بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 21 مايو 2014

تحذير العلماء السلفيين من القصاصين

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
صلى الله عليه وسلم وبعد ،،،
إن مما حل علينا في هذا الزمان بعض من الناس يقال لهم علماء أو دعاة أو وعاظ وهم في الحقيقة ليسوا كذلك بل هم من جملة القصَّاصين الذين يرتادون المساجد وأماكن تجمع الناس وقد حذَّرمنهم السلف أشدَّ تحذير لما يعود على الأمة الإسلامية بسببهم من أضرار جسيمة في دينهم وبخاصة كبار السن والنساء وفي هذه الوريقات سنبين من هم القصَّاص الذين حذر منهم السلف الصالح :
معنى القصص :
القصص- بالفتح- الخبر المقصوص ، وضع موضع المصدر حتى صار أغلب عليه ، وفي الاستعمال : هو فن مخاطبة العامة بالاعتماد على القصِّة .
سؤال قد يطرأ على البعض :
قد يقال إن هؤلاء القصِّاص يذكرون ويعظون الناس حتى يقربونهم إلى الله بالقصص فلماذا ينكر عليهم وهم يفعلون الخير ؟
فنقول : " الموعظة هي مرادفة للفظ التذكير إنما كانت في شرع الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بياناً لأحكام الشريعة وترغيباً فيها وترهيباً من تجاوز حدود الله فيها قال الله تعالى : ( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(البقرة: من الآية231) والحكمة هي السنة وقال الله تعالى عن قصص الوحي في القرآن : (وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) (هود:120)وفي قصص الوحي اليقيني ما يغني الداعي إلى الله على منهاج النبوة عن قصص الفكر الظني " من كتاب مهذب تحذير الخواص من أكاذيب القُصاص [ص6ٍٍ].
أثر القُصاص السئ :
" استطاع هؤلاء القُصَّاص أن يؤثروا على العامة تأثيراً سيئاً ، ويتمثل هذا الأثر في أن حقيقة الإسلام قد شُوِّهت في أذهانهم بسبب ما يسمعون من أولئك القصَّاص ؛ فاعتقدوا البدعة سنة ، والسنة بدعة وأصبحت الأكاذيب عندهم ممزوجة بنصوص الدين الثابتة ، وشاعت بين العامة بسبب القُصَّاص الأحاديث الموضوعة والضعيفة ".

ولذلك فإن العوام ودعاة الابتداع كانوا ابتدأً معارضين لكل مصلح صادق من الدعاة والعلماء ، وقد أشاد ابن قتيبة رحمه الله إلى أثرهم السئ فقال : " فإن القُصَّاص يُمِيلُون وجوه العوام إليهم ، ويستدرُّون ما عندهم بالمناكير والغريب والأكاذيب من الأحاديث ومن شأن العوام القعود عند القاص ما كان حديثه عجيباً خارجاً عن فِطَر العقول ، أو كان رقيقاً يحزن القلوب ويستغزر العيون " ومن استعراض الأحاديث الشائعة بين عامة الناس نجد أن معظم الأحاديث الباطلة إنما سمعوها من القصَّاص . ولذلك تراهم رغبة في قبول السامعين لهم يسارعون في ابتغاء مرضاة العامة وسرورهم أكثر من حرصهم على تقويمهم وعلى تعليمهم حتى أضحى القاص كالمُغَنِّي الذي لا هم له إلا إطراب السامعين إن هؤلاء القصاص قوم مهمتهم الكلام ، وغايتهم أن يستحوذوا على إعجاب السامعين .
القصَّاص والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر الأحاديث الضعيفة والموضوعة

قال الدارقطني في مقدمة " كتاب الضعفاء والمتروكين " : توعد صلى الله عليه وسلم بالنار من كذب عليه بعد أمره بالتبليغ عنه ففي ذلك دليل على أنه إنما أمر أن يبلغ عنه الصحيح دون السقيم والحق دون الباطل لا أن يبلغ عنه جميع ما روى لأنه قال صلى الله عليه وسلم :" كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ماسمع " أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة فمن حدَّث بجميع ما سمع من الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يميز صحيحها وسقيمها وحقَّها من باطلها باء بالإثم وخيف عليه أن يدخل في جملة الكاذبين على رسول الله صلى الله عليه وسلم بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه منهم في قوله :" من روى عني حديثاً يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " فظاهر هذا الخبر دال على أن كل من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً وهو شاك فيه : أصحيح أو غير صحيح ؛ يكون كأحد الكاذبين لأنه صلى الله عليه وسلم قال :" من حدث عني حديثاً وهو يرى أنه كذب ..." ولم يقل : وهو يستيقن أنه كذب .
الأحاديث والآثار الدالة على الحذر من القُصَّاص

1- قال صلى الله عليه وسلم :" سيكون في آخر الزمان أناس من أمتي يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم" ذكره مسلم في خطبة كتابه من حديث أبي هريرة وهو صحيح على شرط الشيخين . قال الحافظ زين الدين العراقي في كتابه المسمى بـ[ الباعث على الخلاص من حوادث القُصَّاص]: ثم إنهم- يعني القُصَّاص ينقلون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير معرفة بالصحيح والسقيم قال : وإن اتفق أنه نقل حديثاً صحيحاً كان آثماً في ذلك ؛ لأنه ينقل مالا علم له به وإن صادف الواقع كان آثم
2- روى الطبراني عن خبَّاب بن الأرت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إن بني إسرائيل لما هلكوا قصُّوا" قال : فأشار عمر إلى تميم أنه الذبح لما يخشى عليه من الترفع عليهم والإعجاب بنفسه .
يقول الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة "ج/3" وأقول: ومن الممكن أن يقال : إن سبب هلاكهم اهتمام وعَّاظهم بالقصص والحكايات دون الفقه والعلم النافع الذي يعرِّف الناس بدينهم فيحملهم ذلك على العمل الصالح لمَّا فعلوا ذلك هلكوا وهذا شأن كثير من قصَّاص زماننا الذين جل كلامهم في وعظهم الاسرائيليات والرقائق والصوفيات نسأل الله العافية .
3- وروى الطبراني ، عن عمروبن زرارة قال :" وقف علىَّ عبدالله بن مسعود وأنا أقص ، فقال :" ياعمرو لقد ابتدعت بدعة ضلالة أو إنك لأهدى من محمد
صلى الله عليه وسلم وأصحابة فقال عمرو بن زرارة : فلقد رأيتهم تفرقوا عني حتى رأيت مكاني مافيه أحد . قال الحافظ زين الدين :" ثم إنهم ينقلون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير معرفة بالصحيح والسقيم " قال :" ولو نظر أحدهم في بعض التفاسير المصنفة لا يحل له النقل منها ؛ لأن كُتُب التفاسير فيها الأقوال المنكرة والصحيحة ومن لا يميز صحيحها من منكرها لا يحل له الاعتماد على الكتب قال : وليت شعري كيف يقْدُم من هذه حاله على تفسير كتاب الله ؟ أحسن أحواله أن لا يعرف صحيحه من سقيمه .
4- وأخرج ابن أبي شيبة والمروزي عن ابن عمر قال :" لم يقص على عهد النبي
صلى الله عليه وسلم ولا عهد أبي بكر ولا عهد عمر ولا عهد عثمان ، إنما كان القصص حيث كانت الفتنة .
5- وأخرج المروزي عن سالم أن ابن عمر كان يُلقَى خارجاً من المسجد فيقول :" ما أخرجني إلا صوت قاصكم هذا ".
6- وأخرج ابن أبي شيبة عن جرير بن حازم أبي النضر قال :" سأل رجل محمد بن سيرين : ماتقول في مجالسة هؤلاء القُصَّاص ؟ قال : لا آمرك به ، ولا أنهاك عنه . القصص أمر محدث أحدثه هذا الخلق من الخوارج .
7- وأخرج أحمد في [ الزهد] عن أبي المليح قال :" ذكر ميمون القصَّاص فقال : لا يخطئ القاص ثلاثاً .. إمَّا أن يسمن قوله بما يهزل دينه – وإمَّا أن يعجب بنفسه – وإمَّا أن يأمر بما لا يفعل .
8- قال ابن الحاج في [ المدخل] مجلس العلم ..المجلس الذي يذكر فيه الحلال والحرام واتباع السلف لا مجالس القصَّاص فإن ذلك بدعة . وقد سئل مالك- رحمه الله- عن الجلوس إلى القصَّاص فقـال : " ما أرى أن يجلس إليهم اً بإقدامه على ما لا يعلم .

وإنه ليجلس إلى الرجل العالِم الساعة فما يقوم حتَّى يفيد منه شيئاً .

9 ـ أخرج الخطيب في الجامع (2/164-165 رقم 1500 ) عن أيوب أنه قال : ما أمات العلم إلا القصاص ، إن الرجل ليجلس إلى القاص برهة من دهره فلا يتعلق منه بشئ ،
وإن القصص لبدعة
.

