بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 16 سبتمبر 2016

    معنى الولاء والبراء

       معنى الولاء والبراء
والمقصود بالولاء: التحاب الموجب للتقارب والاجتماع والاتفاق في الدين والاعتقاد, والتناصر والتعاون.
والبراء: المعاداة والتباغض, الموجب للتباعد والاختلاف والتفرق, كما ذكره شيخ الإسلام في "قاعدة في المحبة", كما في "جامع الرسائل" (2/384), و (2/263), و (2/319).
وولاء أهل الاستقامة, والتحاب في الله, و التناصر والتعاون, وبغض أهل الانحراف والأهواء في الله, ولله أصل عظيم من أصول الدين, كما دلت على ذلك النصوص المتكاثرة.
·        (أدلة هذا الأصل).
قال سبحانه: {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله..الآية}, وقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق}.
وهو شامل لأهل الكفر وأهل الأهواء والبدع, ومفهوم ذلك ثبوت المودة لأهل الاستقامة والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: <إن آل فلان ليسوا بأوليائي, إنما وليي الله, وصالح المؤمنين>. رواه البخاري (5990), ومسلم (528), عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
قال النووي في "شرح مسلم" : معناه: إنما وليي من كان صالحاً, وإن بعد نسبه مني, وليس وليي من كان غير صالح, وإن كان نسبه قريباً.اهـ
وروى البخاري (16), ومسلم (63), عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان, وذكر منهن: <وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله>.
قال النووي في شرحه: هذا حديث عظيم, أصل من أصول الإسلام.اهـ
وجاء عند أبي داود (4681), عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <من أحب لله, وأبغض لله, وأعطى لله, ومنع لله, فقد استكمل الإيمان>.
وحسنه الإمام الألباني في "الصحيحة" (380), وذكر له شاهداً من حديث معاذ بن جبل (1/113), وحسنه, ثم قال: فالحديث بمجموع الطريقين صحيح.اهـ
وجاء في "الموطأ", عن معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعاً: <وجبت محبتي للمتحابين فيَّ, والمتجالسين فيَّ, والمتزاورين فيَّ, والمتباذلين فيَّ>. وحسنه العلامة الألباني في "المشكاة" (5011).
والأدلة في بيان موقع الحب في الله والبغض في الله, والولاء والبراء في الله كثيرة, ومجموع ما ذكر كافٍ –إن شاء لله- في بيان أن ذلك من أصول الإيمان.
·         (تقرير السلف والأئمة لهذا الأصل).
ولهذا ذكر الإمام الصابوني في عقيدة السلف ذلك من أصول الدين, ومعتقد السلف, التي استمسك بها أئمة الدين وعلماء المسلمين السالفين, ودعوا الناس إليها في كل حين, ونهوا عما يضادها وينافيها, ووالوا في اتباعها, وعادوا فيه, كما صرح به  في أول كتابه (ص/159). فقال: ويتحابون في الدين, ويتباغضون فيه..ويعادون أصحاب الأهواء والجهالات..ويبغضون أهل البدع ولا يحبونهم.اهـ
وذكر (ص/112) ط المنهاج ((أن من علامات أهل السنة حبهم لأئمة السنة وعلمائها وأنصارها وأولياءها, وبغضهم لأئمة البدع )).
قال شيخ الإسلام في "قاعدة في المحبة" كما في "جامع الرسائل" (2/195): ولهذا كان رأس الإيمان الحب في الله, والبغض في الله.اهـ
وقال-أيضاً- (2/319): لا يتم التعاون والتناصر في سبيل الله, إلا بأن يجمع بين ما جمع الله بينه, ويفرق بين ما فرق الله بينه, وهذه حقيقة الموالاة والمعاداة, التي مبناها على المحبة والبغضة.اهـ
وبين –أيضاً- (2/255و246و257و258) أن حقيقة ذلك من لوازم محبة الله عز وجل وتعظيمه, ثم قال (2/297): ولهذا فإن المتحابين في الله يعظم تحابهما, ويقوى ويثبت.
وعلى هذا, فتغيير هذا الأصل عن مجراه بالولاء والبراء الحزبي الضيق, أو بتوسعته, حتى يوالى أهل الباطل والانحراف, كما هو حال الإخوان المسلمون وأفراخهم, فذاك عين الإحداث والابتداع بالزيادة أو النقص في التعبدات, كما سبق كلام ابن الوزير في ذلك.
وقد بين شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (20/164) أن الموالاة والمعاداة لشخص يدعو إلى طريقته غير النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم, أو لكلام غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة من فعل أهل البدع الذين يفعلون ذلك يفرقون به بين الأمة, يوالون به على ذلك الكلام, أو تلك النسبة, ويعادون.
وقال –أيضاً- كما في (11/512): وليس لأحد أن ينتسب إلى شيخ يوالي على متابعته, ويعادي على ذلك, بل عليه أن يوالي كل من كان من أهل الإيمان, ومن عرف التقوى من جميع الشيوخ وغيرهم, ولا يخص أحداً بمزيد موالاة, إلا إذا ظهر له مزيد إيمانه وتقواه.اهـ
وقد ذكر شيخنا الإمام الوادعي –طيب الله ثراه- في "تحفة المجيب" (ص/11) أن الرجل يخرج من دائرة أهل السنة ومنهج السلف الصالح إذا ارتكب البدع, وخرج عن منهج السلف –وذكر طرف من ذلك- ثم قال: أو الولاء الضيق, كالحزبية التي هي ولاء وبراء ضيق.
وذكر العلامة الفوزان –حفظه الله- في "الأجوبة المفيدة" (ص/125) أن من خالف في الولاء والبراء أو في مسألة واحد في العقيدة, لا يكون من الفرقة الناجية, ويدخل في وعيد: <كلهم في النار>.
وبين شيخ الإسلام في "الحسبة" (ص/176-129) أن المحبة والبغض والكراهة بحسب محبة النفس وبغضها نوع من ابتاع الهوى بغير هدى من الله, الذي اتباعه في الديانات أعظم من اتباع الأهواء في الشهوات, وأنه من التقدم بين يدي الله ورسوله, الذي يجعل صاحبه من أهل الأهواء