بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

كلام أئمة أهل العلم والفقه فيما يقوله المأموم في مواطن الثناء من دعاء القنوت

كلام أئمة أهل العلم والفقه فيما يقوله المأموم في مواطن الثناء من دعاء القنوت
الحمد لله الكريم الرحمن، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للإنس والجان، وعلى آله وأصحابه وسائر أهل الإسلام والإيمان.
أما بعد فيا أيها الأخ المفضال - زادك الله في الفقه واﻹحسان -:
إن بين يديك وناظريك جزء صغير حول "ما يقوله المأموم في مواطن الثناء من دعاء القنوت".
ذكرت فيه ما وقفت عليه من كلام لأهل العلم والفقه - أكرمهم الله بالجنة والرضوان - عن هذه المسألة.
ومن أمثلة الثناء على الله تعالى:
1- قول اﻹمام في دعائه: (( إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ ((.
2- وقوله: (( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ...)).
هذا وأسأل الله العلي العظيم أن ينفعني وإياك به، وبما فيه، إنه سميع الدعاء.
ودونك هؤﻻء العلماء والفقهاء - جعلهم الله من أهل رضوانه - مع كلامهم ومكانه ومرجعه:
أوﻻً: قال الإمام أبو داود السجستاني - رحمه الله - في "مسائله"(475) :

ﺳﻤﻌﺖ ﺃﺣﻤﺪ - يعني: ابن حنبل - ﺳﺌﻞ ﻋﻦ اﻟﻘﻨﻮﺕ؟ ﻓﻘﺎﻝ:

اﻟﺬﻱ ﻳﻌﺠﺒﻨﺎ ﺃﻥ ﻳﻘﻨﺖ اﻹﻣﺎﻡ ﻭﻳﺆﻣﻦ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻪ، ﻗﻴﻞ ﻷﺣﻤﺪ: ﻗﺎﻝ: (( اﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺘﻌﻴﻨﻚ ﻭﻧﺴﺘﻐﻔﺮﻙ )) ﻳﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻪ: ﺁﻣﻴﻦ؟ ﻗﺎﻝ: ﻳﺆﻣﻦ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ اﻟتأﻣﻴن.اهـ
ثانياً: قال اﻹمام محمد بن نصر المروزي - رحمه الله -كما في "مختصر الوتر"(ص:150):
وهذا الذي أختار: أن يسكتوا حتى يفرغ اﻹمام من قراءة السورتين، ثم إذا بلغ بعد ذلك مواضع الدعاء أمنوا.اهـ
وقد نقل قبله عن معاذ القاري - رحمه الله - أنه قال في قنوته: (( اللهم قحط المطر فقالوا: آمين فلما فرغ من صلاته قال: قلت: اللهم قحط المطر فقلتم: آمين أﻻ تسمعون ما أقول ثم تقولون: آمين)).
ثالثاً: قال النووي - رحمه الله - في كتابه "المجموع"(3/ 418:(
ﻳﺆﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﻜﻠﻤﺎﺕ اﻟﺨﻤﺲ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺩﻋﺎء.
ﻭﺃﻣﺎ اﻟﺜﻨﺎء، ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻟﻪ: (( فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ )) ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮﻩ.
ﻓﻴﺸﺎﺭﻛﻪ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺃﻭ ﻳﺴﻜﺖ ﻭاﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺃﻭﻟﻰ ﻷﻧﻪ ﺛﻨﺎء ﻭﺫﻛﺮ ﻻﻳﻠﻴﻖ ﻓﻴﻪ اﻟﺘﺄﻣﻴﻦ.اهـ
يعني: يشاركه بقول هذا الثناء سراً
ذكره ابن علان - رحمه الله - في "الفتوحات الربانية"، وغيره من الشافعية.
رابعا: قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واﻹفتاء برئاسة شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز وعضوية العلامة عبد الله الغديان - رحمهما الله - (7/ 48):
ﻳﺸﺮﻉ اﻟﺘﺄﻣﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻋﺎء ﻓﻲ اﻟﻘﻨﻮﺕ، ﻭﻋﻨﺪ اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻳﻜﻔﻴﻪ اﻟﺴﻜﻮﺕ.
ﻭﺇﻥ ﻗﺎﻝ: ﺳﺒﺤﺎﻧﻚ ﺃﻭ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻓﻼ ﺑﺄﺱ.اهـ
وقالت اللجنة الدائمة أيضاً(7/ 185):
يؤمن المأموم على دعاء اﻹمام، ويثني على الله سبحانه إذا أثنى إمامه على الله أو ينصت.اهـ
ووقع عليها:
عبد العزيز بن باز وعبد الرزاق عفيفي وعبد الله بن قعود.
خامساً: قال العلامة محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله -:
يؤمن في موضع الدعاء، ويسكت في موضع الثناء على الله.اهـ
نقلاً عن الأخ عبد الله بن ناصر الدوسري - سلمه الله -، وهو ممن لهم صلة بالشيخ - رحمه الله - وقرب.
سادساً: قال العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:
فإذا ورد ثناء على الله - عز وجل - في قنوت الوتر، وقال المأموم: "سبحانك" فلا بأس.اهـ
نقلاً عن كتاب بعنوان:"جلسات رمضانية لابن عثيمين".
سابعاً: قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان - سلمه الله - في بيان له بتاريخ (15/ رمضان/1432) ونشر في جريدة المدينة رداً على أحدهم:
يقول هؤﻻء اﻹخوة:
إن قول "سبحانك" بعد كل جملة معناه تنزيه الله عما جاء فيها، هكذا بلغني عنهم.
أقول ليس لهذا الاستنكار وجه لأمرين:
اﻷمر اﻷول: أن قول "سبحانك" ثناء على الله تعالى، والله تعالى أمر بتسبيحه، فقال: { وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } وقال: { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } فالتسبيح من أنواع الذكر لله، فالمأموم إذا قاله إنما يذكر الله به حينما يثني اﻹمام بهذه اﻷلفاظ على الله سبحانه، فهو ذكر ابتدائي ليس تنزيهاً لله عما قاله اﻹمام.
الأمر الثاني: وحتى لو قلنا إنه تنزيه لله فإنه يعود إلى تنزيه الله عن ضد ما قاله اﻹمام، فإذا قال: (( لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ )) فمعناه: تنزيه الله عن أن يذل من والاه أو يعز من عاداه، وكذلك في قوله: (( إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ )) فإن التسبيح معناه: تنزيه الله من أن يقضي عليه.
فينبغي التنبه لذلك وعدم التسرع في اﻹنكار قبل التثبت.
وفق الله الجميع وصلى الله على نبينا محمد.اهـ
ثامناً: وقال لي شيخنا العلامة ربيع بن هادي المدخلي سلمه الله - حين سألته في (5/ رمضان/1434):
لا أعرف في ذلك حديثاً، ولكن إذا سبح فليسبح في نفسه.اهـ

تاسعاً: وسئل العلامة أحمد بن يحيى النجمي - رحمه الله - فقال:

يسكت أو يسبح.اهـ

نقله لي عنه الأخ الشيخ عبد الواحد المدخلي - سلمه الله - وزاد:

وكأن الشيخ يفضل السكوت على التسبيح.اهـ
عاشراً: قال العلامة زيد بن محمد هادي المدخلي سلمه الله -:
الأمر في هذا واسع، إن شاء أمن، لأن التأمين تمجيد، وإن شاء سبح الله ونزهه، وإن شاء سكت.اهـ
نقلاً عن الأخ الشيخ فواز المدخلي - سلمه الله -، حيث طلبت منه سؤال الشيخ فأجابه بهذا الجواب.
حادي عشر: قال العلامة عبد المحسن بن حمد العباد - سلمه الله -:
له أن يقول سبحانك، وله أن يسكت.اهـ
كتبه لي أحد تلامذته وهو الأخ الشيخ بدر الظاهري - سلمه الله -.
ثاني عشر: أملى علي شيخنا العلامة عبيد بن عبد الله الجابري هذا الكلام حين سألته في(5/ رمضان/1434):
يبدو لي أن اﻷمر فيه سعة، فإن شاء المأموم سبح، وإن شاء سكت، وحتى هذه الساعة لا أعلم ورود شيء في السنة في ذلك.اهـ
وخلاصة ما تقدم نقله عنهم:
أن منهم من قال - وهم الأكثر -: هو مخير إن شاء سكت، وإن شاء سبح، ومنهم من قال: يسكت، وزاد بعضهم: وإن شاء أمن.


جمع وترتيب:
عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد