى العلم النافع، كل دعوة إلى معرفة الحق في المسائل العلمية كل دعوة إلى لزوم العلم والكتاب والسنة وتعلم العلم النافع هذه تؤول بصاحبها؛ بل بالناس إلى لزوم السنة ونبذ الفرقة ولزوم الجماعة، فلا يحدث تفرق في الأبدان، وفتن وهرج ومرج في الناس إلا إذا تركوا المأمور به من لزوم السنة.
لهذا من ترك فإما أن يكون جاهلاً وإما أن يكون مقصّراً، والمقصّر لا يعذر، مقصّر في العلم ومعرفة ما عليه النبي ( في الأمور العلمية يعني في العقيدة وفي الاعتقاد وهو يمكنه ذلك وبين يديه فإنه قد لا يعذر وهو على هذا النحو فلهذا صار أهل البدع هم شر الناس يعني شر أهل القبلة هم أهل البدع وجاء فيها قول النبي (: «وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسعين فرقة كلها في النار إلا واحدة»، فأعظم ما يدعى إليه ويحرّض عليه دائماً وأبداً ونبذ البدع؛ لأن لزوم السنة معناه: لزوم العلم النافع معناه أن يلزم طريقة الصحابة رضوان الله عليهم لأئمة وهذا فيه الاجتماع والائتلاف وعدم الاختلاف.
ترى مثلاً في هذا الوقت لما كثرت الأقوال والآراء وإعجاب كل ذي رأي برأيه حتى – مع الأسف ونسأل الله العفو والغفران وأن يجنبنا ضلال الضالين– حتى في المسائل العقدية أصبح هناك اجتهادات وأصبحت أقوال تأتي جديدة، إما في المسائل العظام وإما في المسائل التي كان عليها الأئمة من قبل وانتهى الأمر فظهرت فُرقة، لماذا جاءت الفرقة؟! لأنه ما لزمت السنة تماماً وأقوال الأئمة في المسائل العلمية.
إذن فالدعوة إلى العلم والسنة ومعرفة ما أنزل الله جل وعلا على رسوله ( هو دعوة إلى الاجتماع وعدم التفرق، ولهذا من أعظم الذنوب الفُرقة، ومن أعظم الأصول التي دعا إليها النبي ( الاجتماع في الدين، والاجتماع في الأبدان وعدم الاختلاف في ذلك.
قال جل وعلا: (?لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً?[الأحزاب:21].) والأُسوة الحسنة: يعني الائتساء الحسن والاقتداء الأفضل، فالنبي ( هو من يُقتدى به في العلم والعمل عليه الصلاة والسلام.
(وقوله تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ?[الأنعام: من الآية159]) وجه الدلالة منه: أن الله تعالى ذمَّ التفرق بقوله: ?لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ? يعني: هؤلاء الذين فرقوا دينهم أنت لست منهم في أي شيء في أي خصلة ?لَسْتَ مِنْهُمْ? يعني أنهم ليسوا معك في أي خصلة لأن أصل الدين: هو الأمر بالاجتماع فيه وعدم التفريق في المسائل العلمية هذا نتبع فيه الدليل وهذا لا نتبع فيه يعني المسائل العلمية الكبار التي هي مسائل العقيدة والسنة.
كذلك قوله: (?أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ?) فإذن الفرقة فيما دلت عليه الآيات يراد بها تارة: الفرقة في الدين يعني الفرقة في العلم في العقيدة والتوحيد في مسائل الإيمان ن ويراد بها: الفرقة في الأبدان.
حديث العرباض بن سارية حديث مشهور يحفظه الجميع لعظم شأنه وعظم الاستدلال به في كل موقع. قال (: (وَعظََنا رسول الله ( موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجِلَت منها القلوب فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودِّع فما تعهد إلينا؟ فقال: «أوصيكم بتقوى الله») إلى آخر الحديث. قوله: (وَعظََنا رسول الله ( موعظة بليغة) الوعظ والموعظة في الشرع يشمل العلم كله، فكل علم موعظة، والقرآن كله موعظة، فالوعظ في النصوص لا يختص بالترغيب والترهيب، أو بذكر أمر الجنة والنار أو بالزهديات ونحو ذلك، ودليل ذلك قول الله جل وعلا: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ?[يونس:57]، والموعظة التي جاءت من الله والشفاء هو: القرآن، وهو يشمل المسائل العلمية ويشمل الأمر والنهي، وكذلك في غير ذلك من الآيات التي فيها ذكر الموعظة.
فالرسل وعظوا أقوامهم كما قال سبحانه في الأمر والنهي: ?وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً?[الأعراف: من الآية164]، ?لِمَ تَعِظُونَ?: الموعظة التي حصلت بالنهي، نهوهم عن فعلهم بالاعتداء بالسفك فصار النهي موعظة. إذاَ الأمر بالمعروف موعظة والنهي عن المنكر موعظة في النصوص الشرعية، العلم والعقيدة موعظة؛ لأن هذه كلها إذا استقبلها المرء استقبالاً حسناً فإنها تعظه ويكون في قلبه خوف وإجلال لربه جل وعلا.