ذكر في كتاب [ القُصَّاص والمذكرين] تأليف الحافظ أبي الفرج ابن الجوزي وفيه فوائد لم يتقدم لها ذكر قال في أوله :
سأل سائل فقال : نرى كلام السلف يختلف في مدح القصَّاص وذمهم فبعضهم يحرض على الحضور عندهم وبعضهم بنهى عن ذلك ونحن نسأل أن تذكر لنا فصلاً يكون فصلاً لهذا الأمر .
فأجبت:" إنما كره بعض السلف القصص لأحد ستة أشياء :
أ‌- أن القوم كانوا على الإقتداء والإتباع فكانوا إذا رأوا ما لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكروه .
ب‌- أن القصص لأخبار المتقدمين يندر صحته .
ت‌- أن التشاغل بذلك يشغل عن المهم من قراءة القرآن ورواية الحديث والتفقه في الدين .
ث‌- أن في القرآن من القصص وفي السنة من العظة ما يكفي عن غيره ممَّا لا يتيقن صحته .
ج‌- أن أقواماً قصُّوا فأدخلوا في قصصهم ما يفسد قلوب العوام .
ح‌- أن عموم القُصَّاص لا يتحرون الصواب ولا يحترزون من الخطأ لقلة علمهم وتقواهم .
ثم أخرج بسنده عن جرير بن حازم قال : سأل رجل محمد بن سيرين عن القصص فقال : بدعة إن أولما أحدث الحرورية القصص- والحرورية هم الخوارج - .
قال : ولمَّا أظهرت الخوارج القصص وأكثرت منه كُرِه التشبه بهم .

قال الدكتور محمد الصبَّاغ في كتابه " تاريخ القصاص" نقلاً من محقق كتاب " المذكرة والتذكير والذكر" ص/30 بتصرف : " وقد يظن ظان أن موضوع إفساد القصَّاص لم يعد موجوداً الآن وإنما هو أمر تاريخي بحت لا يتصل اليوم بواقع الحياة والناس وهذا ظن خاطئ بعيد عن الصواب ذلك لأن هؤلاء القصَّاص ما زالوا مع الأسف موجودين بأسماء أخرى يعيثون في الأرض فساداً ولئن كان المخادعون الدجالون يظهرون تحت عنوان ( القصَّاص) فيما مضى فإنهم يظهرون في أيامنا هذه تحت عنوان ( الداعية) و(الموجه) و( المربي) و ( الأستاذ) و ( الكاتب) و ( المفكر) ... وما إلى ذلك من الألقاب الرنَّانة ويبدو أن المجاملة التي ليست في محلها ساهمت في تأخير كشف حقيقة هذا النَّفر ...
فما يزال كثير من الناس لا يعرفون هؤلاء القوم على حقيقتهم ويخلطون بين هؤلاء الجهال وبين الدعاة إلى الله الواعين الصادقين " أهـ
أخواني الأحبة بعد أن عُرض عليكم بعضاً من الأدله من أقوال السلف في ذم القُصَّاص الذين قد فَتَنُوا الأمة بجهلهم فقد يحضر للقاص الآلاف المؤلَّفة ولا يحضر للعالم المتبحر في العقيدة وفي أمور الدين إلاَّ القليل القليل النادر فياليت قومي يعلمون !!!

التحذير من القصاص وبيان أنهم ليسوا بعلماء ولا دعاة
بسم الله الرحمن الرحيم
(( الدعوة إلى الله بالموعظة لا بالقصص ))
أنزل الله كل كتبه وأرسل كل رسله وشرع كل شرائع دينه موعظة لخلقه ؛ قال الله تعال عن رسوله موسى وكتابه التوراة : {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ }(لأعراف:145)،وقال الله تعالى عن رسوله عيسى وكتابه الإنجيل : ) {وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} (المائدة:46) ، وقال
تعالى عن خاتم رسله وكتابه القرآن : ) {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ }(البقرة:
231) بعد ذكر أحكام الطلاق في سورة البقرة ؛ قال أكثر المفسرين الأوائل القدوة : الحكمة هي السنة ، وقال بعضهم : الحكمة الدين ، وقال آخرون : الحكمة الشرع والمعنى واحد .
وقال الله تعال في بيان كفارة الظهار : {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ } (القصص:3) وقال تعالى عن قول الإفك : {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (النور:17) وقال تعالى عن كل أمره ونهيه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ } إلى قوله : {يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النحل:90) وقال تعالى عن موعظة لقمان لابنه : {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} ،(لقمان:13) {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (لقمان:17) وكان الأمر بإفراد الله بالعبادة والنهي عن الشرك بالله في عبادته أول ما دعا إليه رسل الله ( صلوات الله وسلام وبركاته عليهم أجمعين ) في مواعظهم لأقوامهم استجابة لأمر الله تعالى : {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } (النحل:36) ، ثم التزام ما أمر الله به من حقوق التوحيد ، واجتناب ما نهى الله عنه مما هو دون الشرك كما قال الله تعالى : )إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ (النساء:48)
وعلى هذه السنة ثبت فقهاء القرون المفضلة لا يرون الموعظة إلاالدعوة إلى الله على بصيرة من الكتاب والسنة تذكيراً بالله وحثاً على فعل ما أمر به ، ونهياً عما نهى عنه ، وتعليماً لأحكام شريعته في الاعتقاد أولاً ثم العبادات ثم المعاملات .
ثم خلقت من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون ويفعلون مالا يؤمرون ؛ وبخاصة بعد أن ذرّ قرن الفكر الموصوف زوراً بالإسلامي بعودة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده من باريس ودعوتهما إلى (( تحرير الفكر من قيد التقليد )) ، وكانت بداية الانحراف – في هذا العصر – عن الوحي والفقه إلى الفكر والظن والعاطفة ، وهان على كثير من المسلمين – مهما كان مبلغهم من العلم وجوداً أو عدماً – القول على الله والحكم على شرعه حسب فكرهم واقتناعهم أي : حسب هواهم ، وقد حذّر الله عباده من سوء هذا المنقلب فقال تعالى { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} (النجم:23) . وتبعاً لذلك تحول أكثر مشاهير شباب الدعاة عن منهاج النبوة في الدعوة إلى الله من الموعظة الحسنة بآيات الكتاب المبين والصحيح من سنة الرسول الكريم كما فهمها سلف الأمة المعتدَّ بهم (لتثبيت الاعتقاد وتعليم أحكام الإسلام ،وتحبيب الخالق إلى خلقه وترغيبهم في ثوابه وترهيبهم من عقابه )إلى ما أنتجه الفكر غير المعصوم من تلاعب بالألفاظ وتخيلات ظنّية لأخبار ظنّية عن الحوادث والطوارئ السابقة واللاحقة ، وتحولت الدعوة إلى الله موعظة شرعية للفرد أو الجماعة إلى (محاضرات) و(ندوات) و(مهرجانات) يختلط فيها الحق بالباطل والآية ( المحكمة والمتشابهة ) والحديث ( الصحيح والضعيف والموضوع ) بالقصص والشعر والأمثال والفكاهة وفنون اللغة الدّارجة ، يغلب عليها الاهتمام بالأدنى دون الأعلى وبالمهم (أو غير المهم ) قبل الأهم .
ولأن النّفس أمّارة بالسّوء إلاّ ما رحم ربي ، ولأن الشّيطان يجري من ابن أدم مجرى الدّم ، ولأن الأهواء تتجارى بالعواطف كما يتجارى الكلَب بصاحبه ، ولأن أكثر الناس لا يؤمنون ولا يشكرون ولا يعلمون ولا يفقهون كما بين الخلق المعبود سبحانه وبحمده ، فإن أكثر المسلمين بعد أن غيّر الدعاة القصّاص فطرتهم – صاروا يقبلون عليهم وينفرون من الدّعوة
على منهاج النبوة فازداد عدد القصّاص ونقص عدد الواعظين مما يذكّر بقول الله تعالى : {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} (الجـن:6)على الرّأيين في مرجع الضّمير في قوله : { فَزَادُوهُمْ } ، فالجناية على الدّعوة والجاني القاصّ والمعجبون به معاً وقد بدأ الانحراف من الواعظ إلى القصص مبكراً ،ولكن فقهاء الصحابة رضي الله عنهم ومن تبع منهاجهم وقفوا له بالجهاد وبيّنوا ضلاله ونهوا عنه ؛ تجد ذلك مفصّلاً في:
1) (كتاب القصّاص والمذكرين )، لابن الجوزي (ت 597) رحمه الله .
2) عدد من مؤلفات ابن تيمية (ت 728) رحمه الله ، تصدّى للقصّاص فيها .
3) (كتاب الباعث على الخلاص من حوادث القصّاص ) للحافظ العراقي (ت806) رحمه الله
4) (كتاب تحذير الخواص من أكاذيب القصّاص ) للسيوطي (ت 911) رحمه الله .
وإليك طرفاً مما تضمّنته هذه المؤلفات تعريفاً بالقُصّاص وتحذيراً منهم ورداً إلى الله : قال محقق (تحذير الخواص):القصص في الاستعمال من مخاطبة العامة بالاعتماد على القصّة ..وقد أشار ابن الجوزي إلى هذا فقال (فالقاص هو الذي يُتبع القصة الماضية بالحكاية عنها والشرح لها )، فقلت : وشرٍّ منها الحكايات الجديدة والإشاعات ، وأخبار وسائل الإعلام ، والشعر والتمثيل والفكاهة .
وروى ابن ماجة بسند حسن عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : (لم يكن القصص في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا زمن أبي بكر ولا زمن عمر )، ورواه أحمد والطبراني عن السائب بن يزيد بنحوه ، وفي رواية عن ابن عمر : (إنما كان القصص حيث كانت الفتنة ) وروى الطبراني بسند جيد عن عمرو بن دينار أن تميماً الدّاريّ استأذن عمر في القصص فأبى أن يأذن له (مرتين )، وفي الثالثة قال له (إن شئت ) وأشار أنه الذبح .وروى الطبراني عن خباب بن الأرت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( إن بني إسرائيل لمّا هلكوا قصّوا )).
وروى الطبراني عن عمر بن زرارة قال : وقف علىّ عبد الله بن مسعود وأنا أقص فقال : (يا عمرو ، لقد ابتدعت بدعة ضلالة ، أو أنك أهدى من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه )، قال عمرو : فلقد رأيتهم تفرقوا عني حتى رأيت مكاني ما فيه أحد .
وأخرج عبد بن حميد في تفسيره عن قيس بن سعد قال : جاء ابن عباس حتى قام على عبيد بن عمير وهو يقصّ ، فقال له : {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ }(مريم:41) {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ } (مريم:54) {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ } (مريم:56) ذكّر بأيام الله ، واثن على من أثنى الله عليه ).
وأخرج ابن أبي شيبة عن جرير بن حازم عن محمد بن سيرين قوله : (القصص أمر محدث أحدثه هذا الخلق من الخوارج ).
وأخرج أحمد في (الزهد) عن أبي المليح قال ذكر ميمون القُصّاص فقال : (لا يخطئ القاصّ ثلاثاً : إما أن يسمن قوله بما يهزل دينه ، وإما أن يُعجب بنفسه ، وإما أن يأمر بما لا يفعل ).
وقال ابن الحاج في (المدخل) : (مجلس العلم الذي يُذكر فيه الحلال والحرام واتباع السلف رضي الله عنهم ، لا مجالس القُصّاص فإن ذلك بدعة ، وقد سئل مالك رحمه الله تعالى عن الجلوس إلى القُصّاص ، فقال : (ما أرى ان يجلس إليهم وإن القَصص لبدعة ) .
وروى عن يحيى بن يحيى ( عالم الأندلس في عصره ) : سمعت مالكاً يكره القَصص فقيل له : يا أبا عبد الله فإن تكره مثل هذا فعلام كان يجتمع من مضى ؟ قال : (على الفقه ).
وفي تاريخ ابن جرير في حوادث سنة 279 : نودي في بغداد : ألاّ يقعد على الطريق ولا في المسجد الجامع ينهى الناس عن الاجتماع إلى قاص ويُمنع القصاص من القعود ) اهـ .
وختم الحافظ العراقي كتابه : (الباعث على الخلاص من حوادث القصاص ) بقوله : (فيجب على ولاة أمور المسلمين منع هؤلاء من الكلام مع الناس ).
وذكر الحافظ ابن الجوزي في أول (كتاب القصاص والمذكرين ) من أسباب كراهية السلف القصص :
(1) أنهم إذا رأوا ما لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكروه .
(2) أن القصص لأخبار المتقدمين يندر صحته .
(3) أنه يشغل عما هو أهم من تدير القرآن ورواية الحديث والتفقه في
الدين .
(4) أن في القرآن والسنة من العظة ما يغني عن غيره ممّا لا يُتيقن صحته .
(5) أن عموم القصاص لا يتحرون الصواب .
(6) اغترار العوام [وأشباههم من المثقفين والمفكرين والحركيين] بما يسمعون من القصاص فلا ينكرون ما يقولون ، ويخرجون من عندهم فيقولون : قال العالم / فالعالم عند العوام من صعد المنبر .
(7) أن القصاص يأخذون الحديث شبراً [بلا تمحيص] فيجعلونه ذراعاً.
قال محقق (تحذير الخواص ) – في مقدمته : (يتمثل تأثير القصاص السيئ على العامة في أن حقيقة الإسلام قد شوهت في أذهانهم فاعتقدوا البدعة سنة والسنة بدعة ، وأصبحت الأكاذيب عندهم ممزوجة بنصوص الدّين الثابتة ...فكان العوام ودعاة الابتداع أبداً معارضين لكل مصلح صادق من الدعاة والعلماء ...وآثر فريق من العلماء المسالة فسكتوا خوفاً من القصاص وسلطانهم [على العامة] وإيثاراً للعافية ...وترى القصاص رغبة في قبول السامعين لهم يسارعون في ابتغاءمرضاة العامة أكثر من حرصهم على تقويمهم وتعليمهم وأضحى القاص كالمغني [والممثل والمهرّج ]لا همّ له إلا إطراب السامعين . إن هؤلاء القصاص قوم مهمتهم الكلام وغايتهم أن يستحوذ على إعجاب السامعين ).
والواقع أن دعاة القصص والشعر والفكاهة والتهريج والتّهييج – وهم أشهر وأكثر الدعاة اليوم عفا الله عنا وعنهم – حوّلوا الموعظة بل وخطبة الجمعة المفروضة إلى ما يشبه برامج (ما يطلبه المستمعون ) في الإذاعات العربية لرغبة الأغلبية في الهزل ورغبتهم عن الجد فقدم القصاص لعامة الناس ما يرضيهم - لا ما ينفعهم مما شُرعت الموعظة لتحقيقه في مقابل شهرتهم وإذاعة صيتهم والإقبال على مجالسهم ، مما يذكّر بقول الله تعالى عن الضالين والمضلين من الإنس والجن : {رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ }(الأنعام:128)جنبنا الله وإياهم مصيرهم ، وردنا وردهم إلى منهاج النبوة في الدين والدعوة – رداً جميلاً .وصلى الله وسلم وبارك على عبد الله وخاتم رسله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومتبعي سنته .
للشيخ سعد الحصين




بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله وكفى والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم:اما بعد

اقدم بين ايديكم اخواني هذا المقال وذلك لما عمت به البلوى

لكثرة هؤلاء الدعاة القصّاص والتفاف الناس حولهم والادهى من ذلك حبهم

وموالاتهم ومعادات من يحذر منهم ولا حول ولا قوة الاّ بالله .

1ـ القصاص والوضع


الاحاديث الشائعة بين عامة الناس كثيرة مختلفة المراتب،فمنها ما هو حق صحيح ،ومنها ما هو باطل مكذوب.وللباطل المكذوب روافد عدة ، ويبدو ان اكبر هذه الروافد ما سمعه الناس من القصاص، ذلك ان الناس هم السواد الاعظم الذين يولعون بسماع القصاص، ويتهافتون على مجالسهم، ويتلقون عنهم.

وان اكبر عامل من عوامل انحراف ظاهرة القصص ان عددا كبيرا من الناس اتخذها مهنة له يعيش من ورائها، ولم يكن خوف الله هو الدافع لها، ولذلك تراه يسارع في ابتغاء مرضات العامه فهو حريص على رضاهم وليس حريصا على تقويمهم ولا تعليمهم(وحريص على تكثير سوادهم) حتى اضحى القاص كالمغني

ان هؤلاء القصاص قوم مهمتهم الكلام وغايتهم ان يستحوذوا على اعجاب السامعين ولما كان الناس يتطلعون دائما الى ان يسمعوا الغريب الجديد كان هذا دافعا يحمل هؤلاء القصاص الذين لايخافون الله على الكذب والاختراع حتى يظفروا بمطلبهم. وقال ابن الجوزي:(..معظم البلاء في وضع الحديث انما يجري من القصاص،لانهم يريدون احاديث ترقق وتنفق، والصحاح تقل في هذا) (1)

قال ابن قتيبة في" تأويل مختلف الحديث"
والوجه الثاني القصّاص، فانهم يميلون وجه العوام اليهم ،ويستدرون ماعندهم بالمناكير والاكاذيب من الاحاديث ومن شأن العوام القعود عند القاص ما كان حديثه عجيبا خارجا عن نظر العقول ، او كان رقيقا يحزن القلوب ويستفزز العيون ،فاذا ذكر الجنة

قال: "فيها الحوراء من مسك او زعفران ، وعجيزتها ميل في ميل ،ويبوّىء الله وليه قصرا من لؤلؤة بيضاء فيه سبعون الف مقصورة، في كل مقصورة سبعون الف قبه ، في كل قبة سبعون الف فراش..."فلا يزال هكذا في السبعين الفا لا يتحول منها)

2ـ روى ابن الجوزي في الموضوعات ان احمد بن حنبل ويحيى بن معين صليا في مسجد الرّصافة فقام بين ايديهم قاص فقال:
حدثنا احمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا:حدثنا ........... ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:...................ثم ذهب يكذب على حديث رسول الله وعليهما فلما فرغ من قصصه واخذ العطيات قالا له انا يحيى بن معين وهذا احمد بن حنبل فقال:لم ازل اسمع ان يحيى بن معين احمق ،ما تحققت هذا الاّ الساعة!!كأنّ ليس في الدنيا يحيى بن معين واحمد بن حنبل غيركما!!وقد كتبت عن سبعة عشر احمد بن حنبل ويحيى بن معين

