بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 16 سبتمبر 2016

فوائد الزواج وأحكامه

فوائد الزواج وأحكامه


ألقى فضيلة الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "فوائد الزواج وأحكامه"، والتي تحدَّث فيها عن الزواج وأنه سُنَّة من سُنن الله تعالى في خلقه، وسُنَّة من سُنن الأنبياء والمُرسلين، مُبيِّنًا منافعه وفوائده وفضائله، كما شجَّع على إعانة الشباب في تزويجهم، وذكر بعضَ أبرز الأحكام التي تهم كل مسلم ومسلمة.

الخطبة الأولى
الحمد لله، الحمد لله الذي خلق فسوَّى، والذي قدَّر فهدَى، أحمدُ ربي وأشكرُه، وأتوبُ إليه وأستغفِرُه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العليُّ الأعلى، وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه المُصطفَى، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ وعلى آله وصحبِه البرَرة الأتقياء.
أما بعد:
فاتقوا الله كما أمَر، وانتَهوا عما نهَى عنه وزجَر.
عباد الله:
إن ربَّكم أرادَ عمارةَ هذا الكون شرعًا وقدرًا إلى أجلٍ مُسمًّى، وهذا العُمرانُ لا يكونُ إلا بالتعاوُن والتوافُق، والاجتماع وبناء الحياة على السُّنن العادلة الحكيمة النافعة.
والإنسان مُستخلَفٌ في هذه الأرض ليُصلِحَها ويعمُرَها، ويعبُدَ اللهَ عليها، وسعادتُه في طاعة الله، وشقاوتُه في معصية الله؛ قال الله تعالى: الوصف: start-iconوَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَالوصف: end-icon [النور: 52]، وقال - عز وجل -: الوصف: start-iconوَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌالوصف: end-icon [النساء: 14]، وقال تعالى: الوصف: start-iconوَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّالوصف: end-icon [المؤمنون: 71].
ومن أول خُطوات الإنسان ومراحِله في هذه الحياة: اقتِرانُه بزوجةٍ على سنَّة الله ورسولِه، يتمُّ بينهما التعاوُن والتراحُم والتآلُف، وتشابُك المنافِع والمصالِح، وتتحقَّقُ بينهما مُتعةُ الغرائِز البنَّاءة النبيلة، والسعيُ إلى الأهداف والغايات الفاضِلة، والمكاسِبُ المُبارَكة، والذريَّةُ الطيبة.
الزوجيَّةُ محضَنُ الأجيال، ومدرسةُ المولود الأولى، ومُوجِّهةُ الشباب إلى الصلاح والإصلاح والتعمير.
الأبُ والأم لهما الأثرُ الدائِمُ على أولادهما، وهما لبِنَةُ المُجتمع الصالِح - إن كانا صالِحَين -، ومسكَنُ العطف والرحمة والشفقَة والرعاية، والإحسان للناشئِين، وأصلُ الرَّحِم والقرابة التي يكونُ بها التناصُرُ والتراحُم والتكافُل، والتواصُل والتوادُّ، والحمايةُ من عاديات الحوادِث.
الزواجُ من السُّنن الماضِية التي لا حصرَ لمنافعِه، ولا نهايةَ لبركتِه، ومن السُّنن الباقية الدائِمة التي لا تنقطِعُ خيراتُها.
والزواجُ من سُّنة الأنبياء والمُرسَلين؛ قال الله تعالى: الوصف: start-iconوَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةًالوصف: end-icon [الرعد: 38]، وقال تعالى في صفات المؤمنين: الوصف: start-iconوَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًاالوصف: end-icon [الفرقان: 74].
وقد أمرَ الله بالزواج فقال: الوصف: start-iconوَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِالوصف: end-icon [النور: 32].
وعن عبد الله بن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا معشرَ الشباب! من استطاعَ منكُم الباءَةَ فليتزوَّج؛ فإنه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفَرْج، ومن لم يستطِع فعليه بالصوم؛ فإنه له وِجاء»؛ رواه البخاري ومسلم.
والباءةُ هي المقدرة على المهر والنفقة والسكَن، «ومن لم يستطِع فعليه بالصوم» إذا كان راغِبًا في النكاح، فإن فيه أجرًا، وإن فيه إضعافَ الشهوة، حتى يُيسِّرَ الله له الزواج.
وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: سألَ نفرٌ أزواجَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عن عملِه في السرِّ. فقال بعضُهم: لا أتزوَّجُ النساء، وقال بعضُهم: لا آكُلُ اللَّحمَ، وقال بعضُهم: لا أنامُ على فراشٍ.
فبلغَ ذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فحمِدَ الله وأثنَى عليه، وقال: «ما بالُ أقوامٍ قالوا كذا وكذا، ولكني أصلِّي وأنام، وأصوم وأُفطِر، وأتزوَّجُ النساء، فمن رغِبَ عن سنَّتي فليس منِّي»؛ رواه البخاري ومسلم.
