بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 11 مارس 2014

سلسلة أقوال من ذهب9

يقول إذا صلى الإنسان صلاتين بثوب فيه نجاسة ولم يكن يعلم فهل يعيد تلك الصلوات ومتى؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يعيد تلك الصلوات ما دام لم يعلم إلا بعد ذلك أو كان عالماً ثم نسي أن يغسله فإنه لا يعيد الصلاة لعموم قوله تعالى (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى بأصحابه ذات يومٍ فخلع نعليه فخلعوا نعالهم فلما سلم قال ما لكم خلعتم نعالكم قالوا يا رسول الله رأيناك خلعت نعليك فخلعناها فقال لهم (إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً فخلعتهما) فدل هذا على أن الجاهل بالنجاسة لا يلزمه إعادة الصلاة ولو كان يلزمه لاستأنف النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة من أولها.
 ***
كتاب فتاوى نور على درب لابن عثيمين رحمه الله
 الجزء 129 الصفحة 7


نقلا من شبكة الآمين السلفية

الأربعاء، 5 مارس 2014

رفع الألتباس في سنن العطاس

رفع الألتباس في سنن العطاس

======


اِعْلَمْ أَنَّ الْعُطَاسَ نِعْمَةٌ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ

فَلَا بُدَّ لِلْعَاطِسِ إِذَا عَطَسَ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى .





قَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ الْقَيِّمِ فِي زَادِ الْمَعَادِ :

الْعَاطِسُ قَدْ حَصَلَتْ لَهُ بِالْعُطَاسِ نِعْمَةٌ وَمَنْفَعَةٌ بِخُرُوجِ الْأَبْخِرَةِ الْمُحْتَقِنَةِ فِي دِمَاغِهِ الَّتِي لَوْ بَقِيَتْ فِيهِ أَحْدَثَتْ لَهُ أَدْوَاءَ عَسِرَةً ، شُرِعَ لَهُ حَمْدُ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ ، مَعَ بَقَاءِ أَعْضَائِهِ عَلَى اِلْتِئَامِهَا وَهَيْئَتِهَا عَلَى هَذِهِ الزَّلْزَلَةِ الَّتِي هِيَ لِلْبَدَنِ كَزَلْزَلَةِ الْأَرْضِ لَهَا اِنْتَهَى .

تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 45)








بَاب تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ اللَّهَ

* إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه وإذا لم يحمد الله فلا تشمتوه . ‌

تخريج السيوطي : (حم خد م) عن أبي موسى.

تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 683 في صحيح الجامع.‌




* عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ

* عَطَسَ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتْ الْآخَرَ
 فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ وَهَذَا لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ.

صحيح البخاري - (ج 19 / ص 223)








باب تخفيض العطاس


* كان إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه وخفض بها صوته . ‌

تخريج السيوطي : (د ت ك) عن أبي هريرة.

تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 4755 في صحيح الجامع





باب الزيادة فوق الثلاث

* إذا عطس أحدكم فليشمته جليسه فإن زاد على ثلاث فهو مزكوم ولا يشمت بعد ثلاث . ‌

تخريج السيوطي : (د) عن أبي هريرة.

تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 684 في صحيح الجامع







باب السنن الواردة في العطاس


* إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله رب العالمين وليقل له يرحمك الله
 وليقل هو يغفر الله لنا ولكم . ‌

تخريج السيوطي : (طب ك هب) عن ابن مسعود (حم 3 ك هب) عن سالم بن عبيد الأشجعي.

تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 686 في صحيح الجامع




*إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله على كل حال وليقل له من حوله يرحمك الله
 وليقل هو لمن حوله يهديكم الله ويصلح بالكم . ‌

تخريج السيوطي : (حم ت ن ك) عن أبي أيوب (هـ ك هب) عن علي.

تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 687 في صحيح الجامع



*إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله فإذا قال فليقل له أخوه أو صاحبه يرحمك الله
 فإذا قال له يرحمك الله فليقل يهديكم الله ويصلح بالكم . ‌

تخريج السيوطي : (حم خ هـ) عن أبي هريرة.

تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 688 في صحيح الجامع.‌







باب وجوب التشميت:


* فإذا عطس أحدكم فحمد الله كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له يرحمك الله

تخريج السيوطي : (حم خ د ت) عن أبي هريرة.

تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 1884 في صحيح الجامع




* حق المسلم على المسلم ست إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه
 وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه . ‌

تخريج السيوطي : (خد م) عن أبي هريرة.

تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 3151 في صحيح الجامع




باب التحذير من البدع


* عن نافع :




أن رجلا عطس إلى جنب بن عمر فقال الحمد لله والسلام على رسول الله
 قال بن عمر وأنا أقول الحمد لله والسلام على رسول الله

وليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا أن نقول الحمد لله على كل حال .

قال الترمذي : حديث غريب

قال الشيخ الألباني : حسن




* وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي " الْأَذْكَار

" اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبّ لِلْعَاطِسِ أَنْ يَقُول عَقِبَ عُطَاسه الْحَمْد لِلَّهِ ، وَلَوْ قَالَ الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ لَكَانَ أَحْسَن ، فَلَوْ قَالَ الْحَمْد لِلَّهِ عَلَى كُلّ حَال كَانَ أَفْضَل ، كَذَا قَالَ ، وَالْأَخْبَار الَّتِي ذَكَرْتهَا تَقْتَضِي التَّخْيِير ثُمَّ الْأَوْلَوِيَّة كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

فتح الباري لابن حجر - (ج 17 / ص 432)




* قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد :

وَمِنْ فَوَائِد التَّشْمِيت تَحْصِيل الْمَوَدَّة وَالتَّأْلِيف بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَتَأْدِيب الْعَاطِس بِكَسْرِ النَّفْس عَنْ الْكِبْر ، وَالْحَمْل عَلَى التَّوَاضُع ، لِمَا فِي ذِكْر الرَّحْمَة مِنْ الْإِشْعَار بِالذَّنْبِ الَّذِي لَا يَعْرَى عَنْهُ أَكْثَر الْمُكَلَّفِينَ


فتح الباري لابن حجر - (ج 17 / ص 433)





* وَقَدْ ثَبَتَ الْأَمْر بِذَلِكَ كَمَا فِي حَدِيث الْبَاب

قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : ظَاهِر الْأَمْر الْوُجُوب

وَيُؤَيِّدهُ قَوْله فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة الَّذِي فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيه " فَحَقٌّ عَلَى كُلّ مُسْلِم سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتهُ "

وَفِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عِنْدَ مُسْلِم " حَقُّ الْمُسْلِم عَلَى الْمُسْلِم سِتّ "

فَذَكَرَ فِيهَا " وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّه فَشَمِّتْهُ "

وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " خَمْس تَجِب لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِم "

فَذَكَرَ مِنْهَا التَّشْمِيت ، وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِم أَيْضًا .

وَفِي حَدِيث عَائِشَة عِنْدَ أَحْمَد وَأَبِي يَعْلَى " إِذَا عَطَسَ أَحَدكُمْ فَلْيَقُلْ : الْحَمْد اللَّه ، وَلْيَقُلْ مَنْ عِنْدَه : يَرْحَمك اللَّه " وَنَحْوه عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيث أَبِي مَالِك

وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِهَا اِبْن مُزَيْنٍ مِنْ الْمَالِكِيَّة ، وَقَالَ بِهِ جُمْهُور أَهْل الظَّاهِر

وَقَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة : قَالَ جَمَاعَة مِنْ عُلَمَائِنَا إِنَّهُ فَرْض عَيْن

وَقَوَّاهُ اِبْن الْقَيِّم فِي حَوَاشِي السُّنَن فَقَالَ : جَاءَ بِلَفْظِ الْوُجُوب الصَّرِيح.





فتح الباري لابن حجر - (ج 17 / ص 434)






=========


عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

( التثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا قال ها ضحك الشيطان )




 رواه البخاري 3046 و مسلم 5310 و أبو داود 4372 و الترمذي 338 و ابن ماجة 958 و الإمام أحمد في المسند 8797




 و عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

 ( إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب

فإذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له يرحمك الله

وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان

فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان )

 رواه البخاري 5758 و أبو داود 4373 و الترمذي 2670 و 2671 و الإمام أحمد في المسند 9165


قال النووي [ شرح صحيح مسلم ] :

 [ وفي البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

 " إن الله تعالى يحب العطاس ، ويكره التثاؤب "

 قالوا : لأن العطاس يدل على النشاط وخفة البدن ، ]


 والنقل

شبكة الربانيون العلمية

قاعدة الصبرعن المعصية

قال ابن القيم رحمه الله في ( طريق الهجرتين وباب السعادتين ) :
 " قاعدة الصبرعن المعصية ينشأ من أسباب عديدة،
 أحدها : علم العبد بقبحها ورذالتها ودناءتها وأن الله إنما حرمها ونهى عنها صيانة وحماية عن الدنايا والرذائل كما يحمي الوالد الشفيق ولده عما
 يضره وهذا السبب يحمل العاقل على تركها ولو لم يعلق عليها وعيد بالعذاب
 السبب الثاني: الحياء من الله سبحانه فإن العبد متى علم بنظره إليه ومقامه عليه وأنه بمرأى منه ومسمع وكان حييا استحيى من ربه أن يتعرض لمساخطه
 السبب الثالث: مراعاة نعمه عليك وإحسانه إليك فإن الذنوب تزيل النعم ولا بد فما أذنب عبد ذنبا إلا زالت عنه نعمةمن الله بحسب ذلك الذنب فإن تاب
 وراجع رجعت إليه أو مثلها وإن أصر لم ترجع إليه ولا تزال الذنوب تزيل عنه نعمة حتى تسلب النعم كلها قال الله تعالى إن الله لا يغير ما بقوم حتى
 يغيروا ما بأنفسهم وأعظم النعم الإيمان وذنب الزنا والسرقة وشرب الخمر وانتهاب النهبة يزيلها ويسلبها وقال بعض السلف أذنبت ذنبا فحرمت قيام
 الليل سنة وقال آخر أذنبت ذنبا فحرمت فهم القرآن وفي مثل هذا قيل :
 " إذا كنت في نعمة فارعها ** فإن المعاصي تزيل النعم " وبالجملة فإن المعاصي نار النعم تأكلها كما تأكل النار الحطب عياذا بالله من زوال نعمته وتحويل عافيته
 السبب الرابع : خوف الله وخشية عقابه وهذا إنما يثبت بتصديقه في وعده ووعيده والإيمان به وبكتابه وبرسوله وهذا السبب يقوى بالعلم واليقين ويضعف بضعفهما قال الله تعالى إنما يخشى الله من عباده العلماء وقال بعض السلف:" كفى بخشية الله علما والاغترار بالله جهلا " .
 السبب الخامس: محبة الله وهي أقوى الأسباب في الصبر عن مخالفته ومعاصيه فإن المحب لمن يحب مطيع وكلما قوي سلطان المحبة في القلب كان اقتضاؤه
 للطاعة وترك المخالفة أقوى وإنما تصدر المعصية والمخالفة من ضعف المحبة وسلطانها وفرق بين من يحمله علىترك معصية سيده خوفه من سوطه وعقوبته وبين
 من يحمله على ذلك حبه لسيده وفي هذا قال عمر:" نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه." يعني أنه لو لم يخف من الله لكان في قلبه من محبة الله
 وإجلاله ما يمنعه من معصيته فالمحب الصادق عليه رقيب من محبوبه يرعى قلبه وجوارحه وعلامة صدق المحبة شهود هذا الرقيب ودوامه وههنا لطيفة يجب التنبه
 لها وهي أن المحبة المجردة لا توجب هذا الأثر ما لم تقترن بإجلال المحبوب وتعظيمه فإذا قارنها بالإجلال والتعظيم أوجبت هذا الحياء والطاعة وإلا فالمحبة الخالية عنهما إنما توجب نوع أنس وانبساط وتذكر واشتياق ولهذا يتخلف عنها أثرها وموجبها ويفتش العبد قلبه فيرى نوع محبة لله ولكن لا تحمله على ترك معاصيه وسبب ذلك تجردها عن الإجلال والتعظيم فما عمر القلب شيء كالمحبةالمقترنة بإجلال الله وتعظيمه وتلك من أفضل مواهب الله لعبده أو أفضلها وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
 السبب السادس: شرف النفس وزكاؤها وفضلها وأنفتها وحميتها أن تختار الأسباب التي تحطها وتضع من قدرها وتخفض منزلتها وتحقرها وتسوي بينها وبين السفلة.
 السبب السابع: قوة العلم بسوء عاقبة المعصية وقبح أثرها والضرر الناشيء منها من سواد الوجه وظلمة القلب وضيقه وغمه وحزنه وألمه وانحصاره وشدة
 قلقه واضطرابه وتمزق شمله وضعفه عن مقاومة عدوه وتعريه من زينته والحيرة في أمره وتخلي وليه وناصره عنه وتولي عدوه المبين له وتواري العلم الذي
 كان مستعدا له عنه ونسيان ما كان حاصلا له أو ضعفه ولا بد ومرضه الذي إذا استحكم به فهو الموت ولا بد فإن الذنوب تميت القلوب ومنها ذله بعد عزه ومنها أنه يصير أسيرا في يد أعدائه بعد أن كان ملكا متصرفا يخافه أعداؤه
 ومنها أنه يضعف تأثيره فلا يبقى له نفوذ في رعيته ولا في الخارج فلا رعيته تطيعه إذا أمرها ولا ينفذ في غيرهم ومنها زوال أمنه وتبدله به مخافة فأخوف
 الناس أشدهم إساءة ومنها زوال الأنس والاستبدال به وحشة وكلما ازداد إساءة ازداد وحشة ومنها زوال الرضى واستبداله بالسخط ومنها زوال الطمأنينة بالله
 والسكون إليه والإيواء عنده واستبداله بالطرد والبعد منه ومنها وقوعه في بئر الحسرات فلا يزال في حسرة دائمة كلما نال لذة نازعته نفسه إلى نظيرها
 إن لم يقض منها وطرا أو إلى غيرها إن قضى وطره منها وما يعجز عنه من ذلك
 أضعاف أضعاف ما يقدر عليه وكلما اشتد نزوعه وعرف عجزه اشتدت حسرته وحزنه فيا لها نارا قد عذب بها القلب في هذه الدار قبل نار الله الموقدة التي
 تطلع على الأفئدة ومنها فقره بعد غناه فإنه كان غنيا بما معه من رأس مال الإيمان وهو يتجر به ويربح الأرباح الكثيرة فإذا سلب رأس ماله أصبح فقيرا
 معدما فإما أن يسعى بتحصيل رأس مال آخر بالتوبة النصوح والجد والتشمير وإلا فقد فاته ربح كثير بما أضاعه من رأس ماله ومنها نقصان رزقه فإن العبد
 يحرم الرزق بالذنب يصيبه ومنها ضعف بدنه ومنها زوال المهابة والحلاوة التي لبسها بالطاعة فتبدل بها مهانة وحقارة ومنها حصول البغضة والنفرة منه في
 قلوب الناس ومنها ضياع أعز الأشياء عليه وأنفسها وأغلاها وهو الوقت الذي لا عوض منه ولا يعود إليه أبدا ومنها طمع عدوه فيه وظفره به فإنه إذا رآه
 منقادا مستجيبا لما يأمره اشتد طمعه وحدث نفسه بالظفر به وجعله من حزبه حتى يصير هو وليه دون مولاه الحق ومنها الطبع والرين على قلبه فإن العبد
 إذا أذنب نكت في قلبه نكتة سوداء فإن تاب منها صقل قلبه وإن أذنب ذنبا آخر نكت فيه نكتة أخرى ولا تزال حتى تعلو قلبه فذلك هو الران قال الله تعالى
 كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ومنها أنه يحرم حلاوةالطاعة فإذا فعلها لم يجد أثرها في قلبه من الحلاوة والقوة ومزيد الإيمان والعقل
 والرغبة في الآخرة فإن الطاعة تثمر هذه الثمرات ولا بد ومنها أن تمنع قلبه من ترحله من الدنيا ونزوله بساحة القيامة فإن القلب لا يزال مشتتا مضيعا
 حتى يرحل من الدنيا وينزل في الآخرة فإذا نزل فيها أقبلت إليه وفود التوفيق والعناية من كل جهة واجتمع على جمع أطرافه وقضاء جهازه وتعبئة
 زاده ليوم معاده وما لم يترحل إلىالآخرة ويحضرها فالتعب والعناء والتشتت والكسل والبطالة لازمة له لا محالة ومنها إعراض الله وملائكته وعباده عنه
 فإن العبد إذا أعرض عن طاعة الله واشتغل بمعاصيه أعرض الله عنه فأعرضت عنه ملائكته وعباده كما أنه إذا أقبل على الله أقبل الله عليه وأقبل بقلوب
 خلقه إليه ومنها أن الذنب يستدعي ذنبا آخر ثم يقوى أحدهما بالآخر فيستدعيان ثالثا ثم تجتمع الثلاثة فتستدعي رابعا وهلم جرا حتى تغمره ذنوبه
 وتحيط به خطيئته قال بعض السلف إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها ومنها علمه بفوات ما هو أحب إليه وخير له منها من
 جنسها وغير جنسها فإنه لا يجمع الله لعبده بين لذة المحرمات في الدنيا ولذة ما في الآخرة كما قال تعالى ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في
 حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فالمؤمن لا يذهب طيباته في الدنيا بل لا بد أن يترك بعض طيباته للآخرة وأما الكافر فإنه لا يؤمن بالآخرة فهو حريص على
 تناول حظوظه كلها وطيباته في الدنيا ومنها علمه بأن أعماله هي زاده ووسيلته إلى دار إقامته فإن تزود من معصية الله أوصله ذلك الزاد إلى دار
 العصاة والجناة وإن تزود من طاعته وصل إلى دار أهل طاعته وولايته ومنها علمه بأن عمله هو وليه في قبره وأنيسه فيه وشفيعه عند ربه والمخاصم
 والمحاج عنه فإن شاء جعله له وإن شاء جعله عليه ومنها علمه بأن أعمال البر تنهض بالعبد وتقوم به وتصعد إلى الله به فبحسب قوة تعلقه بها يكون صعوده
 مع صعودها وأعمال الفجور تهوي به وتجذبه إلى الهاوية وتجره إلى أسفل سافلين بحسب قوة تعلقه بها يكون هبوطه معها ونزوله إلى حيث يستقر به قال
 الله تعالى إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه وقال تعالى إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء فلما لم
 تفتح أبواب السماء لأعمالهم بل أغلقت عنها لم تفتح لأرواحهم عند المفارقة بل أغلقت عنها وأهل الإيمان والعمل الصالح لما كانت أبواب السماء مفتوحة
 لأعمالهم حتى وصلت إلى الله سبحانه فتحت لأرواحهم حتى وصلت إليه تعالى وقامت بين يديه فرحمها وأمر بكتابة اسمها في عليين ومنهاخروجه من حصن الله
 الذي لا ضيعة على من دخله فيخرج بمعصيته منه إلى حيث يصير نهبا للصوص وقطاع الطريق فما الظن بمن خرج من حصن حصين لا تدركه فيه آفة إلى خربة
 موحشة هي مأوى اللصوص وقطاع الطريق فهل يتركون معه شيئا من متاعه ومنها أنه بالمعصية قد تعرض لمحق بركته وبالجملة فآثار المعصية القبيحة أكثر من
 أن يحيط بها العبد علما وآثار الطاعة الحسنة أكثر من أن يحيط بها علما فخير الدنيا والآخرة بحذافيره في طاعة الله وشر الدنيا والآخرة بحذافيره
 في معصيته وفي بعض الآثار يقول الله سبحانه وتعالى:" من ذا الذي أطاعني فشقي بطاعتي ومن ذا الذي عصاني فسعد بمعصيتي."
 السبب الثامن: قصر الأمل وعلمه بسرعة انتقاله وأنه كمسافر دخل قرية وهو مزمع على الخروج منها أو كراكب قال في ظل شجرة ثم سار وتركها فهو لعلمه
 بقلة مقامه وسرعة انتقاله حريص على ترك ما يثقله حمله ويضره ولا ينفعه حريص على الانتقال بخير ما بحضرته فليس للعبد أنفع من قصر الأمل ولا أضر
 من التسويف وطول الأمل .
 السبب التاسع: مجانبة الفضول في مطعمه ومشربه وملبسه ومنامه واجتماعه بالناس فإن قوةالداعي إلى المعاصي إنما تنشأ من هذه الفضلات فإنها تطلب
 لها مصرفا فيضيق عليها المباح فتتعداه إلى الحرام ومن أعظم الأشياء ضررا على العبد بطالته وفراغه فإن النفس لا تقعد فارغة بل إن لم يشغلها بما
 ينفعها شغلته بما يضره ولا بد .
 السبب العاشر: وهو الجامع لهذه الأسباب كلها ثبات شجرة الإيمان في القلب فصبر العبد عن المعاصي إنما هو بحسب قوة إيمانه فكلما كان إيمانه أقوى كان
 صبره أتم وإذا ضعف الإيمان ضعف الصبر فإن من باشر قلبه الإيمان بقيام الله عليه ورؤيته له وتحريمه لما حرم عليه وبغضه له ومقته لفاعله وباشر قلبه
 الإيمان بالثواب والعقاب والجنة والنار امتنع من أن لا يعمل بموجب هذا العلم ومن ظن أنه يقوى على ترك المخالفات والمعاصي بدون الإيمان الراسخ
 الثابت فقد غلط فإذا قوي سراج الإيمان في القلب وأضاءت جهاته كلها به وأشرق نوره في أرجائه سرى ذل النور إلى الأعضاء وانبعث إليها فأسرعت
 الإجابة لداعي الإيمان وانقادت له طائعة مذللة غير متثاقلة ولا كارهة بل تفرح بدعوته حين يدعوها كما يفرح الرجل بدعوة حبيبه المحسن إليه إلى محل كرامته فهو كل وقت يترقب داعيه ويتأهب لموافاته والله يختص برحمته من يشاء
 والله ذو الفضل العظيم .

الصبر والثبات حتى الممات على منهج السلف الصالح

فضيلة الشيخ محمد بن رمزان الهاجري : الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين ، أما بعد : فأيها القراء الكرام ! هذه نصيحة للجميع بالصبر والثبات حتى الممات على منهج السلف الصالح ، فأن الأمة كانت مجتمعة ومتحدة فدب فيها داء الأمم : وهو الاختلاف والتفرق ، وخرجت فيها الفرق الكثيرة والطوائف المتناحرة ، التي بسببها أريقت الدماء وتفرقت الكلمة وتشتت الجماعة وضعفت الشوكة ؛ فكان من أهل الحق على عادتهم أن ردوا هؤلاء النافرين إلى جادة الحق والصواب إمتثالاً لقوله تعالى : ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ﴾ . [ آل عمران : 103 ] ، فمن استجاب هدي ومن أبا حذروا منه حماية للمجتمع من شره .
 ولقد صدق الصحابي الجليل حذيفة - رضي الله عنه ، وهو صادق في نصحه - دخل أبو مسعود على حذيفة فقال له : ( أعهد إلي ؛ فقال له : ألم يأتك اليقين ! قال : بلى وعزة ربي ، قال : فاعلم أن الضلالة حق الضلالة أن تعرف ما كنت تنكره ، وأن تنكر ما كنت تعرفه ، وإياك والتلون فإن دين الله واحد ) . " سنن البيهقي الكبرى " : (10/42) ، و " مصنف عبد الرزاق " : (11/249) ، و " اعتقاد أهل السنة " - للالكائي - : (1/90) ، و " الإبانة " : (1/189) .
 وهذه وصية أخرى من عبد الله بن مسعود قال : ( إنكم في زمان كثير فقهاؤه قليل خطباؤه قليل سؤاله كثير معطوه ؛ العمل فيه قائد للهوى ، وسيأتي بعدكم زمان قليل فقهاؤه كثير خطباؤه كثير سؤاله قليل معطوه ؛ الهوى فيه قائد للعمل . اعلموا أن أحسن الهدى في آخر الزمان خيرٌ من بعض العمل ) . وقد أخرج هذا الأثر الإمام مالك في " الموطأ " : (1/173) . عن يحيى بن سعيد أن عبد الله بن مسعود قال لإنسان : ( إنك في زمان كثير فقهاؤه … ) إلى آخره ؛ ثم قال بن عبد البر : ( والعيان في هذا الزمان على صحة معنى هذا كالبرهان ) .
 هذا في زمانه - رحمه الله - فكيف بزماننا هذا !؟
 وعن محمد بن سيرين قال : قال عدي بن حاتم - رضي الله عنه - : ( إنكم لن تزالوا بخير ما لم تعرفوا ما كنتم تنكرون وتنكروا ما كنتم تعرفون ، وما دام عالمكم يتكلم بينكم غير خائف ) . " الإبانة " : (1/ 190) .
 ومصداق ما تقدم ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يُبْقِ عالماً اتخذ الناس رؤسًا جهالاً فسئلوا ، فأفتوا بغير علم ؛ فضلوا وأضلوا ) .
 وقال شيخ الإسلام : ( إن ما عند عوام المسلمين وعلمائهم أهل السنة والجماعة من المعرفة واليقين ، والطمأنينة والجزم بالحق والقول الثابت والقطع بما هم عليه ؛ أمر لا ينازع فيه إلا من سلبه الله العقل والدين ) . " مجموع الفتاوى " : (4/48) .
 وقال الأصبهاني : ( ومما يدل على أن أهل الحديث هم أهل الحق : أنك لو طالعت إلى جميع كتبهم المصنفة قديمهم وحديثهم مع اختلاف بلدانهم وتباعد ما بينهم من الديار ، وسكون كل واحد منهم في قطر من الأقطار . وجدتهم في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة ونمط واحد يجرون على طريقة لا يحيدون عنها ولا يميلون فيها . قولهم في ذلك واحد ونقلهم واحد لا ترى فيهم اختلافًا ولا تفرقًا في شيء ما وإن قل . بل لو جمعت جميع ما على ألسنتهم ونقلوه عن سلفهم وجدته كأنه جاء على قلب واحد وجرى على لسان واحد ، وهل على الحق دليل أبين من هذا !؟ ) . " الانتصار لأصحاب الحديث " للسمعاني : ( ص 45 ) .
 الخاتمة : عن أنس - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر من أن يقول : ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) ، فقلت : يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به ؛ فهل تخاف علينا !؟ ، قال : ( نعم ! إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء ) . [ رواه الترمذي : 2140 ، وابن ماجة : 3834 ] .
 فاللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك .

من شبكة سحاب السلفيــــــة

الصحيح المسند من آثار أنس بن مالك رضي الله عنه

[ الصحيح المسند من آثار أنس بن مالك رضي الله عنه ]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :

فأحمد الله عز وجل أن يسر لي جمع آثار أنس بن مالك - رضي الله عنه - في الزهد والرقائق والأدب ، وأبشر إخواني طلاب العلم أنني انتهيت من جمع آثار عامة الصحابة في الزهد والرقائق والأدب ، وهي تحت المراجعة الآن والحمد لله على توفيقه ، ولا أزعم الاستسقصاء غير أنني بذلت جهدي في جمع ما صح عندي ، وقد انتفعت بذلك كثيراً .
واغتبطت به كثيراً على كل ما أجد في هذه الأيام والله المستعان

1- قال ابن أبي شيبة في المصنف [ 560] :
 حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ ، قَالَ :
أَتَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَلَمْ أَجِدْهُ  ، فَقَعَدْتُ أَنْتَظِرُهُ ، فَجَاءَ وَهُوَ مُغْضَبٌ ، فَقَالَ : كُنْتَ عِنْدَ هَذَا ، يَعْنِي الْحَجَّاجَ ، فَأَكَلُوا ، ثُمَّ قَامُوا فَصَلَّوْا ، وَلَمْ يَتَوَضَّؤُوا ! ، فَقُلْتُ : أَوَ مَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ هَذَا يَا أَبَا حَمْزَةَ ؟
قَالَ  : مَا كُنَّا نَفْعَلُهُ .
أقول :  أوردته من أجل حمية أنس على السنة ، وإن كان الحكم الذي غضب من أجله منسوخاً على الصحيح.

2- وقال ابن سعد في الطبقات [ 9496] :
 أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ الذَّارِعُ قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ :
مَا مِنْ لَيْلَةٍ إِلاَّ وَأَنَا أَرَى فِيهَا حَبِيبِي  ، ثُمَّ يَبْكِي.
أقول : أي أنه يراه في المنام .

*  قال الإمام أحمد في المسند [ 13267 ] :
 حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْمُثَنَّي، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ:
قَلَّ لَيْلَةٌ تَأْتِي عَلَيَّ إِلَّا وَأَنَا أَرَى فِيهَا خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  .
 وَأَنَسٌ يَقُولُ ذَلِكَ وَتَدْمَعُ عَيْنَاهُ .
 أبو سعيد هو يحيى القطان , والله أعلم

3- وقال ابن سعد في الطبقات [ 9498] :
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ :
 كَانَ أَنَسٌ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قَالَ  : أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم.
أقول : هذا من ورعه واحتياطه رضي الله عنه .