3ـ وروى الطرطوشي في كتابه الحوادث والبدع ان الأعمش لمل دخل البصرة نظر الى قاص يقص في المسجد،فقال حدثنا الأعمش عن ابي اسحاق عن ابي وائل..فتوسط الأعمش الحلقة،وجعل ينتف شعر ابطه،فقال له القاص :يا شيخ!الا تستحي؟نحن في علم وانت تفعل هذا؟! فقال له الأعمش الذي انا فيه خير من الذي انت فيه.
قال كيف ذلك؟ قال: لاني في سنة وانت في كذب ،انا الأعمش وما حدثتك مما تقول شيئا.
4 ـ ولقد سارع عدد من العلماء الى افراد هذا الموضوع بالتأليف منهم الامام ابن الجوزي الذي الف كتاب القصاص والمذكرين وصدّر كتابه الموضوعات بفصول واسعه عن القصاص واكاذيبهم ومنهم الحافظ العراقي في كتابه " الباعث على الخلاص من حوادث القصاص " ومنهم الحافظ السيوطي الذي الف كتابا سماه " تحذير الخواص من اكاذيب القصاص" وهو كتاب نافع وقد كتب في الاسرار المرفوعة " العلامة ملاّ علي القاري فصولا في القصاص وخطرهم .أ.ه(من المرجع ادناه)

قلت والذي ينظرفي زمننا هذا وما احدث هؤلاء القوم من مناكير يرى العجب العجاب وترى ذلك جليا حتى في اشكالهم بل وفي ملابسهم وهم يزعمون انهم على السنه هذا يخفف لحيته وهذا يحلقها ويرتدي زي الافرنجي فهم ليسوا امناء على السنة في انفسهم

فكيف يكونون امناء في تبليغها

واطالب كل طالب علم ان يدلو بدلوه في هذا الموضوع ليكتمل البحث ويكون ذو فائده مرجوّه

(اراء عدد من الصحابة والتابعين والعلماء في القصاص) :
عمر بن الخطاب : رضي الله عنه
أورد ابن الجوزي وغيره أخبارآ عن عمر رضي الله عنه تدل على أنه لم يكن يستريح الى القصص . فمن ذلك خبر ه مع تميم الداري وخبره مع الحارث بن معاوية الكندي فقد خوفه عمر من أن يكون القصص سببآ للعجب حتى يقوده ذلك الى الهلاك . قال : "أخشى عليك أن تقص فترتفع عليهم في نفسك , ثم تقص فترتفع , حتى يخيل اليك أنك فوقهم بمنزلة الثريا فيضعك الله عزوجل تحت أ قدامهم يوم القيامة بقدر ذلك ".
علي بن أبي طالب :رضي الله عنه
مر علي رضي الله عنه على قاص فقا ل له : هل تعرف الناسخ من المنسوخ ؟ قال : لا . قال :هل تعرف المحكم من المتشابه ؟
قال : لا . قال : هل تعرف الزجر من الأ مر ؟ قال :لا .
فأ خذ بيده فرفعها و قال : اعرفوني . اعرفوني .
ومر على قاص آ خرفسأله : علمت الناسخ من المنسوخ ؟ قال : لا . قال : هلكت وأ هلكت .
عبدالله بن عمر : رضي الله عنه
روى عبد الرزاق عن معمر الزهري عن سالم عن ابن عمر أنه كان يخرج من المسجد يقول :
" ما أخرجني الآ القّصّاص , ولولاهم ما خرجت .
وروى الطبراني أن ابن عمر رأى قاصآ يقص في المسجد الحرام , وكان معه ابن له .فقال له ابنه :
أي شيء يقول هذا ؟ فقال : يقول اعرفوني . اعرفوني.
واخرج ابن ابي شيبة ان ابن عمر جاء فوجد قاصّا يقص في المسجد فوجه الى صاحب الشرطة:ان اخرجه من المسجد . فاخرجه.

عبدالله بن مسعود رضي الله عنه
روى الطبراني ان عبدالله بن مسعود وقف على عمر بن زرارة وهو يقص. فقال: ياعمر لقد ابتدعت بدعة ضلالة او لانّك اهدى من محمد صلى الله عليه وسلم واصحابه.
وروى عنه انه كان يقول :اذا سمعتم السائل يحدّث باحاديث الجاهلية يوم الجمعة فاضربوه بالحصى.

عبدالله بن عباس رضي الله عنه
روي عنه خبر مشابه لخبر علي رضي الله عنهم.

صلة بن الحارث رضي الله عنه
روى الطبراني ان صلة بن الحارث رأى قاصا يقص على الناس وهو قائم فقال :" والله ما تركنا عهد نبينا ولا قطعنا ارحامنا حتى قمت انت واصحابك بين أظهرنا ".

عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها
اخرج ابن سعد في" الطبقات" عن عطاء قال: دخلت انا وعبيد بن عمير على عائشة فقالت من هذا ؟ فقال: انا عبيد بن عمير .
قالت : قاص اهل مكة ؟ قال: نعم. قالت: خففّ فانّ الذكر ثقيل .

ام الدرداء رضي الله عنها
اخرج ابن ابي شيبة والمروزي عن جبير انّ ام الدرداء بعثته الى نوف ابن فلان وقاصّ معه يقصان في المسجد. فقالت : قل لهما فليتقيا الله وتكون موعظتهما للناس لانفسهما .

الحسن البصري رحمه الله تعالى
روي عنه قوله "القصص بدعة ونعمت البدعة . كم من دعاء مستجاب واخ مستفاد.

محمد بن سيرين رحمة الله عليه
سأل رجل محمد بن سيرين عن القصص . قال : بدعة. ان اول ما احدث الحرورية القصص.

غضيف بن الحارث:
روى احمد عن الغضيف بن الحارث انه قال : بعث اليّ عبدالملك بن مروان قال: يا ابا اسماء انّا جمعنا الناس على امرين .فقال وما هما ؟ قال : رفع الايدي على المنابر يوم الجمعة ،والقصص بعد الصبح والعصر .
فقال :اما انها افضل بدعكم ولست بمجيبكم الى شيء منهما . قال : ولما ؟ قال : لان النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما احدث قوما بدعة الاّ رفع من السنة مثلها " فتمسك بسنة خير من احداث بدعة.

مالك بن انس رحمة الله عليه
روي عنه كراهية القصص. ذكر ذلك ابن الحاج في"المدخل "

سفيان الثوري رحمة الله عليه
كان مذهب سفيان الاّ يستقبلوا القصّاص بوجوههم بل عليهم ان يولّوا البدع ظهورهم واصحابها ايضا.

قال ابن قتيبة
ان الحديث يدخله الفساد من وجوه الزنادقة واحتيالهم للاسلام وتهجينه بدس الاحايث المستبشعة والمستحيلة والقصّاص فانهم يميّلون وجوه العوام اليهم ويستدرون ما عندهم بالمناكير والغرائب من الاحاديث ، ومن شأن العوام ملازمة القاصّ ما دام يأتي بالعجائب الخارجة عن نظر العقول .

ابن حبان رحمه الله
علق على قصة احمد ويحيى مع القاص الذي كذب عليهما فقال: (فاذا كان مثل هؤلاء يجسرون على احمد ويحيى حتى يضعوا الحديث بين ايديهم من غير مبالاة بهم ، كانوا اذا حلّوا بمساجد الجماعات ومحافل القبائل مع العوام والرعاع اكثر جسارة في الوضع.

الغزالي :
قال في الاحياء :" اما القصص فهي بدعة وقد ورد نهي السلف عن الجلوس الى القصاص وقالوا : لم يكن ذلك في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا زمن ابي بكر ولا عمر حتى ظهرت الفتنة وظهر القصاص .
وقال : قال ابن عون : دخلت على ابن سيرين .فقال ما كان اليوم من خبر ؟ فقلت نهى الامير القصاص ان يقصوا .فقال : وفق للصواب.
وقال : قال احمد : اكثر الناس كذبا القصاص والسؤال.
وقال : (ومنها كلام القصّاص والوعاظ الذين يمزجون كلامهم بالبدعة ، فالقاصّ ان كان يكذب في اخباره فهو فاسق ، والانكار عليه واجب . وكذا الوعظ المبتدع يجب منعه ، ولا يجوز حضور مجاسه الأّ على قصد اظهار الرد عليه ، اما للكافة ان قدر عليه ، او لبعض الحاضرين حواليه ، فان لم يقدر فلا يجوز سماع البدع.
وقال : ومهما كان الواعظ شابا متزينا للنساء في ثيابه وهيئته كثير الاشعار والاشارات والحركات وقد حضر مجلسه النساء ، فهذا منكر يجب المنع منه ، فان الفساد فيه اكثر من الصلاح.

الحافظ الذهبي :
في ترجمة عبدالمنعم بن ادريس قال: (قصاص . ليس يعتمد عليه تركه غير واحد.
وقال الوعظ فن بذاته يحتاج الى مشاركة جيدة في العلم ، ويستدعي معرفة حسنة في التفسير والاكثار من حكايات الصالحين الفقهاء والفقراء والزهاد وعدته التقوى والزهادة ،فاذا رايت الواعظ راغبا في الدنيا قليل الدين فاعلم ان وعظه لا يتجاوز الاسماع ، وكم من واعظ مفوّه قد ابكى واثر في الحاضرين في تلك الساعة ثم قاموا كما قعدوا.

