بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 28 ديسمبر 2020

سلسلة فتاوى الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان من الدروس العلمية واللقاءات المفتوحة شرح كتاب السُّنَّة من سنن أبي داود (1)

 


سلسلة فتاوى الشيخ الدكتور

صالح بن فوزان الفوزان

من الدروس العلمية واللقاءات المفتوحة

شرح كتاب السُّنَّة من سنن أبي داود

(5 دروس)

فتاوى الدَّرسِ الأول

مِنْ شَرْحِ كِتَابِ السُّنَّة مِنْ سُنَن أبي داود

وعددها (عشر) فتوى


س1: أَحْسَنَ اللهُ إليكُم سَمَاحَة الشَيْخِ! يقول السائل: ما حُكم قول: «عليّ الحرام» يقصد بها يمينًا؟ وما كفارة الحلف بغير الله؟

ج1: إذا  قال: عليه الحرام فهو على حسب نيته، فإن نوى ظهارًا فهو ظهار، وإن نوى طلاقًا فهو طلاق، وإن لم ينو شيئًا فإنه يكون يمينًا، إذا قال: عليه الحرام ولم ينو ظهارًا ولا طلاقًا فإنه يكون يمينًا مثل اليمين بالله، فيه كفارة وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.

والحلف بغير الله شرك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك».

واختلف العلماء: هل فيها كفارة أو ليس فيها كفارة على قولين:

القول الأول: أن فيها الكفارة مثل اليمين بالله.

القول الثاني: أنها ليس فيها كفارة؛ لأنها لم تنعقد، الحلف بغير الله لا تنعقد ولا تجب فيها الكفارة وهذا هو الراجح، هذا هو القول الراجح.

س2: أَحْسَنَ اللهُ إليكُم سَمَاحَة الشَيْخِ! يقول السائل: هل ممكن أن يُكتب شخص شقي ثم بعد ذلك سعيد؟ وجزاكم الله خيرًا!

ج2: هذا راجع إلى الله سبحانه وتعالى، أما الإنسان إذا عمل الطاعات وأحسن فإن الله يكتبه في السعداء، وأما إذا ترك الطاعات عن قصد  وهو قادر عليها فإن الله ييسره للنار كما سبق في الحديث: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له»

فالإنسان لا يتكل على القدر ويقول: العمل ليس فيه فائدة ما دام قُدِّر، لا، لا يتكل على القدْر، ولكن يعمل وهو يستطيع أن يعمل فهو لا يُسأل عن القدر وإنما يُسأل عن نفسه وعن قدرته.

والذين يشتغلون بالقدر ويجادلون فيه هؤلاء فيهم شبه من المعتزلة؛ الإنسان لا يُجادِل، يؤمن به ويعتقده لكن لا يجادل فيه، ولا يقل لماذا ولماذا، يتجه إلى العمل والتوبة وهو يَقْدر على العمل فكيف يترك العمل ويجادل في القدر؟!

القدر هذا من شأن الله، والعمل هذا من شأنك أنت، فاشتغل بما هو من شأنك وما كلفت به.

س3:  أَحْسَنَ اللهُ إليكُم سَمَاحَة الشَيْخِ! يقول السائل: قال بعض الناس: «من ابتدع بدعة واحدة فهو مبتدع ضال» هل هذا صحيح؟ ومتى يُبدَّع الشخص؟ وجزاكم الله خيرًا!

ج3: البدعة ما ليس له دليل من الكتاب والسنّة، البدعة هي العمل الذي ليس عليه دليل من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما قال صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»  وفي رواية: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد».

فالبدعة كل عمل يتقرب به الإنسان إلى الله وليس عليه دليل، والبدعة إنما تكون في العبادات، ولا تكون البدعة في العادات: كالثياب والمراكب والمباني، هذه بدعة لغوية، لكن ليست شرعية.

إنما البدعة في العبادات: «من أحدث في أمرنا...»، «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» أي مردود عليه.

والذين يُعرِّفون البدع ويحددونها هم العلماء، يحكمون بالبدعة عن دليل وعن معرفة، أما طلبة العلم والمبتدئون والعوام فليس لهم حق في أن يحكموا على الناس بأنهم مبتدعة وأنهم مخالفون من غير علم؛ فيجب على طالب العلم أن يترفق وأن يتأنى في الأمور وأن يسأل أهل العلم.

والبدع تختلف منها بدعة كبيرة وبدعة صغيرة وبدعة متوسطة حسب المخالفات، ليست البدع على نوع واحد.

ولكن لا يحكم على الشخص أنه مبتدع إلا عالم بالكتاب والسُّنَّة، فالترامي والتراشق بالبدعة من غير علم ومن غير معرفة هذا خطر عظيم!

س4:  أَحْسَنَ اللهُ إليكُم سَمَاحَة الشَيْخِ! يقول السائل: أرجو من سماحتكم تبيين ما هي المشيئة القدرية وما هي المشيئة الكونية وما الفرق بينهما؟ جزاكم الله خيرًا!

ج4: لا فرق بينهما، المشيئة الكونية والقدرية هي شيء واحد.

س5:  أَحْسَنَ اللهُ إليكُم ! يقول السائل: ما هي حقيقة علم الكلام؟ ومن هم أبرز علماء علم الكلام؟ وهل يوجد منهم طوائف في هذا الزمن؟ وجزاكم الله خيرًا!