فالإسلامُ أوجبَ الزواجَ لمن رغِبَ فيه مع القُدرة، وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «تزوَّجُوا الوَدود الوَلُود؛ فإني مُكاثِرٌ بكم الأُمم يوم القيامة»؛ رواه أحمد وصحَّحه ابن حبان من حديث أنس - رضي الله عنه -.
الزواجُ طهارةٌ وعفَّةٌ للزوجين، وصلاحٌ للمُجتمع، وحفظٌ لهم من الانحِراف؛ قال الله تعالى: الوصف: start-iconوَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَالوصف: end-icon [البقرة: 232].
الزواجُ أمانٌ للمُجتمع من تفشِّي الزنا وعمل قوم لُوط، فما انتشَرَ الزنا في بلدٍ إلا ضربَه الله بالفقر والذِّلَّة، وظهر فيه الأمراضُ والوباء الذي لم يكُن في أسلافِه الماضِين، مع ما للزُّناة في الآخرة من الخِزيِ والعذاب؛ قال الله تعالى: الوصف: start-iconوَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًاالوصف: end-icon [الفرقان: 68، 69].
وما قارَفَ أحدٌ عملَ قوم لُوط إلا فسَدَ قلبُه، وانتكَسَت فِطرتُه، وخبُثَت نفسُه، وانحرَفَت أخلاقُه، وعُوقِبَ في الدنيا والآخرة بأشدِّ العُقوبات.
وقد علِمنا ما نزل بقوم لُوطٍ من العقوبة التي لم تكُن لأمةٍ قبلَهم؛ فقد رُجِموا بحجارةٍ من سجِّيل ونزلَت عليهم كالمطر، ورفع جبريلُ - عليه السلام - مدائِنَهم إلى السماء ثم أسقَطَها عليهم، فجعلَ عالِيَها سافِلَها، وأمطرَ الله عليها الحِجارة، مع خلودِهم في النار.
ولعِظَم هذه الجريمة، قال - صلى الله عليه وسلم -: «لعَنَ الله من عمِلَ عمَلَ قوم لُوط، لعَنَ الله من عمِلَ عمَلَ قوم لُوط، لعَنَ الله من عمِلَ عمَلَ قوم لُوط».
فالزواجُ أمانٌ من الزنا ومن اللِّواط، وطهارةٌ للقلب، وزكاةٌ للنفس، وسببٌ للذرِّيَّة التي تتعاقَبُ على الأرض لعبادةِ الله وللعُمران.
ويُشرعُ أن يتخيَّر الزوجُ الزوجةَ الصالِحةَ، بالخُلُق والدين وحُسن المنبَت؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «تُنكَحُ المرأةُ لأربع: لمالِها ولحسَبِها ولجمالِها ولدينها، فاظفَر بذاتِ الدِّين ترِبَت يداك»؛ رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
وأن تختارَ المرأةُ ذا الدين والخُلُق؛ ففي الحديث: سألَ رجُلٌ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: من أُزوِّجُ ابنَتي؟ فقال: «زوِّجها تقِيًّا، إن أحبَّها أكرمَها، وإن كرِهَها لم يظلِمها».
ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا خطبَ إليكم من ترضَون دينَه وخُلُقَه فزوِّجوه، إلا تفعلوه تكُن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ عريض»؛ رواه الترمذي من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
ولا تُكرَهُ الفتاةُ على خاطِبٍ لا تقبلُه، بل يُؤخَذُ رِضاها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُنكَحُ الأيِّمُ حتى تُستأمَر، ولا تُنكَحُ البِكرُ حتى تُستَأذَن»، قالوا: يا رسول الله! وكيف إذنُها؟ قال: «أن تسكُت»؛ رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
وإذا جاء الخاطِبُ الكُفؤُ، وكانت الفتاةُ أهلاً للزواج، فلا يُؤخِّر وليُّها زواجَها؛ لأنها أمانةٌ عنده يُسألُ عنها يوم القيامة.
ولا يرُدَّ الخاطِبَ بحُجَّة مُواصَلَة الدراسة؛ فالأمرُ يَعنِيها مع زوجِها، ويُعينُها على الدراسة إن أحبَّا، ولا يجوزُ للوليِّ أن يرُدَّ الخُطَّابَ ليأكُلَ مُرتَّب وظيفتها، فتضيعَ الفتاةُ بهذا الجَشَع والاستِغلال، وتُحرَم من الذرِّيَّة، فهذا ظلمٌ وجِنايةٌ على المرأة. وقد تدعُو عليه فلا يُفلِحُ ولا ينفعُه المالُ في قبرِه.
ويُشرعُ للخاطِبِ والمخطوبةِ صلاةُ الاستِخارة والدعاءُ بعدها بما ورَد.
ويُشرعُ التوسُّط في المهر بما ينفعُ الزوجةَ، ولا يُرهق الزوج؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خيرُ الصَّداق أيسرُه»؛ رواه أبو داود والحاكم من حديث عُقبة بن عامر - رضي الله عنه -.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما تزوَّج عليٌّ فاطمة، قال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «أعطِها شيئًا»، قال: ما عندي شيء، قال: «فأين دِرعُك الحُطميَّة؟»؛ رواه أبو داود والنسائي، وصحَّحه الحاكم.