الحافظ ابن تيميه:
قال: (قال الامام احمد : اكذب الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم السؤّال والقصاص . فيجب منع من يكذب مطلقا . فكيف اذا كان يكذب ويسأل ويتخطّى ؟ وكيف من يكذب على رؤوس الناس في مثل يوم الحمعة؟ فنهي من يكذب من اعظم الواجبات . بل ونهي من روى ما لا يعرف أصدق ام كذب.

ابن عقيل :
قال : ما اخوفني على من كانت الدنيا اكبر همه ان تكون غاية حظه.
قال : وسئل عن قوم يجتمعون حول رجل يقرا عليهم احاديث وهوغير فقيه . فقال : هذا وبال على الشرع. او نحو ذلك

ابن مفلح :
عقد ابن مفلح في كتابه " الآداب الشرعية " فصلا مطولا عن القصاص جمع فيها آراء العلماء في القصاص.

الحافظ العراقي :
ويدلك على موقفه منهم عنوان كتابه "الباعث على الخلاص من حوادث القصاص " فلقد كان ذامّا لهم ، كاشفا لعيوبهم ، مبينا غلطاتهم .

السيوطي :
فهو يقف من القصاص موقفا معارضا مبينا انهم قوم كذابون وانك لترى ذلك واضحا من عنوان الكتاب " تحذير الخواص من اكاذيب القصّاص.

وقال ابن الجوزي:(..معظم البلاء في وضع الحديث انما يجري من القصاص،لانهم يريدون احاديث ترقق وتنفق، والصحاح تقل في هذا.

وقال ابن الجوزي : " وكره بعض السلف القصص لأحد ستة اشياء " :

1- لأن القصص بدعة لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

2- لندرة صحة اخبار المتقدمين .

3- لأن القصص يشغل عن قراءة القرآن ورواية الحديث والتفقه في الدين .

4- لأن في القرآن والسنة من العظة ما يكفي عن غيره مما لم يصح .

5- لأن القصص في واقعه أفسد قلوب العوام .

6- لأن معظم القصاص لا يتحرون الصواب .

وقــال : وأنما ذم القصّاص لأن الغالب منهم الاتساع بذكر القصص دون ذكر العلم المفيد ،ثم غالبهم يخلط فيما يورده . وربما اعتمد على ما أكثره محال .

وقــال : كان الوعاظ في قديم الزمان علماء فقهاء ،وقد حضر مجلس عبيد بن عمير عبدالله بن عمر وكان عمر بن عبدالعزيز يحضر مجلس القاص . ثم خست هذه الصناعة فتعرض لها الجهال ، فبعد عن الحضور عندهم المميزون من الناس ، وتعلق بهم العوام والنساء فلم يتشاغلوا بالعلم واقبلوا على القصص وما يعجب الجهلة ، وتنوعت البدع في هذا الفن .

مــن آفاتهــم :

فمن ذلك ان قوما منهم يضعون احاديث الترغيب والترهيب ، ولبّس عليهم ابليس باننا نقصد حث الناس على الخير ، وكفهم عن الشر وهذا أفتئات منهم على الشريعة ، لأنها عندهم – على هذا الفعل – ناقصة تحتاج الى تتمة، ثم قد نسوا قوله صلى الله عليه وسلم : " من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".

ومــن ذلك انهم تلمحوا ما يزعج النفوس ويطرب القلوب ، فنوّعوا فيه الكلام ، فتراهم ينشدون الاشعار الرائقة الغزلية في العشق ، ولبس عليهم باننا نقصد الاشارة الى محبة الله عز وجل ، ومعلوم ان عامة من يحضرهم العوام الذين بواطنهم مشحونة بحب الهوى ، فيضل القاص ويضل .

ومــن ذلك من يظهر من التواجد والتخاشع زيادة على ما في قلبه ، وكثرة الجمع توجب زيادة تعمّل ، فتسمع الناس بفضل بكاء وخشوع . فمن كان منهم كاذبا فقد خسر الاخرة ومن كان صادقا لم يسلم صدقه من رياء يخالطه .

ومنهــم من يتحرك الحركات التي يوقع بها على قراءة الالحان ، والالحان التي اخرجوها اليوم مشابهة للغناء ، فهي الى التحريم اقرب منها الى الكراهة . والقارىء يطرب ، والقاص ينشد الغزل مع التصفيق بيديه ، وايقاع برجليه فتشبه السكر ، ويوجب ذلك تحريك الطباع وتهييج النفوس ، وصياح الرجال والنساء ،وتمزيق الثياب ، لما في النفوس من دفائن الهوى ، ثم يخرجون فيقولون كان المجلس طيبا ، ويشيرون بالطيبة الى ما لا يجوز.

ومنهــم من ينشد الاشعار على الموتى ويصف ما يجري لهم من البلاء ويذكر الغربة ومن مات غريبا ، فيبكي بها النساء ويصير المكان كالمأتم ، وانما ينبغي ان يذكر الصبر على فقد الاحباب لا ما يوجب الفزع .

ومنهــم من يتكلم في دقائق الزهد ومحبة الحق سبحانه ، فلبس عليه ابليس انك من ضمن الموصوفين بذلك ، لأنك لم تقدر على الوصف حتى عرفت ما تصف وسلكت الطريق . وكشف هذا التلبيس ان الوصف علم والسلوك غير العلم .

ومنهــم من يتكلم بالطامات والشطح الخارج عن الشرع ويستشهد باشعار العشق . وغرضه ان يكثر في مجلسه الصياح ولو على كلام فاسد . وكم منهم يزوق عبارة لا معنى لها.

واكثر كلامهم اليوم في موسى والجبل ، وزليخا ويوسف ، ولا يكادون يذكرون الفرائض ولا ينهون عن ذنب. فمتى يرجع صاحب الزنا ومستعمل الربا ؟ وتعرف المرأة حق زوجها ؟ وتحفظ صلاتها ؟
هيهات !! هؤلاء تركوا الشرع وراء ظهورهم ولهذا نفقت سلعهم لأن الحق ثقيل والباطل خفيف.

ومنهــم من يحث على قيام الليل ، ولا يبين للعامة المقصود ، فربما تاب الرجل منهم وانقطع الى زاوية ، او خرج الى جبل فبقيت عائلته لا شيئ لهم .

ومنهــم من يتكلم في الرجاء والطمع من غير ان يمزج ذلك بما يوجب الخوف والحذر فيزيد الناس جرأة على المعاصي . ثم يقوى ما ذكر بميله الى الدنيا من المراكب الفارهة ، والملابس الفاخرة ، فيفسد القلوب بقوله وفعله .

ومنهــم من اشرب الرئاسة قلبه مع الزمان ، فيحب ان يعظم ، وعلامته انه اذا ظهر واعظ ينوب عنه او يعينه كره ذلك . ولو صح قصده لم يكره ان يعينه.

ومنهــم من يخلط في مجلسه الرجال والنساء ، وترى النساء يكثرن الصياح وجدا على زعمهن ، فلا ينكر ذلك عليهن جمعا للقلوب عليه . ولقد ظهر في زماننا هذا من القصّاص ما لا يدخل في التلبيس لانه امر صريح من كونهم جعلوا القصص معاشا يستمنحون به الامراء والظلمة ، والاخذ من اصحاب المكوس ، والتكسب به في البلدان .

ومنهــم قوم شق عليهم الحفظ ... وربما رأوا ان الحفظ معروف فأتوا بما يغرب مما يحصّل مقصودهم فهولاء قسمان :

احدهما القصاص ، ومعظم البلاء منهم يجري لأنهم يريدون احاديث تنفق وترقق ، والصحاح تقل في هذا ...

والقسم الثاني الشحاذون فمنهم القصاص ومنهم غير قصاص.

وقــال : لقد ادخل المتزهدون في الدين ما ينفر الناس منه ، حتى انهم يرون افعالهم فيستبعدون الطريق . واكثر ادلة هذه الطريق القصاص ، فان العامي اذا دخل مجلسهم وهو لا يحسن الوضوء كلموه بدقائق الجنيد ن واشارات الشبلي ، فراى ذلك العامي ان الطريق الواضح لزوم زاوية ، وترك الكسب للعائلة ، ومناجاة الحق في خلوة على زعمه ، مع كونه لا يعرف اركان الصلاة ولا ادب العلم ، ولا قوّم اخلاقه شيء من مخالطة العلماء ، فلا يستفيد من خلوته الاّ كما يستفيد الحمار من الاصطبل ، فان امتد عليه الزمان في تقلله زاد يبسه ، فربما خايلت له ( الماليخوليا (ضرب من الجنون )..) اشباحا يظنهم الملائكة ثم يطأطىء راسه ويمد يده للتقبيل .

(باب انه لايقص الاّ باذن الامير) :

عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده انّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يقص على الناس الأّ امير او مأمور او مراء"
قال الحافظ العراقي اسناده صحيح والحديث في سنن ابن ماجه

وعن ذي الكلاع قال كان كعب يقص في امارة معاوية . فقال عوف بن مالك لذي الكلاع : يا ابا شرحبيل ! أرايت ابن عمك ؟ أبأمر الامير يقص ؟ فاني سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " القصّاص ثلاثة، امير او مأمور او مختال " .
فمكث كعب سنة لا يقص حتى ارسل اليه معاوية فأمره ان يقص .

وحكى ابو سليمان الخطابي عن ابن سريج انه كان يقول هذا.

وكان االامراء يلون الخطب فيعظون الناس ن ويذكرونهم فيها . فالمأمور من يقيمه الامام خطيبا ، فيعظ الناس ويقص عليهم . والمختال الذي نصب نفسه لذلك من غير ان يؤمر به . فهو يقص على الناس طلبا للرياسة . فهو يرائي بذلك ويختال .

ويحكي المقريزي عن الليث بن سعد انه قال : "ان معاوية ، اذا ولّى رجلا على القصص ، فكان اذا سلم من صلاة الصبح جلس وذكر الله عز وجل وحمده وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا للخليفة ولأهل ولايته ولحشمه وجنوده ، ودعا على اهل حربه وعلى المشركين.
(جشع القصاص) :-
ذكر ياقوت أنّ رجلا جاء الى قاص يسمى ابا سلمان ، فاعطاه فلسا وقال : ادع الله أن يرد عليّ ابني . فقال : وأين ابنك ؟ قال : بالصين . قال : ايرده الله من الصين بفلس ؟ هذا مما لا يكون . انما لو كان بجنّابة او بسيراف كان نعم .( المعجم )

وقد نقل عن كتاب " يتيمة الدهر " انهم كانوا يكلفون واحدا بالجمع للقاصّ ، وكان يدعى من يقوم ليجمع الصدقة في مجلس القصص ، كان يدعى ( المكوّز) فكان القاص يأمر الحاضرين باعطائه واذا تفرق الجمع تقاسما ما اجتمع من المال .

قلت : كانوا يأخذون الاموال امام الناس اما نابتة اليوم ففي الخفاء ، والمكوز في زماننا التسجيلات التجارية التي تجمع الاموال الطائلة من هذه القصص البدعية ، وقد نبأت ان احد هؤلاء الدعاة يطلب مبلغ 300.000ريال على الشريط الواحد من المكوز فالى الله المشتكى من جشع هؤلاء.

(لا فرق بين القصّاص والوعّاظ والمذكّرين فجميعهم اسماء لمسمى واحد) :-

قال ابن الاخوة :
والفقهاء والمتكلمون والادباء والنحاة يسمون اهل الذكر والوعظ قصّاصا.

وقال طا شكبري زاده :
ومنها الذكر والتذكير ، وقد كان في العصر الاول يطلق على التكلم في علم الاخرة والتذكير بالموت والتنبيه على عيوب النفس وآفات النفس والاعمال وخواطر الشيطان ، ووجه الحذر منها ، ويذكر بآلاء الله سبحانه ونعمائه ، وتقصير العبد في شكره ، ويعرف الدنيا وعيوبها ، وتعرمها وقلة عهدها ، وخطر الاخرة واهوالها ، فهذا هو التذكير المحمود شرعا ، الذي قد ورد الحث عليه شرعا ، فقل ذلك الآن الى ماترى من حال( الوعاظ) ، وما يواظبون عليه من القصص والاشعار ، والشطح والطامات . واما القصص فهو بدعة ،وقد ورد نهي السلف عن الجلوس الى( القصّاص)، لانهم لو اقتصروا على القصص الوارد في القرآن لاصابوا ،لكنهم غيروا وزادوا ونقصوا حتى ان منهم من سمح لنفسه وضع الحكايات المرغبة في الطاعات ، ويزعم ان قصده منه دعوة الخلق الى الحق ، وهذه من نزغات الشيطان، فأن في الصدق مندوحة عن الكذب . واما الاشعار فأكثرها في الوعظ مذموم ، ومجالس الوعظ لا تحوي الاّ اجلاف العوام ، وبواطنهم مشحونة بالشهوات فتحرك الاشعار ... ما هي مستكنة في قلوبهم من نيران الشهوات ،فيزعقون ويتواجدون على تصور الفساد اللهم الاّ اذا كانت الأشعار مشتملة على المواعظ والحكم .

وجاء في تاريخ الخلفاء للسيوطي :
وفي اول سنة استخلف فيها المعتضد بالله منع الوراقين من بيع كتب الفلاسفة وما شاكلها ومن القصاص والمنجمين من القعود في الطريق .
(القاص هو من يجلس في الطرقات يذكر شيئا من الآيات والاحاديث واخبار السلف ).
وكان ذلك في سنة (279هجرية ) وفي هذا النص مايدل على ان القصّاص كانوا يقعدون حينها في الطريق ، وعلى ان منعهم كان من المكرمات التي تذكر للحكام وعلى وعلى وعلى انهم كانوا مقرونين( بالمنجمين ) .

وقال الغزالي في " الاحياء " :
ومنها كلام القصّاص والوعاظ الذين يمزجون كلامهم بالبدعة ،( فالقاصّ ) ان كان يكذب في اخباره فهو فاسق ، والانكار عليه واجب .

وقال المحقق :
وواضح ان القائلين بهذا التفريق يعتمدون اعتمادا كليا على هذه الكلمات (القصص والوعظ والتذكير ) ودلالتها ، ويشتقون منها فروقا . الاّ انه كثيرا ما يطلق القصص على الوعظ والتذكير او الوعظ على القصص والتذكير .
ولو جاريناهم في تفريقهم ، فذهبنا الى ان هناك انواعا ثلاثة –( مع ان هذه الثلاثة اسماء لمسمى واحد) – لو جاريناهم في ذلك لكان يجب ان نقرر ان كل نوع من هذه الانواع فيه الجيد وفيه الرديء فالجيد ما توافرت فيه صفات معينة من الاخلاص والحكمة وتحري الصحيح الثابت .
والرديء ما لم تتوفر فيه تلك الصفات . وهو عندئذ لا يخلو من اذى وضرر . ويستحق الذم .
فكم ترى وعّاضا جهلة لا يتعرضون الى الاقاصيص هربا من عنوان( القصاص) ولكنهم يملؤون كلامهم بالاحاديث الموضوعة والنظرات الخاطئة والاسلوب المنحرف ....... وكل ذلك يجعل اثرهم في الامة سيئا .
ان الوعظ والتذكير والقصص كلها تندرج تحت معنى واحد هو الدعوة الى الله بالكلام او الخطابة ويبدو ان الاسم الذي شاع في هذه الايام هو( التدريس) و(الخطبة) و(الوعظ) و(التوجيه) و(الارشاد).
وقد يظن ظان ان افساد القصّاص لم يعد موجودا الان ، وانما هو امر تاريخي بحت لا يتصل اليوم بواقع الحياة والناس..
وهذا ظن خاطىء بعيد عن الصواب ،ذلك لان هؤلاء القصّاص ما زالوا مع الاسف موجودين باسماء اخرى ذكرناها انفا ، يعيثون في الارض فسادا. ( قال في الحاشية : ان هذا الذي نأسف لوجوده يسر كثير من الذين يبحثون عن اصول القصة من الناحية الفنية ذلك لان هؤلاء القصّاص باختراعهم لقصص دينية ابدعها خيالهم يمثلون الخطوة الاولى لنشوء القصة الفنية ) .
ولئن كان المخادعون الدجالون يظهرون تحت عنوان ( القصّاص ) فيما مضى انهم يظهرون في ايامنا هذه تحت عنوان : ( الداعية والموجه والمربي والاستاذ والكاتب والمفكر ) وما الى ذلك من الالقاب !! .

(باب فيما ورد عن السلف من ذم القصص وبيان وجوه ذلك) :

عن خباب بن الارت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ان بني اسرائيل لما هلكوا قصّوا " .
قال المصنف : قلت : وانما وقع الذم لهؤلاء لانهم تركوا كتاب الله و اشتغلوا بالقصص عنه .

عن شريك عن ابي سنان عن عبدالله بن خباب بن الارت قال : مر بي ابي وانا عند رجل يقص فلم يقل لي شيئا حتى اتيت البيت . فأتزر واخذ السوط يضربني حتى حجره الزنوقال ( حاجز ) وهو يقول : امع العمالقة ؟ امع العمالقة ؟ امع العمالقة ثلاثا . انّ هذا قرن قد طلع ! انّ هذا قرن قد طلع ! يقولها ثلاثا . ( قال في الحاشية العمالقة : الجبابرة الذين كانوا بالشام من بقية عاد . ويقال لمن يخدع الناس ويخلبهم عملاق . والعملقة : التعمق في الكلام فشبه القصّاص بهم ، لما في بعضهم الكبر والاستطالة على الناس او بالذين يخدعونهم بكلامهم . وهو اشبه ) قاله ابن الاثير . وقال : "هذا قرن قد طلع " اراد قوما احداثا نبغوا بعد ان لم يكونوا . يعني القصاص وقيل : بدعة حدثت لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .

عن اسماعيل بن اسحاق السراج يقول : قال لي احمد بن حنبل يوما ، يبلغني انّ الحارث هذا – يعني المحاسبي – يكثر الكون عندك فلو احضرته منزلك واجلستني من حيث لا يراني فاسمع كلامه . فقلت السمع والطاعة لك يا ابا عبدالله ! وسرني هذا الابتداء من ابي عبدالله فقصدت الحارث ، وسالته ان يحضرنا تلك الليلة . فقلت : وتسأل اصحابك ان يحضروا معك ! فقال : يا اسماعيل ! فيهم كثرة فلا تزدهم على الكسب ( الدهن ) والتمر واكثر منهما ما استطعت . ففعلت ما امرني به ، وانصرفت الى ابي عبدالله فاخبرته . فحضر بعد المغرب وصعد غرفة في الدار ، فاجتهد في ورده الى ان فرغ . وحضر الحارث واصحابه فاكلوا . ثم قاموا لصلاة العتمة ، ولم يصلوا بعدها . وقعدوا بين يدي الحارث وهم سكوت لا ينطق واحد منهم الى قريب من نصف الليل . وابتدأ واحد منهم وسأل الحارث عن مسألة . فاخد في الكلام واصحابه يستمعون ، وكانّ على رؤوسهم الطير . فمنهم من يبكي ، ومنهم من يزعق وهو في كلامه . فصعدت الغرفة لاتعرف حال ابي عبدالله ، فوجدته قد بكى حتى غشي عليه . وانصرفت اليهم ، ولم تزل تلك حالهم حتى اصبحوا فقاموا وتفرقوا . فصعدت الى ابي عبدالله وهو متغير الحال .فقلت كيف رايت هؤلاء يا ابا عبدالله ؟ فقال : ما اعلم اني رأيت مثل هؤلاء القوم ولا سمعت في علم الحقائق مثل كلام هذا الرجل . وعلى ما وصفت من احوالهم فلا ارى لك صحبتهم . ثم قام وخرج .

عن ابي عون ان ابا ادريس الخولاني قال : لان ارى في طائفة المسجد نارا تقد احب اليّ من ان ارى فيها رجلا يقص ليس بفقيه .

عن عاصم قال : كنا ناتي ابا عبدالرحمن السلمي ونحن غلمة ايفاع فقال : " لا تجالسوا القصاص غير ابي الاحوص " .

قال ابراهيم النخعي : ما احد يبتغي بقصصه وجه الله غير ابراهيم التيمي ، ولوددت انه انفلت منه كفافا .
قال المصنف : قلت : انما قال هذا لان خطر التذكير شديد على ما سبق بيانه .

عن همام قال : لما قص ابراهيم التيمي اخرجه ابوه يزيد.

عن ايوب عن ابي قلابة قال : ما امات العلم الاّ القصاص .يجالس الرجل القاص سنة فلا يتعلق منه بشيء ، ويجالس العالم فلا يقوم حتى يتعلق منه بشيء .

عن محمد بن يونس قال : سمعت ابا عامر العقدي يقول : انا كنت سبب عبدالرحمن بن مهدي في الحديث . كان يتبع القصاص فقلت له : لا يحصل في يدك من هؤلاء شيء .

عن ابراهيم الحربي قال : حدثني شجاع بن مخلد قال : لقيني بشر بن الحارث وانا اريد مجلس منصور بن عامر فقال لي : وانت ايضا يا شجاع ؟ ارجع ! ارجع فرجعت . وفي رواية وانت ايضا يا ابا الفضل ؟ وانت ايضا يا ابا الفضل ؟ ثم قال ابراهيم : لو كان في هذا خير لسبق اليه سفيان الثوري ووكيع واحمد بن حنبل وبشر بن الحارث.

عن سليمان بن اسحاق الجلاب قال: سمعت ابراهيم الحربي يقول : الحمدلله الذي لم يجعلنا ممن يذهب الى قاص ، ولا الى بيعة ،ولا الى كنيسة .

يبدو أن ظاهرة القصص بدأ ت مبكرة في تاريخنا , فقد جاء كل من تميم الداري رضي الله عنه , وهو صحابي متوفي سنة 40ه والحارث ابن معاوية الكندي , وهو مختلف في صحبته , عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستأذنانه في القصص , فأبى أن يأذن لهما وحذرهما ... ثم اشترط على تميم بعد الحاحه في الاستئذان أن يتكلم في موضوعات معينة وفي وقت محدد.

وعندما ظهر عددمن القصاص ارتفعت أصوات عدد من الصحابة في استنكار هذا الأمر وكشف دوافعه التي تتلخص في :
ابتغاء الشهرة ،وكسب المال ، والحصول على الجاه ، حتى استعان بعض الصحابة برجال الشرطة لطردهم من المسجد، وهذا- دون شك – يدل علىعمق في النظرة عندهم رضي الله عنهم ، لان التحدث الى الناس في امور الدين ودعوتهم الى التحلي بفضائله في مجتمع يقوم على الدين يعطي المتحدث قوة وجاها وسلطانا، والنفس الانسانية مفطورة على حب الذات والرغبة في اكتساب الجاه والسلطان فان لم تكن مخافة الله عاصمة للمرء من ان يبتغي بمثل هذا الحديث عرض الدنيا انساق الى قول الزور واسترضاء العامة ولو كان ذلك مخالفا للحق والشرع والعياذ بالله .. وهذا ما حصل لكثير من القصاص فيما بعد.

وهناك آثار عدة تحكي لنا مواقف الصحابة والتابعين من هؤلاء القصاص وتوالى على مهمة الانكار تابعوا التابيعن والعلماء العاملون في كل عصر.

وقد تعرض بعض العلماء في عصور مختلفة الى مضايقات هؤلا ءالقصاص , وقدتفاقم أمرهم واثروا أثرا واضحا
في نشر الاحاديث الضعيفة والموضوعة بين العامة . وكان التصوف يمد القصاص بالخرافات والأباطيل وكذلك فقد كانت الاسرائيليات مصدرمن مصادرالقصاص .
ومما يؤسف أن بعض هؤلاء القصاص كانوا يعبثون بالناس ويسخرون منهم كما ذكر الجاحظ عن أبي كعب القاص وكما ذكر أبو الفرج عن كلثوم بن عمرو .
ويبدو أن نفرا منهم كان يتدخل في الشؤون العامة حتى كان بعضهم سببا في فتنة فمنعوا من الجلوس ومن الكلام , ثم سمح لهم بمعاودة نشاطهم بعد أن أخذت عليهم العهود بعدم التعرض لما يثير القلاقل .

وامام هذه القوة العارمة للقصاص آثر فريق ممن ينتسبون الى العلم السلامة فسكتوا خوفا من القصاص وايثارا للعافية ... بل حمل ذلك بعضهم على تأييد الباطل ... وكانت ظاهرة المجاملة اكثر وضوحا في الازمان المتأخرة ، حتى اصبحت مهمة هؤلاء – مع الاسف- كانها مقصورة على تلمس المعاذير لهم ، وتكلف التأويلات للكلمات المنكرة التي قد يروونها عن الصوفية ولتصرفاتهم الشادة ...ولكن يابى الله الأّ ان يقوم في كل عصر . عدد من العلماء الصادقين والدعاة المجاهدين ينكرون المنكر ، ويكشفون زيف الدجالين .

ومن اهم آثارهم السيئة وضعهم الحديث او نشرهم الموضوع واذاعته ببيان مشرق ومقدرة على الكلام بالغة .. لقد شوهوا السنة المرفوعة الى النبي صلى الله عليه وسلم في اذهان الناس اذ ادخلوا فيها كثيرا من الخرافات والاباطيل مما يحيل العقل وقوعه ومما يتعارض مع اصول الشريعة المطهرة . ولو نظرنا الى الاحاديث الموضوعة لوجدنا ان نصيب القصاص في اختلاقها كان كبيرا ، وهذا امر طبيعي ، لان هذا القص المستمر يتطلب مادة كثيرة وجديدة ، فكانوا مدفوعين لذلك دفعا .

ان عددا كبيرا من هؤلاء القصاص اتخذ القصص مهنة له يعيش من عمله فيها ، ولم يكن خوف الله متوافرا عندهم ، ومن هنا غدت هذه المهنة وسيلة للكسب يسعى صاحبها وراء رزقه ، ولذلك نراه يسارع في ابتغاء مرضات العوام ، فهو حريص على رضاهم واعجابهم ، وليس حريصا على تقويمهم ولا تعليمهم .

والعامة ابدا وفي كل عصر يولعون بالغريب ، ويعجبون بالخرافة ... ويستمتعون بالغرائب والعجائب ، حتى اضحى القاص كالمغني الذي لا هم له الأّ اطراب السامعين ... وهكذا كانت دوافع المبالغة والكذب عند القصاصين قوية ليجدوا المادة التي تجلب السامعين وعطاياهم ، وليكتسبوا في كثير من الاحيان ثقة الحكام ورضاهم ، مما يمنحهم حصانة تحول دون انتقاد العلماء الواعين لهم.

ذكر السيوطي في " اللالىء المصنوعة ":
ان هارون الرشيد لما قدم المدينة اعظم ان يرتقي منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه قباء ومنطقة، فقال ابو البختري – وهو قاص كذاب – حدثني جعفر بن محمد عن ابيه عن جابر ان جبريل نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وعليه قباء ومنطقة فتحجر فيها تحجيرا .

ومن المفاسد التي كانت تحدث بسسبب القصاص اختلاط الرجال بالنساء ، فقد ذكروا ان هؤلاء القصاص كانوا يقصون في الطرقات والمساجد ، فيجتمع الرجال والنساء فيرفعون اصواتهم بالدعاء ويمدون ايديهم وكان هذا الحال هو سبب انتقاد العلماء لهم ، وكانوا يسلكون في معاملة العوام مسلك المحتالين والمشعوذين ، حتى ينالوا اعطياتهم ومنحهم ، وكانوا يجمعون مالا كثيرا ، ولا يبالون بالذين ينتقدونهم ، ويأتون بالاساطير والخرافات والنوادر المضحكات ، والاحاديث الموضوعة ، يقولون ما ليس لهم به علم.

اخرج ابو شيبة زهير بن حرب في " كتاب العلم " عن مسروق قال : كنا عند عبدالله جلوسا وهو مضطجع ، فاتاه رجل فقال : يا ابا عبدالرحمن ان قاصا عند ابواب كندة يزعم ان آية الدخان تجيء فتأخذ بانفاس الكفار ، ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام .
فقال عبدالله - فجلس وهو غضبان - :
يايها الناس ! اتقوا الله ، فمن علم منكم شيئا فليقل بما يعلم ، ومن لا يعلم فليقل : الله اعلم .فانه اعلم لاحدكم ان يقول لما لايعلم : الله اعلم فان الله تعالى قال لنيه عليه السلام :
( قل ما اسالكم عليه من اجر وما انا من المتكلفين ).

ومن المفاسد ما اشار اليه ابن الاخوة في " معام القربة " حيث يقول :
وفي زماننا هذا لا يطلب الواعظ الاّ لتمام شهر ميت ، او لعقد نكاح ، او لاجتماع هذيان ، ولا يجتمع الناس عنده لسماع موعظة او لفائدة ، وانما صار ذلك من الفرح واللعب والاجتماع ، ويجري في المجلس امور لا تليق : من اجتماع الرجال والنساء ورؤية بعضهم لبعض واشياء لا يليق ذكرها . وهذا من البدع المضلة.

ان من اشد الناس اساءة للدين هم اولئك الذين يستغلونه لمنافعهم ومصالحهم . فهم على الرغم من حملهم لشعارات دينية مستعدون الاستعداد كله ليضعوا هذا الدين العظيم في خدمة رجل او دولة او مخططات ان كان في ذلك نفع لهم .
ومن هنا غدت الحاجة ملحة لفضح هؤلاء الدجالين وتحذير الناس منهم بالحكمة والاسلوب المناسب .

وقد كانوا في احقاب من التاريخ سببا في قيام بعض الاضطرابات بين اهل السنة والفرق المنحرفة عندما يشحنون العامة بما يثيرهم .

كل هذا يدل على اثرهم الفعال في المجتمع واستجابة العامة لما يطلبه هؤلاء القصاص منهم على نحو ما فعل العامة من ايذاء بابن جرير والشعبي والسيوطي وليس من شك في ان اثرهم الديني والخلقي كان كبيرا ولقد لاقى كلامهم رواجا عند الدهماء وكان اشد استهواء لهم من كلام العلماء الجاد الرصين.

فالحذر الحذر.......

ذم القصاصين
القصاص هو الذي يسرد القصص ويكثر منها فتراه يسرد قصة تلو قصة معرضا عن القرآن الكريم والسنة النبوية وغافلا عن قوله تعالى: «فذكر بالقرآن من يخاف وعيد» سورة «ق» (45) وقوله تعالى: «فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا» سورة الفرقان (52) أي جاهدهم بالقرآن.
وقوله تعالى: «اتل ما أوحي إليك من الكتاب» سورة العنكبوت (45) وقوله تعالى: «إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين. وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين» سورة النمل ( 91ـ90).
أخي القارئ اعلم رحمني الله وإياك ان الإكثار من القصص أمر محدث ما أنز الله به من سلطان!!
أخرج ابن أبي شيبة والمروزي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «لم يقص - بضم الياء وفتح القاف - على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا عهد أبي بكر ولا عهد عمر ولا عهد عثمان إنما كان القصص حيث كانت الفتنة) موارد الظمان صفحة (58) وذكره السيوطي في تحذير الخواص صفحة (245).
عزيزي القارئ ماالذي يجعل هؤلاء القصاص يستبدلون الذي ادنى بالذي هو خير؟
فأقول: لا شك ان الدوافع كثيرة من أهمها:
1- عجزهم شبه التام عن الاستدلال بآيات القرآن والاحاديث الصحيحة فتراهم اما لا يحفظونها او لا يعرفون كيف يستدلون بها!!
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن مثل هؤلاء: «اعيتهم الاحاديث أن يحفظوها....» شرح الالكائي لأصول السنة (139/1) والدارمي (47/1).
فالقرآن عظيم وثقيل قال تعالى: «إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً» سورة المزمل (5) فهؤلاء القصاص لا يستطيعونه اذ لابد من حفظه وتلاوته تلاوة صحيحة مع الاستدلال به استدلالاً مستقيماً وليس كذلك القصص فلو قدم فيها اواخر او اضاف او حذف او حرف فيها وكذب فمن ذا الذي سيحاسبه على ذلك؟!
2- رغبة القصاص في الشهرة وصرف وجوه الناس إليه!!
قال تميم الدارمي لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما: «دعنى ادع الله وأقص واذكر الناس. فقال عمر: لا. فأعاد عليه فقال: أنت تريد أن تقول ان تميم الدارمي فاعرفوني!! ذكره الطرطوخي ص(109) قال ابوالفضل العراقي، فانظر توقف عمر في اذنه في حق رجل من الصحابة يعني تميماً الدارمي الذين كل واحد منهم عدل مؤتمن واين مثل تميم في التابعين ومن بعدهم؟ ا.هـ تحذير الخواص ص223
3- نزولاً من القصاصين عند رغبة العوام والجمهور اذ النفوس الضعيفة تحب القصص والحكايات بينما يستثقلون المواعظ والزواجر ومعرفة الاوامر والنواهي والحلال والحرام فلما كان القصاص يعجبهم كثيراً تجميع الناس وكثرة المستمعين وجدوا من المناسب الاكثار من القصص وذكر الغرائب!!
اخرج الامام احمد في الزهد عن ابي المليح قال: ذكر ميمون القصاص فقال: «لا يخطئ القاص ثلاثاً: إما ان يسمن قوله بما يهزل دينه واما ان يعجب بنفسه واما ان يأمر بما لا يفعل «ذكره السيوطي في تحذير الخواص ص (252ـ251).
4- ومن اكبر اسباب ظهور القصاص تزيين الشيطان لهذا الأسلوب فتجدهم ينقلون كل ما هو غريب ولو كان باطلاً من اجل الاثارة فلا يتورعون عن الكذب بل هم من اكذب الناس!!
ذكر السيوطي في كتابه تحذير الخواص من اكاذيب القصاص ص265 قال: قال الامام احمد بن حنبل رحمه الله تعالى: «اكذب الناس القصاص والسؤال» - بضم السين وفتح الهمزة مشددة - أي الذين يسألون الناس اموالهم فيخترعون القصص ليتصدقوا عليهم.
اما مفاسد القصاصين فكثيرة منها:
(1) انهم بقصصهم وحكاياتهم يصدون الناس عن الكتاب والسنة تلاوة وتفقها واتعاظا واهتداء.
(2) تعويد عامة الناس على الكذب وعدم التثبت والمبالغات والخيالات الزائفة.
(3) يصرفون وجوه الناس اليهم دون العلماء العاملين والهداة المهتدين فتجد العامة يجلسون للقصاصين ويزهدون بالائمة الاعلام.
(4) اغترار كثير من الناس بالقصاصين فيظن انهم من اهل العلم والفقه والفتوى فيسألهم ويستفتيهم فربما افتوا بغير علم فضلوا واضلوا.
(5)روايتهم للاحاديث الموضوعة والباطلة والضعيفة وهذا من الكبائر لو كانوا يعقلون.
(6) يصرفون الناس عن قصص القرآن والتي هي احسن القصص قال تعالى «نحن نقص عليك احسن القصص بما اوحينا اليك هذا القرآن» سورة يوسف (3).
ـ7 ومن اكبر المفاسد روايتهم لقصص الانبياء فيكيلون فيها كيل بعير من الزيادات والاضافات حتى يصفوهم بما لا يليق بهم صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين.
ـ8 روايتهم للفتن التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم والنيل منهم وتنقصهم مع ان الواجب الامساك عما جرى بين الصحابة.
والخلاصة:
ان القصاصين قد اساءوا الى الاسلام وخطرهم كبير على المسلمين والواجب علينا التمسك بالكتاب والسنة وصرف الناس الى علماء الهدى والعلم النافع ونحذر من القصاص ونحذر منهم.
والله اسأل ان يوفق المسلمين لما فيه خيرهم وصلاحهم.هم.

منقول للفائدة




كتبه
ابو عبد الرحمن العدني
من سحاب السلفية