فإذن قوله: (موعظة بليغة ذرفت منها العيون) هذه تشمل المسائل العلمية والمسائل العملية والتخويف من النار والترغيب في الجنة إلى آخر ذلك.
قال: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً) هذا تخصيص بعد التعميم لأن الوصية بتقوى الله تشمل الخوف من مخالفة السنة والتي منها التباين والبعد عن السمع والطاعة.
قوله: (والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشياً) قوله(وإن كان عبدا حبشياً) لأن الأصل أن السمع والطاعة يكون لولاية الاختيار، وولاية الاختيار هذه تكون في قريش كما قال عليه الصلاة والسلام: «الأئمة من قريش ما بقي في الناس اثنان» يعني إذا كان الأمر أمر اختيار، أما إن كان الأمر أمر تغلب فالولاية أيضاً شرعية يعني: قام قائم فغلب الناس بسيفهم أو يوجد من هو الأصلح من قريش فإن الأمير يطاع والإمام يطاع سواء كان من قريش أو ليس من قريش.
فإذن الولاية ولايتان – في عقيدة أهل السنة والجماعة -:
ولاية اختيار: وهي التي يجتمع لها أهل الحل والعقد فيختارون من فيه صفات الإمام الكاملة من كونه قرشياً عالماً قادراً على أعباء الولاية من الجهاد ونصرة الدين ونحو ذلك، سليماً من الآفات أو النقائص مثل عدم السمع والرؤية؛ البصر ونحو ذلك، هذه تسمى ولاية اختيار، كما فعلوا لما ولى أبو بكر ( عمر ( الولاية بعده، وكما فعل النفر الستة من الصحابة لما ولوا عثمان ( بعد عمر (.
فأما ولاية التغلب: فهي التي لا تجتمع فيها الشروط لكنه تغلب فتجب طاعته والسمع له وله حقوق الإمام من قريش تامة لكن الولاية تامة لهذا قال هنا: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة) يعني: وأوصيكم بالسمع والطاعة، (وإن كان عبداً حبشياً) يعني: حتى ولو وصل الأمر إلى أن يكون الذي تولى ليس من العرب وليس من قبائلها وليس من أشراف الناس؛ بل كان عبداً حبشياً فاسمع وأطع، لأن المقصود من السمع والطاعة هو تحصيل الاجتماع في الدين فثم تلازم عظيم بين الاجتماع في الدين والاجتماع على الولاية، فلا يحصل اجتماع في الدين إلا بالاجتماع على الولاية وإذا تفرق في الدين تفرق الناس في الولاية، وإذا تفرق الناس على الولاية لم يحصل ما أمر الله جل وعلا به من الاجتماع في الدين، فهذا يؤول إلى هذا وهذا يؤول إلى ذاك.
وعلل ذلك عليه الصلاة والسلام بقوله: (وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً) يعني: اختلاف كثير في أمر الدين وفي أمر الولاية وفي أمر الحقوق سيرى اختلافاً كثيراً عما يعلمه من سنة النبي (، قال: (فعليكم بسنتي) إذا رأيتم الاختلاف عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي وسنة النبي ( وسنة الخلفاء تأمر بالاجتماع وتنهى عن الفرقة وتأمر بالسنة وتنهى عن البدع وتأمر بالعلم النافع(9) [والعمل الصالح.
قوله: (وإياكم ومحدثات الأمور)] المقصود بالمحدثات: في أمر الدين أما المحدثات في أمر الدنيا وهي التي تدخل في أحوال الناس أو تكون من باب المصالح المرسلة فليس من البدع المذمومة لأن المحدثات قسمان:
محدثات في الدين وهذه هي المرادة بهذا الحديث (وإياكم ومحدثات الأمور) يعني في الدين (فإن كل محدثة بدعة) يعني: في الدين.
وهناك محدثات في أمور الدنيا مثل الأبنية، ومثل طريقة الأكل، وتنوع المآكل ونوعية الأكل، ومثل تأليف الكتب والدوواين وتنظيم أمور الدولة ونحو ذلك مما حصل بداياته في عهد عمر ( ثم تطور تطور إلى ما بعد ذلك فهذا ليس من المحدثات في الدين.
فإذن لا يدخل في المحدثة ما كان في الدنيا والثاني ما كان من قبيل المصالح المرسلة لا تدخل في البدع، فالمحدثات قسمان – كما قال الشافعي – منها ما هو في الدين وهذا هو المذموم، ومنها ما هو في الدنيا وهذا ليس بمذموم.
فقوله: (فإن كل محدثة) يعني هذا مقيد، كل محدثة في الدن بدعة (وكل بدعة ضلالة) هذا على عمومه بأن البدع مذمومة كلها وكلها ضلالة.
الرواية الثانية: (فقد تركتكم على البيضاء) عدد من الوعاظ أو مما هو شائع يأتون بزيادة (تركتكم على المحجة البيضاء) وأنا ما وقفت عليها في حديث بذكر (المحجة) وإنما الذي جاء في هذه الرواية وأيضاً في حديث آخر جاء في المسند: (تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك)، فلفظ (المحجة) يحتاج إلى مزيد بحث.
نقف عند هذا.

المصدر:شرح كتاب أصول الإيمان
لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب
- رحمه الله تعالى-

شرح معالي الشيخ

ليست هناك تعليقات: