بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 ديسمبر 2019

السدل قبل تكبير الامام للركوع ليس عليه دليل

السدل قبل تكبير الامام للركوع ليس عليه دليل
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. 
أما بعد:
فمن الأخطاء التي تقع في صلاة الجماعة سدل المأموم يديه قبل تكبير الامام للركوع، فانتهاء الحركات والأقوال – القراءة والأذكار – في الصلاة تكون بعد تكبير الإمام وذلك لما صح عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا , وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد , وإذا سجد فاسجدوا)).
وحديث في الصحيحين.
فعلى هذا من سدل قبل تكبير الامام فقد خالف.


وهذه المخالفة لهذا صور منها:
أولا: في الصلاة السرية.
يقطع المأموم القبض ويسدل يديه عقب انتهائه من قراءته.


ثانيا: في الصلاة الجهرية.
يقطع المأموم القبض ويسدل قرب إنهاء الإمام قراءته – أي في آخر آية من سورة أو ثمن -، وتلاحظ هذا الخطأ واضحا وجليا في صلاة التراويح عندما ينتهي الإمام من قراءة سورة فتجد بعض المأمومين يسدل يديه ثم يشرع الامام في قراءة سورة ثانية فيرجع المأموم للقبض مرة أخرى.
فعلى المأموم أن ينتبه لهذا الخطأ، ولا يحدث فعلا ليس له فيه سلف، ولا يسدل يديه إلا بعد تكبير الإمام للركوع.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
✍️ كتبه 
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
باجة تونس: يوم الخميس 16 شوال سنة 1440 هـ 
الموافق لـ: 20 يونيو سنة 2019 ف

ملئ الكف على مشروعية إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف

ملئ الكف على مشروعية إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف


الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. 
أما بعد:
فقد بوب الإمام البخاري رحمه الله في ((صحيحه)) (باب: إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف).
وساق حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أقيموا صفوفكم، فإني أراكم من وراء ظهري، وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه)).
ففعل الصحابة رضي الله عنهم إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم فيه إقرار من النبي عليه الصلاة والسلام، بل هو ما أخدوه عنه صلى الله عليه وآله وسلم.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: ((أقيموا الصُفوفَ، وحاذُوا بين المناكِبِ، وسُدُّوا الخَلَلَ، ولينُوا بأيدي إخوانِكم- لم يقل عيسى: بأيدي إخوانِكم-، ولا تَذَروا فُرُجاتِ للشَّيطان، ومَن وصلَ صفاً وصلَه اللهُ، ومَن قطعَ صفاً قطعَه الله)).
أخرجه أبو داود في ((السنن)) وصححه الألباني.
وعلق البخاري في ((صحيحه)) قال النعمان بن بشير: (رأيت الرجل منا يلزق كعبه بكعب صاحبه).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ((تغليق التعليق)): ((رواه أبو داود وابن خريمة من حديث وكيع عن زكريا به وإسناده حسن واصل الحديث دون الزيادة في آخره من حديث النعمان في صحيح مسلم وغيره من غير هذا الوجه والله أعلم)) اهـ.
قال الإمام الألباني رحمه الله في ((الصحيحة)) تحت حديث (رقم 32): ((وسنده صحيح، وعلقه البخاري مجزوما به، ووصله ابن خزيمة أيضا في "صحيحه" كما في "الترغيب" (1 / 176) و "الفتح" (2 / 176).
ثم رواه الدولابي من طريق بقية بن الوليد، حدثنا حريز قال: سمعت غيلان المقرىء يحدث عن أبي قتيلة مرثد بن وداعة (قال: سمعت) النعمان بن بشير يقول: فذكره.
وهذا سند لا بأس به في المتابعات، ورجاله ثقات غير غيلان المقرىء)) اهـ.


إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف سنة فعلها الصحابة الكرام وأقرهم عليها النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام الألباني رحمه الله في ((الصحيحة)): ((التسوية المذكورة إنما تكون بلصق المنكب بالمنكب، وحافة القدم بالقدم، لأن هذا هو الذي فعله الصحابة رضي الله عنهم حين أمروا بإقامة الصفوف)) اهـ.
فكل خير في اتباع من سلف *** وكل شر في ابتداع من خلف

هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه 
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأثنين 6 شوال سنة 1440 هـ 
الموافق لـ: 10 يونيو سنة 2019 ف

من الآداب الواجبة مع الله

بسم الله الرحمن الرحيم




من الآداب الواجبة مع الله


قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله

في سلسلة الأحاديث الصحيحة - الأحاديث رقم (136 - 139):


136- ( قولوا: ماشاء الله ثم شئت ، وقولوا: ورب الكعبة ) . 
أخرجه الطحاوي , والحاكم , والبيهقي , وأحمد , من طريق المسعودي عن سعيد بن خالد عن عبدالله بن يسار عن قتيلة بنت صيفي امرأة من جهينة قالت : ( إن حبراً جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال : إنكم تشركون , تقولون : ما شاء الله وشئت , وتقولون : والكعبة , فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فذكره ) .

ولعبدالله بن يسار حديث آخر نحو هذا , وهو :
137- ( لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ وَلَكِنْ قُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ ) .
138- ( إِنَّ طُفَيْلًا رَأَى رُؤْيَا فَأَخْبَرَ بِهَا مَنْ أَخْبَرَ مِنْكُمْ وَإِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَقُولُونَ كَلِمَةً كَانَ يَمْنُعُنِي الْحَيَاءُ مِنْكُمْ أَنْ أَنْهَاكُمْ عَنْهَا قَالَ لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ مُحَمَّدٌ ) .

وللحديث شاهد آخر من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُرَاجِعُهُ في بعض الْكَلَامَ فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : 
139- ( أجعلتني مع الله عدلاً [ وفي لفظ: نداً ] ؟ ! لا ، بل ما شاء الله وحده ) .



وفي هذه الأحاديث أن قول الرجل لغيره ( ما شاء الله وشئت ) : يعد شركاً في الشريعة , وهو من شرك الألفاظ , لأنه يوهم أن مشيئة العبد في درجة مشيئة الرب سبحانه وتعالى , وسببه القرن بين المشيئتين , ومثل ذلك قول بعض العامة وأشباههم ممن يدعي العلم ( مالي غير الله وأنت )
و( وتوكلنا على الله وعليك ) , ومثله قول بعض المحاضرين : ( باسم الله والوطن ) , أو ( باسم الله والشعب ) , ونحو ذلك من الألفاظ الشركية التي يجب الانتهاء عنها والتوبة منها , أدباً مع الله تبارك وتعالى .

ولقد غفل عن هذا الأدب الكريم كثير من العامة , وغير قليل من الخاصة الذين يسوغون النطق بمثل هذه الشركيات , كمناداتهم غير الله في الشدائد , والاستنجاد بالأموات من الصالحين , والحلف بهم من دون الله تعالى , والإقسام بهم على الله عز وجل ,
فإذا ما أنكر ذلك عليهم عالم بالكتاب والسنة , فإنهم بدل أن يكونوا عوناً على إنكار المنكر , عادوا بالإنكار عليه ,
وقالوا : إن نية أولئك المنادين غير الله طيبة , وإنها الأعمال بالنيات كما جاء في الحديث .

فيجهلون أويتجاهلون – إرضاء للعامة – أن النية الطيبة وإن وجدت عند المذكورين , فهي لا تجعل العمل السيئ صالحاً , وأن معنى الحديث المذكور إنما الأعمال الصالحة بالنيات الخالصة , لا أن الأعمال المخالفة للشريعة تنقلب إلى أعمال صالحة مشروعة بسبب اقتران النية الصالحة بها , ذلك ما لا يقوله إلا جاهل أو مغرض , ألا ترى أن رجلاً لو صلى تجاه القبر , لكان ذلك منكراً من العمل , لمخالفته للأحاديث والآثار الواردة في النهي عن استقبال القبر بالصلاة , فهل يقول عاقل : إن الذي يعود إلى الاستقبال – بعد علمه بنهي الشرع عنه – إن نيته طيبة وعمله مشروع ؟ كلا ثم كلا ,
فكذلك هؤلاء الذي يستغيثون بغير الله تعالى , وينسونه تعالى في حالة هم أحوج ما يكونون فيها إلى عونه ومدده , لا يعقل أن تكون نياتهم طيبة , فضلاً عن أن يكون عملهم صالحاً , وهم يصرون على هذا المنكر وهم يعلمون.

لماذا السؤال عن كيفية الاستواء بدعة؟ ومعه قاعدة عظيمة في باب الصفات

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله, نحمده, ونستعينه, ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, ومن سيئات أعمالنا.
من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
أما بعد:


فهذا جوابٌ من شيخنا العلامة/ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- على من يسأل لماذا السؤال عن كيفية الاستواء بدعة؟ وهو مستل من "شرح عقيدة أهل السنة والجماعة", وإليكم الرد:


قوله: ((والسؤال عنه بدعة))؛ أي: عن الاستواء, والمراد عن كيفيته: ((بدعة)) ذلك من وجهين:

الوجه الأول: أن السؤال عنه سؤال دين وعقيدة, ولم يرد ذلك عن الصحابة -رضي الله عنهم-؛ فما منهم أحدٌ سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن كيفية الاستواء مع شدة حرصهم على ما يتعلق بربهم -عز وجل-.
ومع وجود المجيب بالتأكيد وهو الرسول -صلى الله عليه وسلم-, فإذا كان السبب موجوداً والمانع مفقوداً, لزم منه وجود الشيء, لكن لم يسألوا عنه, فما قالوا: يا رسول الله, كيف استوى؛ وذلك لأدبهم مع الله ورسوله, وعلمهم بأن هذا الأمر لا يمكن الوصول إليه ولم يأتِ مثل هذه الإيرادات إلا من الخلف الخالفين, فعلى هذا نقول: إن السؤال عنه بدعة.

الوجه الثاني: أن السؤال عنه من سمات أهل البدع, هم الذين يقولون كيف استوى؟ كيف ينزل؟ كيف يأتي؟ كيف يده؟ كيف وجهه؟ وما أشبه ذلك, فلا أحد يسأل عن الكيفية إلا وهو مبتدع, ونقول بذلك في جميع الصفات مثل ينزل إلى السماء الدنيا كيف ينزل؟ نقول: النزول معلوم, والكيف مجهول, والإيمان به واجب, والسؤال عنه بدعة, وهذه في الحقيقة قاعدة عظيمة, ألهمها الله -تعالى- للإمام مالك -رحمه الله- فصارت نبراساً يسير عليه الناس. انتهى.



الفقيرُ إلى رَبِّ العالمين
أبو عبد الله هيثم آل فايد

اهتمام السلف بتعليم الأطفال التوحيد

اهتمام السلف بتعليم الأطفال التوحيد


إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يَهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فأشرف ما يتعلمه المرء دينه، وأشرف ما فيه توحيد الله عز وجل، لأنه يتعلق بمعرفة الله عز وجل، وما له من أسماء حسنى وصفات عليا وما يجب من حقه سبحانه وتعالى، فإن شرف العلم بشرف المعلوم، لهذا كانت العقيدة أشرف العلوم وأفضلها.
قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله في ((تفسيره)): ((إنّ العلم بالله، وأسمائه، وصفاته أشرف العلوم، وأجلها على الإطلاق لأنّ شرف العلم بشرف المعلوم، والمعلوم في هذا العلم هو الله سبحانه، وتعالى بأسمائه، وصفاته وأفعاله، فالاشتغال بفهم هذا العلم اشتغال بأعلى المطالب، وحصوله للعبد من أشرف المواهب)) اهـ.
فتعلم العقيدة والتوحيد أهم المهمات وأوجب الواجبات، فكان لزاما على المرء أن يتعلم ما يجب عليه من توحيد الله وإفراده عز وجل بما يختص به وما يجب إفراده من عبادة ومعرفته من أسمائه وصفاته.
كما يجب على كل مسلم أن يسعى في تعلم التوحيد لمن تحت يديه ومن في رعايته، { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا }، ولأنه مسؤول عنهم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته)) والحديث متفق عليه.
وينشأُ ناشئُ الفتيـانِ منـَّا *** على ما كان عوَّدهُ أبـوه
لهذ جاء في كتاب الله العزير دعاء نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة: 128].
ومن دعائه: { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ } [الصافات: 100].
وكان زكريا يدعو: { رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران: 38].
ويدعو أيضًا:{ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74].
ومدح الله عز وجل عباد الرحمن بقولهم: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74].
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((تحفة المودود بأحكام المولود)): ((فإذا كان وقت نطقهم فليلقنوا لا إله إلا الله محمد رسول الله وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتوحيده وأنه سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم وهو معهم أينما كانوا وكان بنو إسرائيل كثيرا ما يسمون أولادهم بعمانويل ومعنى هذه الكلمة إلهنا معنا)) اهـ. 
وقد ألف الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كتابا موسوما بـ ((تعليم الصبيان التوحيد)) قال فيه: ((فهذه رسالة نافعة. فيما يجب على الإنسان أن يعلم الصبيان قبل تعلمهم القرآن)) اهـ.


وكذلك على المسلم أن يحرص على تعلم أبنائه ما يضاد التوحيد ويخدشه، والاهتمام بهذا الأمر.
ولهذا جاء: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35].
وكذلك: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35].



وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يعلم النشء التوحيد. 
فعن جندب بن عبد الله قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانا).
أخرجه ابن ماجه في ((السنن)) وغيره وصححه الألباني وفي زيادة عند الطبراني في ((المعجم الكبير)) والبيهقي في ((الكبرى)) في ((شعب الإيمان)) ((وإنكم اليوم تعلمون القرآن قبل الإيمان)) قال العراقي في تخريج الإحياء: وهو صحيح.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال: ((يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك؛ احفظ الله تجده تجاهك؛ إذا سألت فسأل الله , وإذا استعنت فاستعن بالله , واعلم أن الأمة لو اجتمعت علي أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك , وإن اجتمعوا علي أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)).
أخرجه الترمذي في ((السنن)) وغيره وصححه الألباني.
وعن عائشة قالت: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا فقال: ((يا فاطمة بنت محمد يا صفية بنت عبد المطلب يا بني عبد المطلب لا أملك لكم من الله شيئا سلوني من مالي ما شئتم)). 
أخرجه مسلم.
وفاطمة رضي الله عنها كانت صغيرة عندما بعث عليه الصلاة والسلام.
وعلم سبطه الحسن بن علي رضي الله عنهما دعاء القنوت وعلم ربيبه عمرو بن سلمة أن يسم الله عند الأكل، وفي هذا استعانة بالله عز وجل.


أما ما جاء عن سلفنا الصالح.
ابن عمر يقول: (لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدثنا يؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فيتعلم حلالها وحرامها وما ينبغي أن يوقف عنده فيها كما تعلمون أنتم القرآن).
أخرجه الحاكم في ((المستدرك)) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولا أعرف له علة و لم يخرجاه. 
وقال الذهبي: على شرطهما ولا علة له.
وقال العلامة مقبل الوادعي في ((تعليقه على مستدرك الحاكم)): كلا ، هلال بن العلاء وأبوه ليسا من رجال الشيخين، كما في ((تهذيب التهذيب))، ((ثم أن هلال بن العلاء ضعيف، ففي ((تهذيب التهذيب)) قال أبو حاتم: منكر الحديث ضعيف الحديث عنده عن يزيد بن زريع أحاديث موضوعة وقال النسائي هلال بن العلاء روى عن أبيه غير حديث منكر فلا أدري منه أتى أو من أبيه، والقاسم بن عوف الشيباني من رجال مسلم وهو مختلف فيه)) اهـ.
وطريق هلال بن العلاء عن أبيه لها متابع علي بن معبد عند الطحاوي في ((بيان مشكل الآثار)) وله متابعة أيضا عند ابن منده في ((الإيمان)) والبيهقي في ((الكبرى)) ومن طريق ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)).
قال محقق في ((المشكل)): ((فيه علي بن معبد ثقة، ومن فوقه من رجال الشيخين غير القاسم بن عوف فقد روى له مسلم حديثا واحدا، وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث، ومحله عندي الصدق، وذكره ابن حبان في الثقات)) اهـ.
وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)): رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح.
وعن إسحاق بن عبد الله عن جدته أم سليم أنها آمنت برسول الله قالت فجاء أبو أنس وكان غائبا فقال أصبوت قالت ما صبوت ولكني آمنت بهذا الرجل قالت فجعلت تلقن أنسا وتشير إليه قل لا إله إلا الله قل أشهد أن محمدا رسول الله قال ففعل قال فيقول لها أبوه لا تفسدي علي ابني فتقول إني لا أفسده 
أخرجه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)).
وكان علي بن الحسين، يعلم ولده، يقول: (قل آمنت بالله وكفرت بالطاغوت).
أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)).
وعن إبراهيم التيمي قال: (كانوا يستحبون أن يلقنوا الصلاة، ويعرب أول ما يتكلم يقول: لا إله إلا الله سبع مرات، فيكون ذلك أول شيء يتكلم به).
أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)).
وعن حماد بن زيد قال: كنت في الكتاب، وأنا صغير، علي ذؤابة فجاء عمرو بن عبيد حتى وقف على رأسي فقال: يا غليم ما تقول في الدعوة فقلت: أما الدعوة فعامة، وأما المنة فخاصة، فجر بذؤابتي، فقال: علموك الكفر صغيرا.
أخرجه ابن الأعرابي في ((المعجم)).
والمقصد بقوله: (الدعوة عامة) أي: الدعوة للإسلام لكل أحد، وقوله: (المنة فخاصة) أي: الهداية عطية وتوفيق من الله.


كما حذر السلف الصالح الصبيان مما يدنس توحيدهم وصحيح أعتقادهم.
عن معمر، قال: كنت عند ابن طاوس في غدير له، إذ أتاه رجل يقال له صالح، يتكلم في القدر، فتكلم بشيء منه، فأدخل ابن طاوس أصبعيه في أذنيه وقال لابنه: (أدخل أصبعيك في أذنيك واشدد, حتى لا تسمع من قوله شيئا، فإن القلب ضعيف).
أخرجه ابن بطة في ((الإبانة الكبرى)).
وعن أم بكر بنت المسور ، أن المسور سمع ابنا له وهو يقول: أشركت بالله ، أو كفرت بالله فضربه ، ثم قال : قل : استغفر الله آمنت بالله ، ثلاثا.
أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)).
وعن قتادة قال: ثنا مطرف [بن عبد الله الشخير]، قال: كنا نأتي زيد بن صوحان وكان يقول: يا عباد الله أكرموا وأجملوا فإنما وسيلة العباد إلى الله بخصلتين الخوف والطمع.
فأتيته ذات يوم وقد كتبوا كتابا فنسقوا كلاما من هذا النحو: إن الله ربنا ومحمدا نبينا والقرآن إمامنا ومن كان معنا كنا وكنا له ومن خالفنا كانت يدنا عليه وكنا وكنا.
قال: فجعل يعرض الكتاب عليهم رجلا رجلا.
فيقولون: أقررت يا فلان؟
حتى انتهوا إلي فقالوا: أقررت يا غلام؟
قلت: لا.
قال: لا تعجلوا على الغلام، ما تقول يا غلام؟
قال: قلت: إن الله قد أخذ علي عهدا في كتابه فلن أحدث عهدا سوى العهد الذي أخذه الله عز وجل علي.
قال: فرجع القوم عند آخرهم ما أقر به أحد منهم.
قال: قلت لمطرف: كم كنتم؟ 
قال: زهاء ثلاثين رجلا.
أخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) ومن طريق ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) وأبو نعيم في ((حلية الأولياء وطبقات الأصفياء)) من طريق ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) والذهبي في ((سير أعلام النبلاء)).
وأختم بكلام قيم للإمام ابن القيم رحمه الله في ((تحفة المودود بأحكام المولود)) يحذر من إهمال تعليم الصبيان، قال: ((فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء إليه غاية الإساءة وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا كما عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال يا أبت إنك عققتني صغيرا فعققتك كبيرا وأضعتني وليدا فأضعتك شيخا)) اهـ. 
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
✍️ كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الأربعاء 1 جمادى الآخرة سنة 1440 هـ 
الموافق لـ: 6 فبراير سنة 2019 ف

التحذير من التسرع في التكفير - العلامة محمد آدم الإتيوبي حفظه الله

قال العلامة الإتيوبي رحمه الله:
(المسألة السادسة):
ا[اعلم]: أن مذهب أهل الحق، أنه لا يُكَفَّر أحد من أهل القبلة بذنب، ولا يكفر أهل الأهواء والبدع، وأن من جحد ما يُعلم من دين الإسلام ضرورة، حُكم بردته وكفره، إلَّا أن يكون قريب عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة، ونحوه ممن يخفى عليه، فيُعَرَّف ذلك، فإن استمر حُكم بكفره، وكذا حكم من استحل الزنا، أو الخمر، أو القتل، أو غير ذلك من المحرمات التي يُعلم تحريمها ضرورة، ذكره النووي في "شرحه" (1)
:وقال الحافظ السيوطيّ رحمه الله تعالى في الكوكب الساطع
وَلَا نَرَى تَكْفِيرَ أهْلِ الْقِبْلَةِ ... وَلَا الْخُرُوجَ أَيْ عَلَى الأَئِمَّةِ
وقلت في "شرحي" عليه: أشار به إلى ما قاله الشافعيّ، وأبو حنيفة، والأشعريّ: لا نكفّر أحدًا من أهل القبلة بذنب أجرمه، وروى البيهقيّ بسند صحيح أن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما سُئل، هل كنتم تسمّون من الذنوب كفرًا، أو شركًا، أو نفاقًا؟ قال: معاذ الله، لكنّا نقول: مؤمنون مذنبون
وقال الإمام الذهبيّ رحمه الله تعالى في "سير أعلام النبلاء" 15/ 88 - في ترجمة أبي الحسن الأشعريّ رحمه الله تعالى ما نصّه: رأيت للأشعريّ كلمة أعجبتني، وهي ثابتةٌ، رواها البيهقيّ، سمعت أبا حازم العبدريّ، سمعت زاهر بن أحمد السرخسيّ يقول: لَمّا قرب أجل أبي الحسن الأشعريّ في داري ببغداد، دعاني، فأتيته، فقال: اشهَدْ عليّ أني لا أكفّر أحدًا من أهل القبلة؛ لأن الكلّ يُشيرون إلى معبود واحد، وإنما هذا كله اختلاف العبارات. قال الذهبيّ: وبنحو هذا أدين، وكذا كان شيخنا ابن تيميّة في أواخر أيامه يقول: أنا لا أكفّر أحدًا من الأمة، قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُحافظ على الوضوء إلَّا مؤمن" (2). فمن لازم الصلوات بوضوء، فهومسلم. انتهى كلام الذهبيّ رحمه الله تعالى
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله هؤلاء الأئمة من عدم تكفير أهل القبلة بالذنوب هو الحقّ، فينبغي التنبّه له، وعدم التسرّع إلى القول بتكفير أحد منهم إلَّا ببيّنة واضحة، لا يُقبل معها التأويل، هذا على الجملة، وأما من حيث التفصيل، فمن قامت بَيِّنَةٌ واضحة على أنه ارتكب ما يخرجه من الإسلام، فلا يُتَوَقَّفُ في تكفيره، فتنبّه، ولا تكن من الغافلين، والله تعالى أعلم بالصواب
هذه جُمَلٌ من المسائل المتعلقة بالإيمان، قدمتها في صدر الكتاب، تمهيدًا لكونها مما يكثر الاحتياج إليها، ولكثرة تكرارها وتردادها في الأحاديث، فقدمتها في موضع واحد، ليسهل فهمها، ويقرب إدراكها، ويتيسّر الإحالة عليها، إذا مرّ في الأبواب الآتية ما يتعلّق بها. والله أعلم بالصواب، وله الحمد والنعمة، ومنه التوفيق والعصمة
إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} - هود: [88}

_______________________
(1) "شرح النوويّ" 1/ 144 - 150
(2) حديث صحيح. أخرجه أحمد، والدارميّ، والحاكم، وابن حبّان
المصدر : البحر المحيط الثجاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - 1/57

الأحد، 1 ديسمبر 2019

النهي عن الحمامات الشعبية للنساء مثل الحمام البخاري في وقتنا هذا.

وقد سئلت اللجنة الدائمة الإفتاء هذا السؤال

ما الحكم في الحمامات البخارية، هل يجوز دخولها للنساء والرجال بدون إزار حيث قد انتشرت بكثرة؟
الإجابة:

دخول الحمامات البخارية للرجال بدون إزار فيه نهي شديد، فقد ثبت من حديث جابر رضي الله عنه: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر» (رواه النسائي والحاكم وصححه على شرط مسلم، وله شواهد). وأما النساء فهن منهيات عن دخول الحمامات، فعن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت لنسوة دخلن عليها: أنتن اللائي يدخلن نساؤكن الحمامات؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت الستر بينها وبين ربها» (رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي). وفي (مسند الإمام أحمد) وحسن إسناده الحافظ ابن كثير، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا أيها الناس: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بإزار، ومن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر فلا تدخل الحمام». وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: وروى الإمام أبو يعلى الموصلي والحافظ أبو حاتم محمد بن حبان في (صحيحه) الملقب بـ: (الأنواع والتقاسيم) من حديث محمد بن ثابت بن شرحبيل، عن عبد الله بن يزيد الخطمي، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر من نسائكم فلا تدخل الحمام»، قال: فقلت ذلك لعمر بن عبد العزيز في خلافته، فكتب إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن سل محمد بن ثابت عن حديثه فإنه مرضي، فسأله ثم كتب إلى عمر فمنع النساء عن الحمام، فهذا عمر بن عبد العزيز قد نفذ هذه السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي»، وأجمع المسلمون قاطبة على أن عمر بن عبد العزيز من الأئمة المهديين، والخلفاء الراشدين، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون. انتهى كلامه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.