والدِّرعُ ثمنُها قليلٌ جدًّا لا تعدُو دراهِم معدودة، وفاطمةُ - رضي الله عنها - سيِّدةُ نساء العالَمين. والقصصُ عن السلَف الصالِح يطُولُ ذِكرُها في تيسير الزواج.
وإذا تمَّ الزواجُ فقد ساقَ الله إلى الزوجَين خيرًا كثيرًا؛ ففي الحديث: «من تزوَّج فقد استكملَ نصفَ دينِه، فليتَّقِ اللهَ في النِّصف الباقي»؛ رواه الطبراني في "الأوسط" من حديث أنسٍ - رضي الله عنه -.
وعلى كلٍّ من الزوجين: المُحافظةُ على رِباطِ الزوجيَّة؛ لئلا ينتقِض، فإنه ميثاقٌ غليظ، ورابِطةٌ قويَّة.
وعلى الزوج: أن يقوم بحُقوق المرأة بإعداد السكَن الذي يصلُحُ لمثلِها، وبذل النَّفَقة، ولا يترُكُها تُنفِقُ من مالِها ولو كانت غنيَّة أو مُوظَّفة، إلا أن تشاء. وإذا أعانَت زوجَها فهي مأجورةٌ مُثابةٌ وسيُخلِفُ الله عليها فيما تُنفِق.
وأن يُوفِّيَها العِشرةَ كامِلةً، ويُحسِن إليها، ولا يُسيءَ إليها بالأقوال ولا بالأفعال، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي»؛ رواه ابن ماجه والحاكم من حديث ابن عباسٍ - رضي الله عنهما -.
وعلى المرأةِ أن تقوم بحُقوق الزوج، وأن تُحسِنَ عِشرتَه، وأن تُطيعَه في المعروف، ولا تُؤذِيَه، وأن تُحسِنَ لولدِه بالتربية، وإلى والدَيه وقرابتِه، وتحفظ مالَه وغيبتَه؛ عن عبد الله بن عمرو، عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظرُ الله إلى امرأةٍ لا تشكُرُ لزوجِها، وهي لا تستغنِي عنه»؛ رواه الحاكم، وقال: "هذا حديثٌ صحيحُ الإسناد".
وعلى الزوجَين: إصلاحُ الأمور في بدايات الخلاف؛ لئلا يتعاظَمَ الشِّقاقُ والشرِّ، فيُؤدِّي إلى الطلاق الذي يفرحُ به الشيطان أشدَّ الفرَح، وتضيعَ الأُسرةُ معه، ويتشرَّد الأولاد وينحرِفوا.
وعلى الزوجين: أن يصبِرَ كلٌّ منهما على الآخر؛ فما أُصلِحَت الأمور بمثلِ الصبر، فعواقِبُه محمودة، قال الله تعالى: الوصف: start-iconوَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًاالوصف: end-icon [النساء: 19].
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَفرَكُ مُؤمنٌ مؤمنة، إن كرِهَ منها خُلُقًا رضِيَ منها خُلُقًا آخر»؛ رواه مسلم.
ومعناه: لا يُبغِضُ مؤمنٌ مؤمنة.
وفي الحديث: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «يضعُ الشيطانُ عرشَه على البحر ثم يقول: من أضلَّ مسلمًا اليوم أدنيتُه مني وألبستُه التاج، فيأتي الشيطان ويقول: ما زلتُ بفُلان حتى فعلَ ذنبَ كذا وكذا، فيقول: ما فعلتَ شيئًا، يُوشِك أن يتوب. ويقول الآخر: ما زلتُ بفلانٍ حتى أذنبَ ذنبَ كذا وكذا، فيقول: ما فعلتَ شيئًا، ويأتي الثالث فيقول: ما زلتُ بفلانٍ حتى طلَّق امرأته، فيقول: أنت أنت، فيُدنيه ويُلبِسُه التاج»؛ رواه مسلم.
وما ذلك إلا لأن عواقِب الطلاق وخيمة، وإن الشُّرور بعده كثيرة، ويتعرَّض الزوجان والأولاد للفتن العظيمة والانحِراف.
نسألُ الله - تبارك وتعالى - أن يُعيذَنا من الشيطان وشَرَكه.
ومن تعسَّر عليه الزواج في أول الأمر، فليُلزِم نفسَه العفَّة والصبر، وليحفَظ نفسَه من العادة السريَّة ومضارِّها، والزنا، والانحِراف، والمُخدِّرات، حتى يُيسِّرَ الله له الزواج؛ قال الله تعالى: الوصف: start-iconوَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِالوصف: end-icon [النور: 33].
وليقتصِد الناسُ في ولائِم الزواج ولا يُسرِفُوا فيها؛ قال الله تعالى: الوصف: start-iconوَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِالوصف: end-icon [الإسراء: 26، 27].
وإذا بقِيَ من الولائِم شيءٌ في الزواج أو في غير الزواج، فلا يحِلُّ أن يُرمَى ويُهدَر؛ بل يُعطَى لمن ينتفِعُ به ويأكُلُه، وما أكثرهم.
قال الله تعالى: الوصف: start-iconوَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَالوصف: end-icon [النحل: 72].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعَني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، ونفعَنا بهديِ سيِّد المرسلين وقوله القويم، أقولُ قولي هذا وأستغفِرُ الله لي ولكم وللمسلمين، فاستغفِروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمدُ لله العزيز الغفور، الحليم الشَّكور، أحمدُ ربي وأشكرُه، وأتوبُ إليه وأستغفِرُه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، له المُلك وله الحمدُ وهو على كل شيء قدير، وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه البشيرُ النذير، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آلهِ وصحبِه السابقين إلى الخيرات.
أما بعد:

فاتَّقُوا الله بطاعته، واحذَروا من غضبِه ومعصيتِه؛ فما فازَ الفائزون إلا بتقواه، وما هلَكَ الخاسِرون إلا بالإعراضِ عن شريعة الله.
عباد الله:
إن أبوابَ الخير كثيرة، وطُرق الجنة يسيرة، والمُوفَّقُ من أقبلَ يطرُقُ كلَّ بابٍ من الخير، والمحرومُ من زهِدَ في الحسنات، واقترَفَ السيئات.
ومن أحسنَ إلى نفسِه وإلى المسلمين من مالِه؛ بارَكَ الله له فيه، وأخلَفَ له خيرًا، فما أنفَق سيُخلِفه الله - تبارك وتعالى -؛ قال الله تعالى: الوصف: start-iconوَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَالوصف: end-icon [سبأ: 39]، وقال - تبارك وتعالى -: الوصف: start-iconيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَالوصف: end-icon [البقرة: 254].
وفي الحديث: «ما نقَصَت صدقةٌ من مال، ولا زادَ الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا».
وفي الحديث: «ما من يومٍ تطلع فيه الشمس إلا نزل ملَكان، يقول أحدُهما: اللهم أعطِ مُنفقًا خلَفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ مُمسِكًا تلَفًا».
وإن من أبوابِ الخير: إعانةَ الراغِبين في الزواج، من الأثرياء، وممن يُحبُّون الإحسان، بتقديم القُروض لهم والتبرُّعات المُرشَّدة، وإنشاء الصناديق الخيرية لهذا السبيل الخيريِّ، وتثميرِها والعنايةِ بها، وتسهيل منافِعِها لكلِّ مُستحقٍّ؛ فكثيرٌ من الشباب لا يتأخَّرُ زواجُه إلا من قِلَّة ذات يدِه، والله - عز وجل - قال: الوصف: start-iconوَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَالوصف: end-icon [البقرة: 195].
وعلى الوالِد تزويجُ أولاده قيامًا بحقِّهم، وحِفظًا لهم.
عباد الله:

الوصف: start-iconإِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًاالوصف: end-icon [الأحزاب: 56]، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا».
فصلُّوا وسلِّموا على سيِّد الأولين والآخرين، وإمام المرسلين.
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارِك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما بارَكتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.
اللهم ارضَ عن الصحابة أجمعين، وارضَ عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، الذين كانوا على الحقِّ وبه كانوا يعدِلون ويقضُون، اللهم وارضَ عن الصحابةِ أجمعين، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عنَّا معهم بمنِّك وكرمِك ورحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الكفر والكافرين والشركَ والمُشركين، ودمِّر أعداءَك أعداءَ الدين يا رب العالمين، اللهم دمِّر المُلحِدين يا قوي يا عزيز.
اللهم إنا نسألُك أن تُؤلِّف بين قلوب المُسلمين، اللهم ألِّف بين قلوب المسلمين، وأصلِح ذات بينهم، واهدِهم سُبُل السلام، وأخرِجهم من الظلمات إلى النور، وانصُرهم على عدوِّك وعدوِّهم يا رب العالمين.
اللهم يسِّر أمر كل مؤمنٍ ومؤمنة، وأمر كل مُسلمٍ ومسلمة يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أصلِح لنا شأنَنا كلَّه، ولا تكِلنا إلى أنفُسنا طرفةَ عينٍ يا رب العالمين.
اللهم أعِذنا من شُرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، ومن نزَغات الشيطان ومن شَرَكه يا رب العالمين، اللهم إنا نسألُك يا ذا الجلال والإكرام أن تُعيذَنا من شرِّ كل ذي شرٍّ.
اللهم أعِذنا وأعِذ ذريَّاتنا يا رب العالمين من إبليس وذريَّته وشياطينه وجنوده وشَرَكه يا رب العالمين.
اللهم دمِّر السحرَة، اللهم دمِّر السحرَة، اللهم اكفِنا شرَّهم واكفِ المُسلمين شرَّهم، اللهم اكفِنا وذريَّاتنا شرَّهم، واكفِ المُسلمين شرَّهم يا رب العالمين، واجعل شرَّهم وسوءَهم عليهم، وأعجِزهم إنك على كل شيء قدير.
اللهم يا ذا الجلال والإكرام احفَظنا والمُسلمين من مُضلاَّت الفتن يا أكرم الأكرمين.
اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلِح اللهم ولاةَ أمورنا، اللهم آمنَّا في دُورنا، وأصلِح ولاةَ أمورنا يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألُك أن تُطفِئ الفتن، اللهم أطفِئ هذه الفتنَ عن أمة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، اللهم أطفِئ فتنة اليمن عاجلاً غير آجلٍ يا رب العالمين، بعزٍّ للإسلام والمُسلمين، وبحفظٍ يا ذا الجلال والإكرام لجنودنا الذين شارَكوا في دفع الظلم، إنك على كل شيء قدير.
اللهم يا رب العالمين نسألُك أن تُطفِئ الفتن في اليمن، وأن تجعلَها سِلمًا وسلامًا على المُسلمين، وبركةً ورحمةً يا رب العالمين، اللهم واجعل الدائرةَ والخِزيَ والذلَّة الدائمة على المُنافقين يا رب العالمين، وعلى المُبتدعِين في اليمن، اللهم اجعَل يا رب العالمين الخِزيَ والذلَّة الدائمة على المُبتدعين الذين ابتدَعوا في دينك ما لا ترضاه يا رب العالمين، إنك عل كل شيء قدير.
اللهم احفَظ جنودَنا على الحدود، اللهم احفَظ جنودَنا الذين وقفوا في وجه الظلم يا رب العالمين، اللهم احفَظهم في أهلهم، وفي أنفسهم، وفي دمائِهم وأموالهم يا رب العالمين، اللهم احفَظهم يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير، اللهم ورُدَّهم سالمين غانمين بنصرٍ يا رب العالمين وإطفاء فتنةٍ لا يعقُبُها فتنة، إنك على كل شيء قدير.
اللهم أطفِئ الفتنة في سُوريا، اللهم أطفِئ الفتنة في سُوريا، اللهم أصلِح أحوال المُسلمين في سُوريا، اللهم أصلِح أحوالهم، اللهم اجعَل الدائرةَ على عدوِّ الإسلام، وعلى الظالمِ للمُسلمين يا رب العالمين، اللهم اجعَل الدائرةَ على الظالمين الذين ظلموا المُسلمين في سُوريا يا رب العالمين، اللهم وأنزِل بهم الخِزيَ والنَّكال والذلَّة إلى يوم القيامة يا أرحم الراحمين، ويا رب العالمين.
اللهم احفَظ المُسلمين في فلسطين، اللهم احفَظ المُسلمين في فلسطين، اللهم اجعَل بيت المقدس عامرًا بعبادتك، عزيزًا لا يُدنِّسُه يا رب العالمين ظالمٌ ولا كافرٌ، يا أرحم الراحمين، اللهم اجعَله يا رب العالمين لعبادك المُسلمين مكانَ عبادة، عزيزًا شامِخًا إلى يوم الدين.
اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين في العراق، اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين في كل مكانٍ يا رب العالمين.
اللهم تُب علينا وعلى المُسلمين، اللهم تُب علينا وعلى المُسلمين، اللهم ارحَم أمةَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -.
الوصف: start-iconرَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَالوصف: end-icon [البقرة: 286] يا رب العالمين.
اللهم اشفِ مرضانا ومرضى المُسلمين، اللهم اشفِ مرضانا ومرضى المُسلمين، اللهم اشفِ مرضانا ومرضى المُسلمين، برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم وفِّق عبدكَ خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضَى، اللهم وفِّقه لهُداك، واجعل عملَه في رِضاك يا رب العالمين، اللهم انصُر به دينَك، واجمع به كلمةَ المُسلمين يا رب العالمين، اللهم وفِّقه للعمل الرشيد، وللرأي السديد، وأعِنه على أمور الدين والدنيا كما تحبُّ وترضى يا رب العالمين، وأصلِح اللهم بِطانتَه.
اللهم وفِّق نائبَيه لما تحبُّ وترضَى برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم اغفِر لموتانا وموتَى المُسلمين، اللهم اغفِر لموتانا وموتَى المُسلمين، اللهم اغفر لنا ولوالدِينا.
اللهم أرِنا الحقَّ حقًّا وارزُقنا اتِّباعَه، وأرِنا الباطلَ باطلاً وارزُقنا اجتِنابَه، ولا تجعَله مُلتبِسًا علينا فنضِلَّ، برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم احفَظ بلادَنا من كل شرٍّ ومكروه، اللهم احفَظ بلادَنا من كل شرٍّ ومكروه يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألُك أن ترُدَّ شرَّ الأشرار في نحورهم، وكيدَ الفُجَّار يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير.
عباد الله:
الوصف: start-iconإِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَالوصف: end-icon [النحل: 90- 91].
واذكُروا الله العظيم الجليل يذكُركم، واشكُروه على نعمِه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر، والله يعلمُ ما تصنَعون.


دلائل قدرة الله تعالى وعظمته

دلائل قدرة الله تعالى وعظمته
نبذة مختصرة عن الخطبة:
ألقى فضيلة الشيخ عبد المحسن بن محمد القاسم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "دلائل قدرة الله تعالى وعظمته"، والتي تحدَّث فيها عن بعض دلائل قدرة الله - سبحانه وتعالى - المذكورة في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ من سمعه وبصره وإحاطته بكل شيء، وغِناه وعظمته، وغير ذلك من الدلائل.

الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فاتقوا الله - عباد الله - حقَّ التقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقى.
أيها المسلمون:
أوجَد الله العبادَ من العدَم وأمدَّهم بالنعم، وكشفَ عنهم الكروب والخُطوب، والفِطَرُ السليمةُ تحبُّ من أنعمَ وأحسنَ إليها، وحاجةُ النفوس إلى معرفة ربها أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب والنَّفَس، ولا سعادة في الدنيا والآخرة إلا بمعرفة الله ومحبته وعبادته، وأعرفُ الناس به أشدُّهم له تعظيمًا وإيمانًا، وعبوديةُ القلب أعظمُ من عبودية الجوارح وأكثرُ وأدوَم، فهي واجبةٌ في كل وقت، وأعمالُ الجوارح لإصلاح القلب وتعظيم الله.
قال ابن القيم - رحمه الله -: "والله يُنزِل العبدَ من نفسه حيثُ يُنزِلُه العبدُ من نفسه، وإذا عرفَ المخلوقُ ربَّه اطمأنَّت إليه نفسُه وسكنَ إليه قلبُه، ومن كان بالله وصفاته أعلمَ كان توكُّله أصحَّ وأقوى، وكان منه أخوَف".
وأكملُ الناس عبوديةً: المُعظِّمُ لله المُتعبِّدُ له بجميع أسمائه وصفاته، والله - سبحانه - له من الأسماء أحسنُها، وأسماؤه مدحٌ وتمجيد، وله من الصفات أكملُها وأعلاها، وصفاتُه صفاتُ كمال.
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في رُكوعه: «سبحان ذي الجبروت والملَكوت والكبرياء والعَظَمة»؛ رواه النسائي.
له الكمالُ المُطلقُ في كل شيء؛ كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا أُحصِي ثناءً عليك، أنت كما أثنيتَ على نفسك»؛ رواه مسلم.
وجميعُ من في السماوات ومن في الأرض يُنزِّهون الله عن كل عيبٍ ونقصٍ، قال - سبحانه -: start-iconسَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِend-icon [الحشر: 1]، وكلُّهم يسجُد له؛ قال - عز وجل -: start-iconوَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًاend-icon [آل عمران: 83].
له - عز وجل - الخلقُ والأمرُ وحده، أتقنَ ما صنَعَ وأبدَعَ ما خلق، وقدَّر مقادير الخلائق بل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، والحكمُ حكمُه ولا يشرَكه في ذلك أحد، لا رادَّ لقضائه، ولا مُعقِّب لحكمه، حيٌّ لا يموت، جميعُ الخلق تحت قهره وقبضته، يُميتُهم ويُحييهم، ويُضحِكُهم ويُبكِيهم، ويُغنيهم ويُفقِرُهم، ويُصوِّرُهم في الأرحام كيف يشاء، start-iconمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَاend-icon [هود: 56]، يُدبِّرُها كيف شاء، وقلوبُ العباد بين أُصبعَيْه يُقلِّبُها كيف شاء، ونواصيهم بيده، وأزِمَّةُ الأمور معقودةٌ بقضائه وقدَره، لا يُنازِعُه مُنازِع، ولا يغلِبُه غالب.
لو أن الأمةَ اجتمعت على لتضرَّ أحدًا والله لم يكتب ذلك لم يضُرَّه أحد، ولو اجتمعوا على نفعه والله لم يُرِد ذلك لم ينفعه أحد.
لا رادَّ لعذابه إن نزل، ولا رافع له إن حلَّ سواه، يخلق ما يشاء ويفعل ما يُريد، لا يُسأل عما يفعل والخلقُ يُسألون، قائمٌ بنفسه مُستغنٍ عن خلقه، ومُهيمنٌ عليهم جميعًا، مفاتيحُ الغيب عنده لا يعلمُها إلا هو، وأخفَى علمَها حتى عن الملائكة، فلا يعلمون من سيموت غدًا، أو ما سيحدث في الكون قبل أن يكون.
ملكٌ يُدبِّر أمرَ عباده، يأمرُ وينهَى، ويُعطِي ويمنع، ويخفِضُ ويرفع، أوامرُه مُتعاقبةٌ على تعاقُب الأوقات، نافذةٌ بحسب إرادته ومشيئته، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، start-iconيَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍend-icon [الرحمن: 29].
ومن جملة شؤونه: أن يُفرِّج كربًا، ويجبِر كسيرًا، ويُغنِي فقيرًا، ويُجيبَ دعوةً، قال عن نفسه: start-iconوَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَend-icon [المؤمنون: 17].
علمُه وسِعَ كل شيء، يعلمُ ما كان وما يكون وما لم يكن، لا تتحرَّك ذرَّةٌ فما فوقها إلا بإذنه، ولا تسقط ورقةٌ إلا بعلمه، لا تخفى عنده خافية، استوى عنده السرُّ والعلانية، قال - سبحانه -: start-iconسَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِend-icon [الرعد: 10].
يسمعُ أصواتَ المخلوقين وهو على عرشه، قالت عائشة - رضي الله عنها -: الحمدُ لله الذي وسِعَ سمعُه الأصوات، قالت: لقد جاءت المُجادِلةُ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تُكلِّمُه وأنا في ناحية البيت ما أسمعُ ما تقول، فأنزلَ اللهُ: start-iconقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَاend-icon [المجادلة: 1].
وأفعالُ العباد في ظُلمة الليل البَهيم لا تخفى عليه، قال - جل شأنه -: start-iconالَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَend-icon [الشعراء: 218، 219]، يرى وهو فوق سماواته دبيبَ النملة السوداء، على الصخرة الصمَّاء، في الليلة الظلماء.
خزائنُه ملأى في السماوات والأرض، ويَداه مبسوطتان بالسخاء، سحَّاءُ الليل والنهار يُنفِقُ كيف يشاء، كثيرُ العطاء واسعُ الجُود، يُعطِي قبل السؤال وبعده، وينزل إلى السماء الدنيا كل ليلةٍ في الثُّلث الأخير من الليل ويقول: «من يسألني فأُعطيَه»، ومن لم يسأله يغضَب عليه.
وأبوابُ عطائه فتحَها لخلقه فسخَّر بحارًا وأجرى أنهارًا وأدرَّ أرزاقًا، ساق للخلق أرزاقهم؛ فرزَقَ النملة في قرار الأرض، والطيرَ في الهواء، والحيتان في الماء، start-iconوَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَاend-icon [هود: 6]، ورزقُه وسِع الجميع؛ فساق إلى الجنين رزقَه وهو في رحِمِ أمه، وإلى الجلْد القوي في مُلكه، كريمٌ يحبُّ العطاء والكرم، إذا سُئِل أعطى، وإذا رُفِعت إلى غيره حاجة لا يرضى، وكل خيرٍ فهو منه، start-iconوَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِend-icon [النحل: 53].
رِزقه لا ينفَد، قال - عليه الصلاة والسلام -: «أرأيتم ما أنفق مُنذ خلق السماوات والأرض، فإنه لم يغِض ما في يمينه»؛ رواه مسلم.
ولو سأله العبادُ جميعًا فأعطاهم ما سألوه لم ينقص ذلك من مُلكه شيئًا، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قال الله - عز وجل -: يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنَّكم قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني فأعطيتُ كلَّ إنسانٍ مسألتَه ما نقصَ ذلك مما عندي إلا كما ينقص المِخيَط إذا أُدخِل البحر»؛ رواه مسلم.
والثوابُ على العمل يُضاعِفُه، الحسنةُ عنده بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضِعفٍ إلى أضعافٍ كثيرة، والقليلُ من زمن الطاعة يُكثِّره؛ فليلةُ القدر خيرٌ من ألف شهر، وصيامُ ثلاثة أيامٍ من كل شهرٍ كصيام الدهر، وإذا أنفق العبدُ مالاً ابتغاءَ وجهه ردَّه له أضعافًا مُضاعفة.
ويزيدُ في السخاء فوق المُنَى، فأعطى أهل الجنة فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أُذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وإذا ترك العبدُ شيئًا من أجله عوَّضه خيرًا منه.
غنيٌّ عن جميع خلقه، وكل شيءٍ مُفتقِرٌ إليه، start-iconيَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُend-icon [فاطر: 15]، لا يبلغُ العبادُ نفعَه فينفعوه، ولا ضُرَّه فيضرُّوه، عليٌّ كبير، الكرسيُّ موضع قدمَيْه - سبحانه -، وقد وسِعَ الكرسيُّ السماوات والأرض، والسماوات السبع في الكرسي كدراهم سبعةٍ أُلقِيَت في تُرسٍ، والكرسيُّ في العرش كحلقةٍ من حديدٍ أُلقِيت بين ظهرَيْ فلاةٍ من الأرض، وعرشُه أعظم مخلوقاته، وتحت العرش بحرٌ ويحملُ العرشَ ملائكةٌ ما بين شحمة أُذن أحدهم إلى عاتقه مسيرةُ سبعمائة عامٍ.
وربُّنا مُستوٍ على عرشه كما يليق بجلاله وعظمته، وهو مُستغنٍ عن العرش وما دونه، مُحيطٌ بكل شيء، ولا يُحيطُ به شيءٌ، ويُدرِكُ الأبصارَ والأبصارُ لا تُدرِكُه، وقدرتُه شملَت جميع مخلوقاته، وهي ضعيفةٌ عنده وإن كبُرت في أعين المخلوقين؛ فالسماوات يطويها - سبحانه - يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول: «أنا الملكُ، أين الجبارون؟ أين المُتكبِّرون؟»، ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول: «أين الجبارون؟ أين المُتكبِّرون؟»؛ رواه مسلم.
ويجعل السماوات يوم القيامة على أُصبع، والأرضين على أُصبع، والجبال والشجر على أُصبع، والماء والثَّرى على أُصبع، والخلائق على أُصبع، ثم يهزُّهنَّ ثم يقول: «أنا الملكُ، أنا الملكُ»؛ متفق عليه.
وإذا تكلَّم بالوحي أخذت السماوات منه رجفة وصعِق أهلُ السماء، وأول من يفيقُ جبريل، والسماوات تخشاه، قال - عز وجل -: start-iconتَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّend-icon [الشورى: 5].
قال الضحاك - رحمه الله -: "أي: تكاد السماوات يتشقَّقن فرَقًا من عظمة الله"؛ أي: خوفًا منه.
قيُّومٌ لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، «يخفِضُ القسطَ ويرفعُه، يُرفَع إليه عملُ الليل قبل عمل النهار، وعملُ النهار قبل عمل الليل، حِجابُه النور، لو كشفَه لأحرَقَت سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصرُه من خلقه»؛ رواه مسلم.
الأمرُ يُدبِّره من السماء إلى الأرض ثم يعرُجُ إليه، start-iconوَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌend-icon [لقمان: 27] أي: يُكتَبُ بها start-iconوَالْبَحْرُ يَمُدُّهُend-icon بمدادٍ، وسبعةُ أبحرٍ تمُدُّه أيضًا start-iconمَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِend-icon.
قويٌّ لا يُعجِزُه شيء، إذا أراد شيئًا قال له: كن، فيكون، وأمرُه كلمحِ البصر بل هو أقرب، وله جنودٌ لا يعلمها أحدٌ سواه، قلَبَ قُرى قوم لوطٍ وجعل عاليَها سافلَها، ولما امتنع بنو إسرائيل عن قبول ما في التوراة رفع جبلاً فوق رؤوسهم كأنه ظُلَّةٌ وظنُّوا أنه واقعٌ بهم، وتجلَّى - سبحانه - لجبلٍ فجعله دكًّا، ولما رأى موسى ذلك خرَّ صعِقًا.
والأرضُ إذا انقضى الدهرُ يرُجُّها رجًّا، ويدُكُّها دكًّا، وينسِفُ الجبالَ نسفًا، وبنفخةٍ واحدةٍ في الصور ينفُخ فيه إسرافيل يفزعُ الخلق، وبنفخةٍ أخرى يُصعَقون، وبثالثةٍ يقومون للحشر.
وإذا نزل - سبحانه - لفصل القضاء تشقَّقَت السماءُ لنزوله تعظيمًا له وخشية، والله - سبحانه - فوق ما يصِفُه الواصِفون ويمدحُه المادِحون، لا نِدَّ له ولا نظير، ولا شبيهَ له ولا مثيل، عرفَ الرسلُ ربَّهم فأكثَروا له التذلُّل والتعبُّد والخضوع، فكان داود - عليه السلام - يصوم يومًا ويُفطِر يومًا، ونبيُّنا محمد - صلى الله عليه وسلم - يقوم الليل حتى تتفطَّر قدماه، وإبراهيمُ أوَّاهٌ لربه مُنيب، ومن سلك غيرَ نهج الأنبياء فقد ضلَّ سواء السبيل.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: start-iconوَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَend-icon [الزمر: 67].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.
أيها المسلمون:
لا أحد أحبُّ إليه المدحَ من الله، ولذلك أثنى على نفسه، وأصلُ التفاضُل بين الناس إنما هو بمعرفة الله ومحبته والثناء عليه، ومن عرفَ اللهَ وقلبُه سليمٌ أحبَّه وعظَّمه، وكلما ازداد له معرفةً ازداد له طاعة، والذنوب تُضعِفُ تعظيمَ الله ووقاره، ولو تمكَّن وقارُ الله وعظمتُه في قلب العبد ما تجرَّأ أحدٌ على معاصيه، وكل معصيةٍ فمن الجهل بالله، وإجلالُ الله يعظُم بالطاعات.
وأعظمُ عبادة يتقرَّبُ بها العبدُ من ربه هي إفراده بالعبادة، فلا يسأل إلا هو، ولا يستغيثُ إلا به، ولا تُصرفُ أيُّ عبادةٍ إلا له وحده، ومن عبدَ مع الله غيرَه فما قدَرَ اللهَ حقَّ قدره، وظلمَ نفسَه بالوقوع في الشرك، ومن هداه الله لتعظيم الرب وإفراده بالعبادة وجبَ عليه أن يدعو غيرَه إلى توحيد الله وتعظيمه.
ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه، فقال في محكم التنزيل: start-iconإِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًاend-icon [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدِلون: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنَّا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا رخاءً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم احقِن دماءهم، ورُدَّهم إليك ردًّا جميلاً، واصرِف عنهم الفتن ما ظهر منها وما بطَن يا ذا الجلال والإكرام.
start-iconرَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِend-icon [البقرة: 201].
start-iconرَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَend-icon [الأعراف: 23].
اللهم وفِّق إمامنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، ووفِّق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وتحكيم شرعك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا.
عباد الله:
start-iconإِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ end-icon[النحل: 90].
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.