ج5: علم الكلام هو علم المنطق المبني على المقدمات والنتائج والجدل ولم يكن معروفًا في أول الإسلام، كان العلماء يعتمدون على الكتاب والسُّنَّة والوحي المنزَّل فلما تأخر الزمان بعد القرون المفضلة حدث علم الكلام والجدل والمنطق وهو مجلوب من اليونان، مجلوب من الكفار، ليس هو من طريقة المسلمين، ولا يبنى عليه دِين، ولا يستدل به؛ ولذلك حذَّر منه العلماء غاية التحذير وهو موجود، فيه من يَدْرُسه ومن يُدَرِّسه ومن يستدل به وهو علم باطل؛ لأنه ترك للكتاب والسُّنَّة واستدلال بقواعد المنطق وعلم الجدل فهذا إعراض عن الكتاب والسُّنَّة.

والله أنزل علينا الكتاب والسُّنَّة هداية للناس، فيستدل المسلم بالكتاب والسُّنَّة ولا يستدل بقواعد المنطق وعلم الجدل ويقدمها على الكتاب والسُّنَّة.

 يسمونها براهين عقلية وهي في الحقيقة جهليات وشكوك؛ لأنها من صنع البشر وأما الكتاب والسُّنَّة فهما تنزيل من حكيم حميد {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت : 42]

فأهل العلم وأهل والسُّنَّة لا يستدلون بالمنطق ولا يعتمدون عليه، وإنما يستدلون بالكتاب والسُّنَّة.

س6: أَحْسَنَ اللهُ إليكُم! سَمَاحَة الشَيْخِ، يقول السائل: ما معنى قول علي رضي الله عنه: «القدْر سرِّ الله»؟

ج6: يعني لا يعلمه إلا الله، سرٌّ، والسرُّ هو الشيء الذي لا يُعلم فالقدْر لا يعلمه الخلق وإنما يعلمه الله سبحانه وتعالى وهو من شأن الله، فلماذا نتدخل فيه نحن؟ ولن نصل إلى نتيجة؛ لأن الله لم يأمرنا بذلك، إنما أمرنا بالإيمان بالقضاء والقدْر ولم يأمرنا بالسؤال عنه والبحث فيه.

س7: أَحْسَنَ اللهُ إليكُم! سَمَاحَة الشَيْخِ، يقول السائل: ما حكم الاحتفال بوليمة ختم القرآن؟ وجزاكم الله خيرًا!

ج7: لا بأس بذلك؛ لأن هذا فيه تشجيع لحفظة القرآن وفيه شكر لله سبحانه وتعالى فلا بأس بحفل تخريج القرآن.

س8: أَحْسَنَ اللهُ إليكُم! ، يقول السائل: سماحة الشيخ ما تفسير الآية: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان : 72]  ما معنى الزور؟ وهل حضور الحفلات الغنائية في الأفراح وغيرها من شهود الزور؟ وجزاكم الله خيرًا!

ج8: الزُّور هو الباطل والشيء المُزَوَّر المنمق الذي ظاهره أنه حسن وباطنه أنه خبيث، هذا هو الزور من التزوير، تعرفون التزوير! تعرفون شهادة الزور! قوله تعالى:  {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} أي لا يحضرون أعياد الكفار، من الزور أعياد الكفار، فأهل الإيمان لا يحضرونها يبتعدون عنها، جميع أعياد الكفار.

والزُّور يشمل أعياد الكفار وغيرها، لكن أعياد الكفار من جملة الزُّور، والمسلم يترك الزُّور ، يترك التزوير، والغناء والمزامير من الزُّور أيضًا فالمسلم لا يحبها ولا يحضرها؛ لأنها لهو ولعب وباطل فهي من الزور.

س9: أَحْسَنَ اللهُ إليكُم! سَمَاحَة الشَيْخِ، يقول السائل: ما صحة قول: «ابن آدم مُسَّير ومُخيِّر»؟

ج9: نعم صحيح، ابن آدم مُسَّير ومخير، هو من جهة أفعاله مُخيِّر، ومن جهة أفعال الله فهو مُسَّير لا حيلة له في تبديل خلق الله، لا حيلة في تغيير ما كتب الله سبحانه وتعالى فهو مُسَّير، كونه يمرض، كونه يجوع، كونه يموت، هذا مُسَّير لا حيلة له فيه من جهة أفعال الله هو مسير.

أما من جهة أفعاله هو كالصلاة والصيام والحج والصدقة وأعمال الخير فهو مخير يفعلها بإرادته أو يتركها بإرادته فهو مُخيِّر.

الحاصل أن الجواب بالاختصار: من جهة أفعال الله فيه فهو مُسَّير ، ومن جهة أفعاله هو فهو مُخيِّر.

س10: أَحْسَنَ اللهُ إليكُم! سَمَاحَة الشَيْخِ، يقول السائل:   ما صحة هذه القاعدة: «كل ما في الكون حلال  إلا ما خُصَّ بدليل»؟

ج10: نعم الأصل في الأشياء الإباحة، {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة : 29] فالأصل في الأشياء  الأطعمة والأشربة والملابس الأصل فيها الإباحة، إلا ما دل الدليل على تحريمه فإنه يكون حرامًا، وما لم يدل دليل على تحريمه فإنه حلال ومخلوق لنا، هذه قاعدة صحيحة.

ليست هناك تعليقات: