بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 2 أبريل 2014

نُزُوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَاْ يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ مَسَاْئِلْ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد

فهذا بحث لطيف في مسألة نزول الله عز وجل إلى سماء الدنيا، فأقول وبالله أستعين :

أولًا : "إثبات نزول الله عز وجل"
قال العلامة محمد أمان الجامي رحمه الله : "القول الحق المؤيَّد بالأدلة هو الذي عليه سلف الأمة من أن الله تعالى تقوم به هذه الأفعال فيكون النزول فعلًا فعَلَه سبحانه، يقول الإمام ابن تيمية في تأييد هذا القول : (وهذا قول السلف قاطبة وجماهير الطوائف)....إلى أن قال الجامي : وساق عبدالرحمن بن مندة بإسناده عن حرب قال : هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب الحديث والأثر وأهل السنة المعروفين بها وهو مذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه والحميدي وغيرهم...إلى أن قال : وصفة النزول من الصفات التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم ويشهد له القرآن حيث أخبر الرب سبحانه وتعالى عن مجيئه يوم القيامة فنستطيع أن نقول : إن صفة النزول ثابتة بالكتاب والسنة" أ.هـ من الصفات الإلهية صـ٢٤٨ـ٢٥١ـ

ثانيًا : "تواتر الأخبار به"
قال العلامة الجامي رحمه الله : "ورد في صفة النزول أحاديث كثيرة وصفها الإمام ابن تيمية بالتواتر وكذا ابن عبدالبر والذهبي رحمهم الله" ثم قال : "وقال ابن القيم : نزول الله تواترت الأخبار به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رواها عنه نحوًا من ثمانية وعشرين نفسًا من الصحابة" أ.هـ من المصدر السابق صـ٢٥٢ـ٢٥٥ـ

ثالثًا : "أقوال المخالفين فيه"
منهم من ينكر أصله ويفسره بالمخلوق كالمعتزلة، ومنهم من يقول : ينزل أمره وتنزل رحمته وهذا قول المؤولة من الأشاعرة وغيرهم، انظر اللآلئ البهية للعلامة صالح آل الشيخ حفظه الله (٣٦/٢)

رابعًا : "بعض شبه المخالفين والرد عليهم"
أ - قالوا : ينزل أمره
ومن الرد عليهم : أن أمره سبحانه وتعالى نازل دائمًا وأبدًا لا يختص بثلث الليل فقط

ب - قالوا : تنزل رحمته
ومن الرد عليهم : أن رحمة الله تنزل كل وقت والله يقول : (وما بكم من نعمة فمن الله) ونِعَم الله من آثار رحمته وأيضا فأي فائدة لنا بنزول الرحمة إلى سماء الدنيا؟!!

ج - قالوا : ينزل ملَك من ملائكته
ومن الرد عليهم : هل من المعقول أن يقول الملك من يدعوني فأستجيب له؟!!

د - قالوا : كيف ينزل الله في ثلث الليل الآخر وثلث الليل الآخر إن انتهى من السعودية مثلًا ذهب إلى أوروبا، أفيكون نازلًا دائمًا؟
ومن الرد عليهم : أن من آمن بالله وبأنه ينزل في هذا الوقت ليس عليه شيء وراء ذلك فلا تقل كيف؟ وكيف؟

هـ - قالوا : لازم ذلك أنه سبحانه يزول عن مكانه
ومن الرد عليهم : قال الفضيل بن عياض : إذا قال لك الجهمي : أنا أكفر برب يزول عن مكانه، فقل : أنا أومن برب يفعل ما يشاء

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "سئل بعض نفاة العلو عن نزول الله فقال : ينزل أمره، فقال له السائل : فممن ينزل؟!! إن عندك فوق العالم شيء فممن ينزل أمره؟ من العدم المحض؟ فبُهت" لأنه ينفي علو الله عز وجل وانظر شرح الواسطية للعلامة ابن عثيمين رحمه الله (١٤/٢) إلى صـ١٧ والصفات الإلهية للعلامة للجامي رحمه الله صـ٢٤٩ـ٢٥٤ـ

خامسًا : "هل يقال : ينزل بذاته؟" قال الإمام ابن القيم رحمه الله : "اختلف أهل السنة في نزول الرب على ثلاثة أقوال :-
(١) أنه سبحانه ينزل بذاته، قال شيخنا : وهذا قول طوائف من أهل الحديث والسنة والصوفية والمتكلمين.
(٢)أنه لا ينزل بذاته
(٣) أنه ينزل ولكن لا نقول بذاته ولا بغير ذاته بل نطلق اللفظ كما ورد في السنة ونسكت عما سُكت عنه، انظر الصفات الإلهية للعلامة للجامي رحمه الله صـ٢٥٥

سادسًا : "هل يخلو منه العرش؟" قال العلامة الجامي رحمه الله : "المفروض عدم ورود هذا السؤال والواجب الإمساك عن الخوض في هذه النقطة التي سكت عنها السلف" أ.هـ من الصفات الإلهية صـ٢٥٠
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وأهل الحديث في هذا على ثلاثة أقوال :
(١) ينكرون أن يقال : يخلو أو لا يخلو كما يقول ذلك الحافظ عبدالغني المقدسي وغيره
(٢) يقولون بخلو العرش منه سبحانه وصنف عبدالرحمن بن مندة مصنفًا إنكارًا على من قال : لا يخلو منه العرش وسماه : "الرد على من زعم أن الله في كل مكان وعلى من زعم أن الله ليس له مكان وعلى من تأول النزول على غير النزول"
(٣) يقولون بعدم خلو العرش منه وهم الجمهور" أ.هـ من مجموع الفتاوى (٣٨٠/٥) إلى صـ٣٩٦
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله : "شيخ الإسلام في الرسالة العرشية يقول : إنه لا يخلو منه العرش لأن أدلة استوائه على العرش محكمة والحديث في هذا - أي : حديث النزول - محكم" أ.هـ من شرح الواسطية (١٧/٢)

- فائدة : قال الحافظ ابن عبدالبر عن حديث النزول في ثلث الليل : "هذا حديث صحيح لا يختلف أهل الحديث في صحته" انظر الصفات الإلهية للعلامة الجامي رحمه الله صـ٢٥٢

والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 

نقلا عن شبكة سحاب السلفية