بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 9 فبراير 2014

من منهج السلف الرد على المخالف



من منهج السلف الرد على المخالف ( 1 )
إنه من المتقرر عند أئمة السلف رحمهم الله الرد على المخالف وسواء كان المخالف من أهل السنة والجماعة ( 2 ) – خالف في مسألة فقهية أو عقدية أو كان المخالف من أهل البدع، و لا يلزم في الرد على المخالف ذكر حسنات المردود عليه أو الموازنة بين الحسنات والسيئات، فقد مدح الله المؤمنين من غير ذكر مساوئهم، وذم الله الكافرين والمنافقين والفاسقين من غير ذكر محاسنهم، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من أهل الأهواء دون إلتفات إلى ما فيهم من حسنات، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم عيوب أشخاص معينين ولم يذكر محاسنهم من باب النصيحة فعن عائشة رضي الله عنها قالت" تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية "
{ هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات  هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب } قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم " رواه البخاري  في صحيحه و مسلم في صحيحه ..
 وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " سيكون في آخر الزمان  ناس يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإيَّاكم وإيَّاهم " مقدمة مسلم.
ومعلوم أن أهل البدع لا يخلون من محاسن فلم يلتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها ولم يذكرها ولم يقل استفيدوا من محاسنهم . ( 1 )
قال البغوي في شرح هذين الحديثين " قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن افتراق هذه الأمة وظهور أهل الأهواء والبدع فيهم وحكم بالنجاة لمن اتبع سنته وسنة أصحابه – فعلى المرء المسلم إذا رأى رجلاً يتعاطى شيئاً من الأهواء والبدع معتقداً أو يتهاون بشيء من السنن أن يهجره ويتبرأ منه ويتركه حياً وميتاً فلا يُسلم عليه إذا لقيه ولا يُجيبه إذا ابتدأ إلى أن يترك بدعته ويراجع الحق والنهي عن الهجران فوق ثلاث فيما يقع بين الرجلين من التقصير في حقوق الصحبة والعشرة دون ما كان في حق من الدين فإن هجرة أهل الأهواء والبدع دائمة إلى أن يتوبوا " أ هـ ( 2 )
هذا بالنسبة للتحذير من أهل الأهواء والبدع وأما بالنسبة لذكر النبي صلى الله عليه وسلم عيوب أشخاص معينين بدون ذكر محاسنهم.
1-  فعن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال " بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة "( 3 )
قال القرطبي رحمه الله في الحديث جواز غيبة المعلن بالفسق أو الفحش أو نحو ذلك من الجور في الحكم والدَّعاء إلى البدعة .... "( 4 ) قال النووي : " و في الحديث مدارة من يتقى فحشه و جواز غيبة الفاسق المعلن فسقه و من يحتاج الناس إلى التحذير منه " ( 1 )
2-  ولما ذكرت فاطمة بنت قيس للنبي صلى الله عليه وسلم أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له أنكحي أسامة بن زيـد " ( 2 )ولا شك أن للرجلين فضائل ومحاسن ولكن المقام مقام نصيحة ومشورة لا يتطلب أكثر من ذلك .
3- وعن عائشة رضي الله عنها أن هند بنت عتبة قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم قال : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف".( 3 )
قال الحافظ ابن حجر واستدل بهذا الحديث على جواز ذكر الإنسان بما لا يعجبه إذا كان على وجه الاستفتاء والاشتكاء ونحو ذلك وهو أحد المواضع التي تباح فيها الغيبة( 4 ).فلم ينكر عليها النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها للجانب السيء ولم يكلفها بذكر محاسن أبي سفيان وإنه لذو محاسن.( 5 )
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمة الله عليه : "جرح رواة الحديث بالحق وبدع المبتدعة واجب شرعاً وقال : ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين حتى قيل لأحمد بن حنبل الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع فقال : إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل فبيّن أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداءاً " ( 1 )


نقلا من كتاب كن سلفيا للشيخ

عبد السلام بن سالم السحيمي




( 1 )  - و هو  أصل متقرر عند أهل السنة والجماعة ويعدونه من باب النصيحة وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على هذا الأصل و هو الرد على المخالف،ولمزيد من التفصيل في هذا الباب وهو الرد على المخالف ينظر في الكتاب القيم الموسوم بـ " منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكنب والطوائف " للشيخ العلامة الدكتور ربيع بن هادي المدخلي ، حفظه الله ، و الكتاب القيم للدكتور بكر أبو زيد ( الرد على المخالف من أصول الإسلام )
( 2 )  - - لكن إن كان المنتقد من أهل السنة والجماعة وأخطاؤه في الأمور التي لا تخل بالعقيدة فهذا تذكر ميزاته وحسناته تغمر زلاته في نصرته للسنة أما إن كان المنتقد من أهل الضلال – فلا يجوز لنا أن نذكر حسناته ... من كلام الشيخ العلامة الدكتور/ صالح الفوزان حفظه الله.
( 1 )  - منهج اهل السنة و الجماعة في نقد الرجال و الكتب و الطوائف  للشيخ العلامة الدكتعور ربيع بن هادي المدخلي ص ( 18 )  
( 2 )  - المصدر السابق ، الصفحة نفسها ، و شرح السنة ، ( 1 / 277 ) .
( 3 )  - صحيح البخاري مع الفتح ( 10 / 471 )
( 4 )  - فتح الباري ( 10 / 452 )
( 1 )  - شرح النووي على صحيح مسلم ( 16 / 144 )
( 2 )  - صحيح مسلم ( 2 / 1114 )
( 3 )  - صحيح البخاري مع الفتح ( 9 / 507 )
( 4 )  -  فتح الباري ( 9 / 509 )
( 5 )  -  انظر :  ( منهج أهل السنة و الجماعة في نقد الرجال و الكتب و الطوائف ، ص ( 20 ، 21 )
( 1 )  - مجموع الفتاوى ( 28  231 – 232 )