* قال الإمام أحمد في المسند [ 13124 ] :
 حَدَّثَنَا مُعَاذٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ:
كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَفَرَغَ مِنْهُ ،
قَالَ  : أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
معاذ هو العنبري

4- وقال ابن سعد في الطبقات [ 9499] :
 أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ :
أَنَّهُ حَدَّثَ بِحَدِيثٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ؟
فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا  ، وَقَالَ : لاَ وَاللَّهِ ، مَا كُلُّ مَا نُحَدِّثُكُمْ سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَلَكِنَّا لاَ يَتَّهِمُ بَعْضُنَا بَعْضًا.

5- وقال ابن سعد في الطبقات [ 9501] :
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ : قَالَ : أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ قَالَ :
شَكَا قَيِّمٌ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي أَرْضِهِ الْعَطَشَ  ، قَالَ : فَصَلَّى أَنَسٌ ، وَدَعَا ، فَثَارَتْ سَحَابَةٌ حَتَّى غَشِيَتْ أَرْضَهُ ، حَتَّى مَلأَتْ صِهْرِيجَهُ .
فَأَرْسَلَ غُلاَمَهُ فَقَالَ : انْظُرْ أَيْنَ بَلَغَتْ هَذِهِ ، فَنَظَرَ ، فَإِذَا هِيَ لَمْ تَعْدُ أَرْضَهُ.

* وقال أيضاً [ 9502] :
 قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ :
جَاءَ أَنَسًا أَكَّارُ بُسْتَانِهِ فِي الصَّيْفِ  ، فَشَكَا الْعَطَشَ ، فَدَعَا بِمَاءٍ ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ، ثُمَّ قَالَ : هَلْ تَرَى شَيْئًا ؟ فَقَالَ : مَا أَرَى شَيْئًا ، قَالَ : فَدَخَلَ ، فَصَلَّى ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ ، أَوْ فِي الرَّابِعَةِ : انْظُرْ .
قَالَ : أَرَى مِثْلَ جَنَاحِ الطَّيْرِ مِنَ السَّحَابِ ، قَالَ : فَجَعَلَ يُصَلِّي ، وَيَدْعُو حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ الْقَيِّمُ فَقَالَ : قَدِ اسْتَوَتِ السَّمَاءُ وَمَطَرَتْ ، فَقَالَ : ارْكَبِ الْفَرَسَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ بِشْرُ بْنُ شَغَافٍ ، فَانْظُرْ أَيْنَ بَلَغَ الْمَطَرُ ، قَالَ : فَرَكِبَهُ ، فَنَظَرَ ، قَالَ : فَإِذَا الْمَطَرُ لَمْ يُجَاوِزْ قُصُورَ الْمُسَيَّرِينَ ، وَلاَ قَصْرَ الْغَضْبَانِ .
أقول : هذا من كراماته رضي الله عنه ، ووالد الأنصاري فيه خلاف شديد ، يمشى في الآثار زحفاً

7- قال ابن سعد في الطبقات [ 9506] :
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عَمِّهِ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:
أَنَّهُ قَالَ لِبَنِيهِ : يَا بَنِيَّ ، قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ .
ووالد الأنصاري فيه خلاف شديد ، يمشى في الآثار زحفاً.

8- وقال ابن سعد في الطبقات [ 9507] :
 أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ قَالاَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ :
أَنَّ بَنِي أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالُوا لأَبِيهِمْ : يَا أَبَانَا ، أَلاَ تُحَدِّثُنَا كَمَا تُحَدِّثُ الْغُرَبَاءَ ؟ قَالَ : أَيْ بَنِيَّ ، إِنَّهُ مَنْ يُكْثِرْ يَهْجُرْ.
[ وهو في جزء عفان برقم : 14 ]

9- قال ابن سعد في الطبقات [ 9510] :
 أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ قَالَ :
رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ  ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ ، وَقَدْ خَضَبَ لِحْيَتَهُ بِصُفْرَةٍ .

* وقال ابن سعد في الطبقات [ 9525] : أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ : رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَصْبُغُ لِحْيَتَهُ بِالصُّفْرَةِ .

* وقال أيضاً [ 9527] : أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ :
رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَخِضَابُهُ أَحْمَرُ .

* وقال ابن أبي شيبة [ 25509] : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ إسْمَاعِيلَ ، قَالَ :
رَأَيْتُ أَنَسًا يُخَضِّبُ بِالْحِنَّاءِ  .

10- قال ابن سعد في الطبقات [ 6480] :
 أَخبَرنا إسحاق بن يوسف الأزرق، قالَ: حَدَّثَنا سفيان، عَن ابن عون، عَن محمد، عَن أنس:
أن بعض الأمراء بعث إليه بمال ، فقالَ : أخُمِّسَ ؟ قالوا : لا ، فلم يقبله.

11- قال ابن أبي شيبة في المصنف [ 11823] :
حدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّهُ دَفَنَ ابْنًا لَهُ ، فَقَالَ :
اللهم جَافِ الأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ  , وَافْتَحْ أَبْوَابَ الْسَمَاءِ لِرُوحِهِ , وَأَبْدِلْهُ بِدَارِهِ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ .
أقول : وكيع لا يعرف بالرواية عن قتادة فكأن في السند سقطاً .

* قال ابن المنذر في الأوسط [ 3135 ] :
 ودفن أنس بن مالك ابنا له ، فقال :
اللهم جاف الأرض عن جنبه ، وافتح ، أبواب السماء لروحه ، وبدله دارا خيرا من داره
حدثناه إبراهيم بن عبد الله ، قال : أخبرنا وهب بن جرير ، قال : ثنا هشام ، عن قتادة ، عن أنس.اهـ
إبراهيم بن عبد الله هو أبو مسلم ثقة.

* وقال الطبراني في الكبير [ 687 ] :
 حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا هِشَامٌ، ثنا قَتَادَةُ، أَنَّ أَنَسًا دَفَنَ ابْنًا لَهُ، فَقَالَ:
اللهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبِهِ ، وَافْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ .

12- قال ابن أبي شيبة في المصنف [ 11827] :
 حدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَ :
كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ إذَا سُوِّيَ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْرَهُ قَامَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ عَبْدُك رُدَّ إلَيْك فَارْأَفْ بِهِ وَارْحَمْهُ , اللَّهُمَّ جَافِ الأَرْضَ عَنْ جَنْبَهِ , وَافْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لِرُوحِهِ , وَتَقَبَّلْهُ مِنْك بِقَبُولٍ حَسَنٍ .
اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِنًا فَضَاعِفْ لَهُ فِي إحْسَانِهِ ، أَوَ قَالَ : فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ.

13- قال ابن سعد في الطبقات [ 6508] :
 قَالَ : أَخْبَرَنا عفان بن مسلم ، وعمرو بن عاصم الكلابي ، قالا : حَدَّثَنا حماد بن سلمة .
 قَالَ عفان ، عَنْ حميد .
وقال عمرو : عَنْ ثابت ، عَنْ أنس بن مالك قَالَ :
يقولون : لا يجتمع حُب علي وعثمان في قلب مؤمن ، كذبوا  , والله قد جمع الله حبهما في قلوبنا.

* وقال أيضاً [ 6509] : أَخْبَرَنا محمد بن عبد الله الأنصاري قَالَ : حَدَّثَنِي أبي قَالَ : حَدَّثَنِي ثمامة قَالَ : حَدَّثَنِي أنس بن مالك قَالَ :
إن ناسًا يزعمون أن حب علي وعثمان لا يجتمعا في قلب رجل مؤمن ، وقال مَرَّة : في قلب مسلم ، ألا وإنهما قد اجتمعا في قلبي.
تقدم الكلام على والد الأنصاري .

* وقال الدينوري في المجالسة [ 2929 ] :
 نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، نا عَلِيٌّ ، نا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ؛ قَالَ : سَمِعْتُ حُمَيْدًا الطَّوِيلَ قَالَ : قِيلَ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ :
إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ حُبَّ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا لا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ أَحَدٍ  - أُرَاهُ قَالَ - :
قَالَ  : فَقَدْ كَذَبُوا ، وَاللهِ ! لَقَدِ اجْتَمَعَ حُبُّهُمَا فِي قُلُوبِنَا .
إسماعيل هو القاضي وعلي هو ابن المديني .

14- قال ابن سعد في الطبقات [ 6515] :
أَخْبَرَنا عفان قَالَ : حَدَّثَنا حماد بن سلمة قَالَ : حَدَّثَنا عبيد الله بن أبي بكر :
 أن زيادًا النُّمَيري جاء مع القُرّاءِ إلى أنس بن مالك  ، فقيل له : اقرأ ، فرفع صوته وكان رفيع الصوت ، وكشف أنس عَنْ وجهه الخرقة ، وكان على وجهه خرقةٌ سوداء فقَالَ : ما هذا ؟
ما هكذا كانوا يفعلون !
قَالَ : فكان إذا رأى شيئًا ينكره كشف الخرقة عَنْ وجهه .
أقول : فيه إنكار الصحابة للبدع الإضافية .

15- وقال ابن سعد في الطبقات [ 6517] :
 أَخْبَرَنا يحيى بن يعلَى بن الحارث المحاربي قَالَ : حَدَّثَنا أبي قَالَ : حَدَّثَنا غيلان ، عَنْ قيس الهمداني ، أنه سمع أنس بن مالك يقول :
أَمَرَنَا كبراؤنا من أصحاب محمد صَلَّى اللَّه عَلَيه وسَلَّم أن لا نَسُبّ أمراءنا ولا نَغُشَّهم ولا نعصيهم ، وأن نتقي الله ونصبر فإن الأمر إلى قريب .

16- وقال ابن سعد في الطبقات [ 6518] :
أَخْبَرَنا عمرو بن عاصم الكلابي ، قَالَ : حَدَّثَنا سلام بن مسكين قَالَ : سمعت ثابتًا البناني يحَدَّثَنا في بيت الحسن بن أبي الحسن والحسن شاهد ، فقال ثابت : حَدَّثَنا أنس بن مالك :
أن الحجاج بن يوسف لما قدم العراق أرسل إليه فقَالَ : يا أبا حمزة إنك قد صحبت رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيه وسَلَّم ورأيت من عمله وسيرته ومنهاجه ، فهذا خاتمي فليكن في يدك فَأَرْتَئِي برأيك فلا أعمل شيئًا إلا بأمرك .
قَالَ : فقال له أنس : أنا شيخٌ كبيرٌ وقد ضعفت ورققت وليس فيّ اليوم ذاك .
 قَالَ  : قد عملت لفلان وعملت لفلان ، فما بالي .
قَالَ : فانظر أحد بنيك ممن تثق بدينه وأمانته وعقله .
فقَالَ : ما في بَنِيَّ أحدٌ أثق لك به ، قَالَ : حتى كثر الكلام بينهما .

17- قال ابن أبي شيبة في المصنف [ 4099] :
 حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَن عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ :
صَلُّوا صَلاَةَ الْهَجِيرِ  ، فَإِنَّا كُنَّا نَسْتَحِبّهَا .
أقول : الهجير من وقت صلاة الظهر إلى وقت صلاة العصر .

18- قال الدارمي في مسنده [ 276 ] :
 أخبرنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد بن زيد عن ابن عون عن محمد قال :
كان أنس قليل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان إذا حدث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال أو كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم  .

19- قال سعيد بن منصور في سننه [ 326] :
 حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ :
كَانُوا يَكْتُبُونَ فِي صدْورِ وَصَايَاهُمْ  : هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ ، أَوْصَى أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَ رَيْبَ فِيهَا ، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، وَأَوْصَى مَنْ تَرَكَ مِنْ أَهْلِهِ أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ ، وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ ، وَيُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ ، وَأَوْصَاهُمْ بِمَا أَوْصَى بِهِ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.

20- قال ابن أبي شيبة في المصنف [ 5165] :
 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ :
كُنَّا نُجَمِّعُ فَنَرْجِعُ فَنَقِيلُ .
نجمع يعني نصلي الجمعة .

هذا وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أبو جعفر عبد الله الخليفي

التذلل واللين مع أتباع سنة النبي الأمين ﷺ

التذلل واللين مع أتباع سنة النبي الأمين ﷺ

الورقات - جدة»: قال الله تعالى في صفة الصحابة أجمعين ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِ‌ينَ﴾[المائدة: 54]، فمن تعزز على أخيه السلفي المؤمن في الخطاب والتعامل، وارتفع عليه لضعف جاهه وقلة حيلته ودنو سلطانه وقلة اتباعه، أو لأجل انفراده، وتملق لثري، وتذلل له في خطابه، ولان معه في كلامه لعزة سلطانه ووفرة ماله، أو لمتفقهٍ لكثرة اتباعه لا لقوة فقهه وسلامة عقيدته ومنهجه، سواءًا كان من أرباب البدعة أو من تجار الدنيا وطلابها، فقد خالف السلف التي كانت تلك صفتهم، أعرف الناس بالحق وأرحم الناس بالخلق، أشداء على الكفار، رحماء بينهم، تراهم ركعاً سجداً، أذلة على المؤمنين من الذين هم بالسلف الصالح مقتدين، أعزة على الكافرين وأهل الضلال من المبتدعين، فهم لهم كارهين ولبدعتهم مبغضين.

فانظر لخطاباتك لإخوانك من المستضعفين من السلفيين، أفبعزة وشدة تخاطبهم؟ أم أنت معهم من المتذللين المحبين لاتباعهم سنة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم والصحابة المهديين؟

قال الشافعي: ((اذا رأيت صاحب سنة فكأني رأيت واحداً من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم))، بل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وددت لو لقيت إخواني))، يعني من اتبع السلف رحمة الله عليهم أجمعين.

فترفقوا بإخوانكم وثبتوهم إنهم غرباء، وأحسنوا الظن فيهم، ولا تسبوهم وأكرموهم فسباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر، ولعنه كقتله، وهجره سنة كسفك دمه، ومن هجره في غير حق لأكثر من ثلاث لم ترفع أعماله، فإن مات دخل النار.

ولا يلقي بينكم الشيطان العداوة والبغضاء والإختلاف فإنه شر؛ كما قال ابن مسعودة فيما روى مسلم في صحيحه مرفوعاً أن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن من التحريش بينهم.

فعن الحسن –رحمه الله- قال: (يا أهل السنة ترفقوا رحمكم الله فإنكم من أقل الناس) اللالكائي : 1/57/19 .2، وقال أيوب –رحمه الله-: (إني أُخبر بموت الرجل من أهل السنة وكأني أفقد بعض أعضائي) اللالكائي : 1/60/29، وحلية الأولياء : 3/9 .3، وعن حماد بن زيد –رحمه الله- قال: (كان أيوب يبلغه موت الفتا من أصحاب الحديث فيرى ذلك فيه ويبلغه موت الرجل يذكر بعباده فما يرى ذلك فيه) اللالكائي : 1/61/34 .4، وعن سفيان الثوري -رحمه الله- قال : (استوصوا بأهل السنة خيرا فإنهم غرباء) اللالكائي : 1/64/49 .5- عن سفيان الثوري –رحمه الله- يقول : (إذا بلغك عن رجل بالمشرق صاحب سنة وآخر بالمغرب فابعث إليهما بالسلام وادع لهما ما أقل أهل السنة والجماعة) اللالكائي : 1/64/50 .6، وعن يوسف بن أسباط -رحمه الله- قال : قال سفيان -رحمه الله-: (يا يوسف إذا بلغك عن رجل بالمشرق صاحب سنة فابعث إليه بالسلام ، وإذا بلغك عن آخر بالمغرب صاحب سنة فابعث إليه بالسلام ، فقد قل أهل السنة والجماعة) حلية الأولياء : 7/3477، وكان أسد بن موسى -رحمه الله- يقول : (كنا عند سفيان بن عيينة فنعى إليه الدراوردي فجزع وأظهر الجزع -ولم يكن قد مات- فقلنا ما علمنا أنك تبلغ مثل هذا قال إنه من أهل السنة) اللالكائي : 1/66/56 .8، وعن الحسن -رحمه الله- قال: (اعلموا ، رحمكم الله إن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضي ، وهم أقل الناس فيما بقى ، الذين لم يذهبوا مع أهل الأتراف في أترافهم ، ولا مع أهل البدع في بدعهم ، وصبروا على سنتهم ، حتى لقوا ربهم ، فكذلك فكونوا إن شاء الله) تعظيم قدر الصلاة : 2/6789، وقال الإمام أحمد -رحمه الله- في آخر رسالته التي أرسلها للإمام مسدد بن مسرهد -رحمه الله-: (أحبوا أهل السنة على ما كان منهم . أماتنا الله وإياكم على السنة والجماعة، ورزقنا الله وإياكم اتباع العلم، ووفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه) طبقات الحنابلة : 1/34510، وعن معتمر بن سليمان -رحمه الله- قال: (دخلت على أبي وأنا منكسر فقال مالك قلت مات صديق لي قال مات على السنة قلت نعم قال فلا تخف عليه ) اللالكائي : 1/67/61.


كتب ونقل
ابوعبدالله ماهر بن ظافر القحطاني «أبو عبد الله»
الاثنين: 13/جمادى الأولى/1434هـ
الموافق لـ25/مارس/2013

أمراض القلوب اقوال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله

من اقوال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله

 ومن أمراض القلوب " الحسد " كما قال بعضهم في حده : إنه أذى يلحق بسبب العلم بحسن حال الأغنياء فلا يجوز أن يكون الفاضل حسودا ; لأن الفاضل يجري على ما هو الجميل وقد قال طائفة من الناس : إنه تمني زوال النعمة عن المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها بخلاف الغبطة فإنه تمني مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط .

 والتحقيق أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود وهو نوعان : ( أحدهما كراهة للنعمة عليه مطلقا فهذا هو الحسد المذموم وإذا أبغض ذلك فإنه يتألم ويتأذى بوجود ما يبغضه فيكون ذلك مرضا في قلبه ويلتذ بزوال النعمة عنه وإن لم يحصل له نفع بزوالها ; لكن نفعه [ ص: 112 ] زوال الألم الذي كان في نفسه ولكن ذلك الألم لم يزل إلا بمباشرة منه وهو راحة وأشده كالمريض الذي عولج بما يسكن وجعه والمرض باق ; فإن بغضه لنعمة الله على عبده مرض فإن تلك النعمة قد تعود على المحسود وأعظم منها وقد يحصل نظير تلك النعمة لنظير ذلك المحسود . والحاسد ليس له غرض في شيء معين ; لكن نفسه تكره ما أنعم به على النوع . ولهذا قال من قال : إنه تمني زوال النعمة فإن من كره النعمة على غيره تمنى زوالها بقلبه .

 و ( النوع الثاني : أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيحب أن يكون مثله أو أفضل منه فهذا حسد وهو الذي سموه الغبطة وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حسدا في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : { لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ورجل آتاه الله مالا وسلطه على هلكته في الحق } هذا لفظ ابن مسعود .

 ولفظ ابن عمر { رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه في الحق آناء الليل والنهار } رواه البخاري من حديث أبي هريرة ولفظه : { لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه الليل والنهار فسمعه رجل فقال : يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي هذا [ ص: 113 ] فعملت فيه مثل ما يعمل هذا ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق فقال رجل : يا ليتني أوتيت مثل ما أوتي هذا فعملت فيه مثل ما يعمل هذا } فهذا الحسد الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم إلا في موضعين هو الذي سماه أولئك الغبطة وهو أن يحب مثل حال الغير ويكره أن يفضل عليه . فإن قيل : إذا لم سمي حسدا وإنما أحب أن ينعم الله عليه ؟ .

 قيل مبدأ هذا الحب هو نظره إلى إنعامه على الغير وكراهته أن يتفضل عليه ولولا وجود ذلك الغير لم يحب ذلك فلما كان مبدأ ذلك كراهته أن يتفضل عليه الغير كان حسدا ; لأنه كراهة تتبعها محبة وأما من أحب أن ينعم الله عليه مع عدم التفاته إلى أحوال الناس فهذا ليس عنده من الحسد شيء . ولهذا يبتلى غالب الناس بهذا القسم الثاني وقد تسمى المنافسة فيتنافس الاثنان في الأمر المحبوب المطلوب كلاهما يطلب أن يأخذه وذلك لكراهية أحدهما أن يتفضل عليه الآخر كما يكره المستبقان كل منهما أن يسبقه الآخر والتنافس ليس مذموما مطلقا بل هو محمود في الخير . قال تعالى : { إن الأبرار لفي نعيم }

 { على الأرائك ينظرون }

 { تعرف في وجوههم نضرة النعيم }

 { يسقون من رحيق مختوم }

 { ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون } فأمر المنافس أن ينافس في هذا النعيم لا ينافس في نعيم الدنيا [ ص: 114 ] الزائل وهذا موافق لحديث النبي صلى الله عليه وسلم فإنه نهى عن الحسد إلا فيمن أوتي العلم فهو يعمل به ويعلمه ومن أوتي المال فهو ينفقه فأما من أوتي علما ولم يعمل به ولم يعلمه أو أوتي مالا ولم ينفقه في طاعة الله فهذا لا يحسد ولا يتمنى مثل حاله فإنه ليس في خير يرغب فيه بل هو معرض للعذاب ومن ولي ولاية فيأتيها بعلم وعدل أدى الأمانات إلى أهلها وحكم بين الناس بالكتاب والسنة فهذا درجته عظيمة ; لكن هذا في جهاد عظيم كذلك المجاهد في سبيل الله . والنفوس لا تحسد من هو في تعب عظيم فلهذا لم يذكره وإن كان المجاهد في سبيل الله أفضل من الذي ينفق المال ; بخلاف المنفق والمعلم فإن هذين ليس لهم في العادة عدو من خارج فإن قدر أنهما لهما عدو يجاهدانه . فذلك أفضل لدرجتهما وكذلك لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم المصلي والصائم والحاج ; لأن هذه الأعمال لا يحصل منها في العادة من نفع الناس الذي يعظمون به الشخص ويسودونه ما يحصل بالتعليم والإنفاق . والحسد في الأصل إنما يقع لما يحصل للغير من السؤدد والرياسة وإلا فالعامل لا يحسد في العادة ولو كان تنعمه بالأكل والشرب والنكاح أكثر من غيره بخلاف هذين النوعين فإنهما يحسدان كثيرا ولهذا يوجد بين أهل [ ص: 115 ] العلم الذين لهم أتباع من الحسد ما لا يوجد فيمن ليس كذلك وكذلك فيمن له أتباع بسبب إنفاق ماله فهذا ينفع الناس بقوت القلوب وهذا ينفعهم بقوت الأبدان والناس كلهم محتاجون إلى ما يصلحهم من هذا وهذا .

 ولهذا ضرب الله سبحانه " مثلين " : مثلا بهذا ومثلا بهذا فقال : { ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون }

 { وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم } .

 و ( المثلان ضربهما الله سبحانه لنفسه المقدسة ولما يعبد من دونه ; فإن الأوثان لا تقدر لا على عمل ينفع ولا على كلام ينفع فإذا قدر عبد مملوك لا يقدر على شيء وآخر قد رزقه الله رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوي هذا المملوك العاجز عن الإحسان وهذا القادر على الإحسان المحسن إلى الناس سرا وجهرا وهو سبحانه قادر على الإحسان إلى عباده وهو محسن إليهم دائما فكيف يشبه به العاجز المملوك الذي لا يقدر على شيء حتى يشرك به معه وهذا مثل الذي أعطاه الله مالا فهو ينفق منه آناء الليل والنهار .

 [ ص: 116 ] و ( المثل الثاني إذا قدر شخصان أحدهما أبكم لا يعقل ولا يتكلم ولا يقدر على شيء وهو مع هذا كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير فليس فيه من نفع قط بل هو كل على من يتولى أمره وآخر عالم عادل يأمر بالعدل ويعمل بالعدل فهو على صراط مستقيم . وهذا نظير الذي أعطاه الله الحكمة فهو يعمل بها ويعلمها الناس . وقد ضرب ذلك مثلا لنفسه ; فإنه سبحانه عالم عادل قادر يأمر بالعدل وهو قائم بالقسط على صراط مستقيم . كما قال تعالى : { شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم } وقال هود : { إن ربي على صراط مستقيم } .

 ولهذا كان الناس يعظمون دار العباس كان عبد الله يعلم الناس وأخوه يطعم الناس فكانوا يعظمون على ذلك . ورأى معاوية الناس يسألون ابن عمر عن المناسك وهو يفتيهم فقال : هذا والله الشرف أو نحو ذلك . هذا وعمر بن الخطاب رضي الله عنه نافس أبا بكر رضي الله عنه الإنفاق كما ثبت في الصحيح عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : { أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندي فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما . قال : فجئت بنصف مالي قال : فقال لي رسول [ ص: 117 ] الله صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك قلت مثله وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكل ما عنده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك قال أبقيت لهم الله ورسوله فقلت لا أسابقك إلى شيء أبدا } . فكان ما فعله عمر من المنافسة والغبطة المباحة ; لكن حال الصديق رضي الله عنه أفضل منه وهو أنه خال من المنافسة مطلقا لا ينظر إلى حال غيره .

 وكذلك { موسى صلى الله عليه وسلم في حديث المعراج حصل له منافسة وغبطة للنبي صلى الله عليه وسلم حتى بكى لما تجاوزه النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال : أبكي ; لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي } أخرجاه في الصحيحين وروي في بعض الألفاظ المروية غير الصحيح { مررنا على رجل وهو يقول ويرفع صوته : أكرمته وفضلته قال : فرفعناه إليه فسلمنا عليه فرد السلام فقال : من هذا معك يا جبريل ؟ قال : هذا أحمد قال : مرحبا بالنبي الأمي الذي بلغ رسالة ربه ونصح لأمته قال : ثم اندفعنا فقلت من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا موسى بن عمران قلت : ومن يعاتب ؟ قال : يعاتب ربه فيك قلت : ويرفع صوته على ربه قال إن الله عز وجل قد عرف صدقه } . [ ص: 118 ] وعمر رضي الله عنه كان مشبها بموسى ونبينا حاله أفضل من حال موسى فإنه لم يكن عنده شيء من ذلك .

 وكذلك كان في الصحابة أبو عبيدة بن الجراح ونحوه كانوا سالمين من جميع هذه الأمور فكانوا أرفع درجة ممن عنده منافسة وغبطة وإن كان ذلك مباحا ولهذا استحق أبو عبيدة رضي الله عنه أن يكون أمين هذه الأمة فإن المؤتمن إذا لم يكن في نفسه مزاحمة على شيء مما اؤتمن عليه كان أحق بالأمانة ممن يخاف مزاحمته ; ولهذا يؤتمن على النساء والصبيان الخصيان ويؤتمن على الولاية الصغرى من يعرف أنه لا يزاحم على الكبرى ويؤتمن على المال من يعرف أنه ليس له غرض في أخذ شيء منه وإذا اؤتمن من في نفسه خيانة شبه بالذئب المؤتمن على الغنم فلا يقدر أن يؤدي الأمانة في ذلك لما في نفسه من الطلب لما اؤتمن عليه . وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده عن { أنس رضي الله عنه قال : كنا يوما جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يطلع عليكم الآن من هذا الفج رجل من أهل الجنة قال : فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوء قد علق نعليه في يده الشمال فسلم فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فطلع ذلك الرجل على مثل حاله فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مقالته فطلع ذلك الرجل على مثل حاله فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم اتبعه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه [ ص: 119 ] فقال : إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي الثلاث فعلت قال : نعم قال أنس رضي الله عنه فكان عبد الله يحدث أنه بات عنده ثلاث ليال فلم يره يقوم من الليل شيئا ; غير أنه إذا تعار انقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم إلى صلاة الفجر فقال عبد الله غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا فلما فرغنا من الثلاث وكدت أن أحقر عمله قلت : يا عبد الله لم يكن بيني وبين والدي غضب ولا هجرة ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث مرات يطلع عليكم رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث مرات فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي بذلك فلم أرك تعمل كثير عمل فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : ما هو إلا ما رأيت غير أنني لا أجد على أحد من المسلمين في نفسي غشا ولا حسدا على خير أعطاه الله إياه قال عبد الله هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق } . فقول عبد الله بن عمرو له هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق يشير إلى خلوه وسلامته من جميع أنواع الحسد .

 وبهذا أثنى الله تعالى على الأنصار فقال : { ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة } أي مما أوتي إخوانهم المهاجرون قال المفسرون لا يجدون في صدورهم حاجة أي حسدا وغيظا مما أوتي المهاجرون ثم قال بعضهم من مال الفيء وقيل من الفضل والتقدم [ ص: 120 ] فهم لا يجدون حاجة مما أوتوا من المال ولا من الجاه والحسد يقع على هذا . وكان بين الأوس والخزرج منافسة على الدين فكان هؤلاء إذا فعلوا ما يفضلون به عند الله ورسوله أحب الآخرون أن يفعلوا نظير ذلك فهو منافسة فيما يقربهم إلى الله كما قال : { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون } .

 وقال الأحنف بن قيس–رحمه الله-:
 عجبت لمن جرى في مجرى البول مرتين كيف يتكبر !
 وقد وصف بعض الشعراء الإنسان فقال :
 يا مظهر الكبر إعجابا بصورته ... انظر خلاءك إن النتن تثريب
 لو فكر الناس فيما في بطونهم ... ما استشعر الكبر شبان ولا شيب
 هل في ابن آدم مثل الرأس مكرمة ...وهو بخمس من الأقذار مضروب
 أنف يسيل وأذن ريحها سهك ....والعين مرفضة والثغر ملعوب
 يا ابن التراب ومأكول التراب غدا .... أقصر فإنك مأكول ومشروب


 وعن عمر بن عبد العزيز –رحمه الله-:
 أنه كان إذا خطب على المنبر فخاف على نفسه العجب قطعه. وإذا كتب كتاباً فخاف فيه العجب مزقه, ويقول: اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي.
 وفي ترجمته – رحمه الله - ، أنه قال :
 "إني لأدع كثيراً من الكلام مخافة المباهاة."
 الطبقات الكبرى (5/368



 وقال عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه-:
 اثنتان منجيتان , واثنتان مهلكتان , فالمنجيتان: النية والنهى , فالنية أن تنوي أن تطيع الله فيما يستقبل , والنهى أن تنهى نفسك عما حرم الله عز وجل , والمهلكتان: العجب، والقنوط.
 حلية الأولياء (7/298)


 وقال خالد بن معدان - رحمه الله -:
 لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى الناس في جنب الله أمثال الأباعر، ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أحقر حاقر.
 تهذيب الكمال في أسماء الرجال (8/171)

 وقال محمد بن القاسم -رحمه الله-:
 زعم عبدالله بن حنظلة أن عبدالله بن سلام مَرّ في السوق وعليه حزمة من حطب، فقيل له: أليس الله أغناك؟ قال: بلى، ولكن أردت أن أقمع الكبر، سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة خردل من كبر
 سير أعلام النبلاء (2/ 419). والحديث في صحيح مسلم (1/ 93)

 وقال محمد بن القاسم -رحمه الله-:
 زعم عبدالله بن حنظلة أن عبدالله بن سلام مَرّ في السوق وعليه حزمة من حطب، فقيل له: أليس الله أغناك؟ قال: بلى، ولكن أردت أن أقمع الكبر، سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة خردل من كبر
 سير أعلام النبلاء (2/ 419). والحديث في صحيح مسلم (1/ 93)

 وقال ابن قدامة المقدسي-رحمه الله-:
 اعلم أنه لا يتكبر إلا من استعظم نفسه ، ولا يستعظمها إلا وهو يعتقد لها صفة من صفات الكمال ، وجماع ذلك يرجع إلى كمال ديني أودنيوي ، فالديني هو العلم والعمل ، والدنيوي هو النسب والجمال والقوة والمال وكثرة الأنصار ،
 فهذه سبعة أسباب :
 الأول : العلم ، وما أسرع الكبر إلى بعض العلماء فلا يلبث أن يستشعر في نفسه كمال العلم فيستعظم نفسه ويستحقر الناس ويستجهلهمويستخدم من خالطه منهم . وقد يرى نفسه عند الله تعالى أعلى وأفضل منهم فيخاف عليهم أكثر مما يخاف على نفسه ، ويرجو لنفسه أكثر مما يرجو لهم ، وسبب كبرهبالعلم أمران :
 أحدهما : أن يكون اشتغاله بما يسمى علما وليس علما في الحقيقة ، فإن العلم الحقيقي ما يعرف به العبد ربه ونفسه وخطر أمره في لقاء اللهوالحجاب منه ، وهذا يورث الخشية والتواضع دون الكبر ، قال تعالى : (إنما يخشى الله من عباده العلماء) [فاطر : 28] .
 ثانيهما : أن يخوض في العلم ، وهو خبيث الدخلة رديء النفس سيئ الأخلاق ، فإنه لم يشتغل أولا بتهذيب نفسه وتزكية قلبه بأنواعالمجاهدات فبقي خبيث الجوهر ، فإذا خاض في العلم صادف العلم من قلبه منزلا خبيثا فلم يطب ثمره ولم يظهر في الخير أثره ، وقد ضربوهب لهذا مثلا فقال : العلم كالغيث ينزل من السماء حلوا صافيا فتشربه الأشجار بعروقها فتحوله على قدر طعومها فيزداد المر مرارةوالحلو حلاوة ، فكذلك العلم يحفظه الرجال فتحوله على قدر هممها وأهوائها ، فيزيد المتكبر كبرا والمتواضع تواضعا ، وهذا ; لأن من كانتهمته الكبر هو جاهل فإذا حفظ العلم وجد ما يتكبر به فازداد كبرا ، وإذا كان الرجل خائفا مع علمه فازداد علما علم أن الحجة قد تأكدتعليه فيزداد خوفا .
 الثاني العمل والعبادة : وليس يخلو عن رذيلة الكبر واستمالة قلوب الناس العباد فيترشح منهم الكبر في الدين والدنيا ، أما في الدنيا فهو أنهميتوقعون ذكرهم بالورع والتقوى وتقديمهم على سائر الناس ، وكأنهم يرون عبادتهم منة على الخلق ، وأما في الدين فهو أن يرى الناس هالكينويرى نفسه ناجيا ، وهو الهالك تحقيقا مهما رأى ذلك ، قال صلى الله عليه وسلم : «إذا سمعتم الرجل يقول : هلك الناس فهو أهلكهم» وإنما قال ذلك ; لأن هذا القول منه يدل على أنه مزدر بخلق الله مغتر آمن من مكره غير خائف من سطوته ، وكيف لا يخاف ويكفيه شرااحتقاره لغيره ، قال صلى الله عليه وسلم : «كفى بالمرء شرا أن يحقر أخاه المسلم» .
 وكثير من العباد إذا استخف به مستخف أو آذاه مؤذ استبعد أن يغفر الله له ، ولا يشك في أنه صار ممقوتا عند الله ، وذلك لعظم قدرنفسه عنده ، وهو جهل وجمع بين الكبر والعجب والاغترار بالله .
 وقد ينتهي الحمق والغباوة ببعضهم إلى أن يتحدى ويقول : «سترون ما يجري عليه» ، وإذا أصيب بنكبة زعم أن ذلك من كراماته ، وأن اللهما أراد إلا الانتقام له مع أنه يرى طبقات من الكفار يسبون الله ورسوله ، وعرف جماعة آذوا الأنبياء صلوات الله عليهم فمنهم من قتلهم ، ومنهم من ضربهم ، ثم إن الله أمهل أكثرهم ، ولا يعاقبهم في الدنيا ، بل ربما أسلم بعضهم فلم يصبه مكروه في الدنيا ، ولا في الآخرة : أفيظن هذا الجاهل المغرور أنه أكرم على الله من أنبيائه ، وأنه قد انتقم له بما لم ينتقم لأنبيائه به ، ولعله في مقت الله بإعجابه وكبره ، وهو غافلعن هلاك نفسه ، فهذه عقيدة المغترين ، وأما الأكياس من العباد فيقولون ما كان يقوله السلف بعد انصرافه من عرفات : «كنت أرجوالرحمة لجميعهم لولا كوني فيهم» فانظر إلى الفرق بين الرجلين : هذا يتقي الله ظاهرا وباطنا ، وهو وجل على نفسه مزدر لعمله ، وذاكيضمر من الرياء والكبر والغل ما هو ضحكة للشيطان به ، ثم إنه يمتن على الله بعمله .
 ومن آثار الكبر في العابد أن يعبس وجهه كأنه متنزه عن الناس مستقذر لهم ، وليس يعلم المسكين أن الورع ليس في الجبهة حتى تقطب ، ولافي الرقبة حتى تطأطأ ، ولا في الذيل حتى يضم ، إنما الورع في القلوب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «التقوى هاهنا» وأشار إلىصدره ، فقد كان صلى الله عليه وسلم أكرم الخلق وأتقاهم ، وكان أوسعهم خلقا وأكثرهم بشرا وتبسما وانبساطا كما قال تعالى : (واخفضجناحك لمن اتبعك من المؤمنين) [الشعراء : 215] .
 الثالث : التكبر بالحسب والنسب ، فالذي له نسب شريف يستحقر من ليس له ذلك النسب وإن كان أرفع منه عملا وعلما ، وقد يتكبر بعضهم فيأنف من مخالطة الناس ومجالستهم ، وقد يجري على لسانه التفاخر به
 فيقول لغيره : من أنت ومن أبوك فأنا فلان ابن فلان ، ومعمثلي تتكلم! .
 وقد روي أن «أبا ذر» رضي الله عنه قال: «قاولت رجلا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له : يا ابن السوداء ، فغضب صلى اللهعليه وسلم وقال:» يا أبا ذر، ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل «فقال» أبو ذر: فاضطجعت وقلت للرجل : قم فطأ علىخدي
 فانظر كيف نبهه صلى الله عليه وسلم على أن ذلك جهل، وانظر كيف تاب وقلع من نفسه شجرة الكبر إذ عرف أن العز لا يقمعه إلاالذل
 الرابع : التفاخر بالجمال ، وذلك أكثر ما يجري بين النساء ويدعو ذلك إلى التنقص والثلب والغيبة وذكر عيوب الناس .
 الخامس: الكبر بالمال وذلك يجري بين الأمراء والتجار في لباسهم وخيولهم ومراكبهم فيستحقر الغني الفقير ويتكبر عليه، وكل ذلك جهلبفضيلة الفقر وآفة الغنى .
 السادس : الكبر بالقوة وشدة البطش والتكبر به على أهل الضعف .
 السابع : التكبر بالأتباع والأنصار والعشيرة والأقارب .
 فهذه مجامع ما يتكبر به العباد بعضهم على بعض . نسأله تعالى العون بلطفه ورحمته .
 موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين ص (264)

 وقال الفضيل بن عياض -رحمه الله-:
 لو أن المبتدع تواضع لكتاب الله وسنة نبيه ، لاتبع ما ابتدع ، و لكنه أُعجب برأيه فاقتدى بما اخترع.
 التذكرة في الوعظ ( ص 97)

 وقال ابن القيم -رحمه الله-:
 فَلَا شَيْء أفسد للأعمال من الْعجب ورؤية النَّفس فَإِذا أَرَادَ الله بعده خيرا أشهده منّته وتوفيقه وإعانته لَهُ فِي كل مَا يَقُوله ويفعله فَلَا يعجب بِهِ ثمَّ أشهده تَقْصِيره فِيهِ وَأَنه لَا يرضى لرَبه بِهِ فيتوب إِلَيْهِ مِنْهُ ويستغفره ويستحي أَن يطْلب عَلَيْهِ أجرا
 وَإِذا لم يشهده ذَلِك وغيّبه عَنهُ فَرَأى نَفسه فِي الْعَمَل وَرَآهُ بِعَين الْكَمَال وَالرِّضَا لم يَقع ذَلِك الْعَمَل مِنْهُ موقع الْقبُول وَالرِّضَا والمحبة فالعارف يعْمل الْعَمَل لوجه مشاهدا فِيهِ منّته وفضله وتوفيقه معتذرا مِنْهُ إِلَيْهِ مستحييا مِنْهُ إِذْ لم يوفه حَقه وَالْجَاهِل يعْمل الْعَمَل لحظه وهواه نَاظرا فِيهِ إِلَى نَفسه يمنّ بِهِ على ربه رَاضِيا بِعَمَلِهِ فَهَذَا لون وَذَاكَ لون آخر
 الفوائد ص (153)

 وقال بعض الحكماء: عجب المرء بنفسه أحد حساد عقله. وليس إلى ما يكسبه الكبر من المقت حد، ولا إلى ما ينتهي إليه العجب من الجهل غاية، حتى إنه ليطفئ من المحاسن ما انتشر، ويسلب من الفضائل ما اشتهر. وناهيك بسيئة تحبط كل حسنة وبمذمة تهدم كل فضيلة، مع ما يثيره من حنق ويكسبه من حقد.

 وقال الشافعي -رحمه الله-:
 إذا خفت على عملك العُجْب، فاذكر رضا من تطلب، وفي أي نعيم ترغب، ومن أي عقاب ترهب، فمن فكر في ذلك صغر عنده عمله
 سير أعلام النبلاء (10/42)

 وقال أبو سليمان الداراني –رحمه الله-:
 كيف يعجب عاقل بعمله وإنما يعد العمل نعمة من الله إنما ينبغي له أن يشكر ويتواضع، وإنما يعجب بعمله القدرية الذين يزعمون أنهم يعملون، فأما من زعم أنه مستعمل فبأي شيء يعجب
 حلية الأولياء (9/263)

 وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله-:
 ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - من ذلك –أي ضبط النفس بالذل والانكسار- أمرا لم أشاهده من غيره .وكان يقول كثيراً :ما لي شيء ، ولا منّي شيء ، ولا فيَّ شيء .
 وكان كثيرا ما يتمثل بهذا البيت :
 أنا المكدّى وابن المكدّى - وهكذا كان أبي وجدي
 وكان إذا أثنى عليه في وجهه يقول :والله إني إلى الآن أجدِّد إسلامي كل وقت ، وما أسلمت بعد إسلاماً جيداً .
 وبعث إليَّ في آخر عمره قاعدة في التفسير بخطِّه ، وعلى ظهرها أبياتٌ بخطه من نظمه :
 أنا الفقير إلى رب البريَّات - أنا المُسَيْكينُ فى مجموع حالاتي
 أنا الظلوم لنفسى وهي ظالمتي - والخير إن يأتنا من عنده ياتي
 لا أستطيع لنفسى جلب منفعة - ولا عن النفس لى دفع المضراتِ
 وليس لي دونه مولى يدبرني - ولا شفيع إذا حاطت خطيئاتي
 إلا بإذن من الرحمن خالقنا - إلى الشفيع كما جاء في الآياتِ
 ولست أملك شيئاً دونه أبداً - ولا شريك أنا فى بعض ذراتِ
 ولا ظهير له كي يستعين به - كما يكون لأرباب الولايات
 والفقر لي وصف ذاتٍ لازمٌ أبداً - كما الغنى أبداً وصفٌ له ذاتي
 وهذه الحال حالُ الخلقِ أجمعهم - وكلهم عنده عبدٌ له آتي
 فمن بغى مطلباً من غير خالقه - فهو الجهول الظلوم المشرك العاتي
 والحمد لله ملء الكونِ أجمعهِ - ما كان منه وما من بعد قد ياتي
 مدارج السالكين ( 1 / 521) .


 وقال العلامة أبو الطيب صديق حسن خان –رحمه الله- :
 الغرور هو /سكون النفس إلى ما يوافق الهوى ويميل إليه الطبع عن شبهة وخدعة من الشيطان.
 والمغرورون أصناف ! /
 منهم : العلماء الذين أحكموا العلوم الشرعية والعقلية وتعمقوا فيها وأهملوا محافظة الجوارح عن المعاصي وإلزامها الأعمال الصالحة وهممغرورون : لأن العلم إذا لم يقارنه العمل لا يكون له مكان عند الله تعالى وعند الخواص من عباده .
 ومنهم : الذين أحكموا العلم والعمل وأهملوا تزكية نفوسهم عن الأخلاق الذميمة وهم مغرورون أيضا إذ لا ينجو في الآخرة إلا من أتى اللهبقلب سليم .
 ومنهم : الذين اعترفوا بأن النجاة في الآخرة إنما هي بتزكية النفس عن الأخلاق الذميمة إلا أنهم يزعمون أنهم منفكون عنها وهؤلاء مغرورونأيضا لأن هذا من العجب والعجب من أشد الصفات المهلكات .
 ومنهم : الذين اتصفوا بالعلم وتزكية الأخلاق لكن بقي منها خبايا في زوايا القلب ولم يشعروا بها وهؤلاء أيضا مغرورون بظاهر أحوالهم وغفلواعن تحصيل القلب السليم .
 ومنهم : الذين اقتصروا على علم الفتاوى وإجراء الأحكام وهم مغرورون لأنهم اقتصروا على فرض الكفاية وأخلوا بفرض العين وهو : إصلاحأنفسهم وتزكية أخلاقهم وتصفية قلوبهم من الحقد والحسد وأمثال ذلك .
 ومنهم : الوعاظ وأعلاهم رتبة من يتكلم في أخلاق النفس وصفات القلب من الخوف والرجاء والإخلاص ونحو ذلك وأكثرهم مغرورونلأنهم يتكلمون فيما ذكر وليس لهم من ذلك شيء .
 ومنهم : من اشتغل باللغة ودقائق العلوم العربية وأفنوا عمرهم فيها ظنا منهم أنهم من علماء الأمة لأنهم في صدد أحكام مباني الكتابوالسنة وهم مغرورون لأنهم : اتخذوا القشر مقصودا فاغتروا به .
 وأصناف المغرورين من الناس لا يمكن تعدادهم وفي هذا القدر كفاية لمن اعتبر - اللهم ألهمنا طريق دفع الغرور -ولا يمكن ذلك إلا بالعقل الذي هو مبنى الخيرات وأساسها ثم بالمعرفة وهي لا تعم إلا بمعرفة نفسه بالذل والعبودية ومعرفة ربه بالجلال والهيبةوصفا بقلبه بلذة المناجات ، واستوت عنده من الدنيا ذهبها ومدرها ولا يبقى للشيطان عليه من سلطان ( ومن لم يجعل الله له نورا فما لهمن نور ) .
 أبجد العلوم (2/86)
 قال الله

 ونَفْسٍ ومَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} صدق الله العظيم، ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله إن مرض القلب نوعان نوع لا يتألم به صاحبه في الحال كمرض الجهل ومرض الشبهات والشكوك ومرض الشهوات وهذا النوع هو أعظم النوعين ألما

 ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَة وإنَّ مِنَ الحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ} إ
 لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ومَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ ولا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ}

 قال ابن القيم رحمه الله


 وأما أمراضه التي لا تزول إلا بالأدوية الإيمانية النبوية، فهي التي توجب شقاءه والعذاب الدائم إن لم يتداركها بأدويتها المضادة لها، فإذا استعمل تلك الأدوية حصل له الشفاء، ولهذا يقال: شفى غيظه، قال تعالى: ﴿ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاء ﴾ (سورة التوبة: الآيتان 14 – 15).

 علامات مرض القلب:

 كل عضو من أعضاء البدن خلق لفعل خاص به، كمالُه في حصول ذلك الفعل منه، ومرضه أن يتعذر عليه الفعل الذي خلق له، حتى لا يصدر منه أو يصدر مع نوع من الاضطراب.
 فمرض اليد: أن يتعذر عليها البطش.
 ومرض العين: أن يتعذر عليها النظر والرؤية.
 ومرض اللسان: أن يتعذر عليه النطق.
 ومرض البدن: أن يتعذر عليه حركته الطبيعية أو يضعف عنها.
 ومرض القلب: أن يتعذر عليه ما خلق له من معرفة الله ومحبته والشوق إلى لقائه والإنابة إليه وإيثار ذلك على كل شهوة.

 وقال رحمه الله

 علامات القلب الصحيح:

 فالقلب الصحيح: يؤثر النافع على الضار المؤذي.
 والقلب المريض: ضد ذلك.
 وأنفع الأغذية: غذاء الإيمان.
 وأنفع الأدوية: دواء القرآن، وكل منهما فيه الغذاء والدواء.

 ومن علاماته: أنه يشتاق إلى الذكر كما يشتاق إلى الطعام والشراب.
 ومن علاماته: أنه إذا دخل في الصلاة ذهب عنه غمه وهمه، واشتد عليه الخروج منها.
 ومن علاماته: أن يكون همه واحدا، وأن يكون في الله.
 ومن علاماته: أن يكون أشح بوقته أن يضيع.
 ومن علاماته: أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أعظم منه بالعمل، فيحرص على الإخلاص، والنصيحة، والمتابعة، والإحسان، هذه المشاهد لا يشهدها إلا القلب السليم.

 والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، والصلاة والسلام على النبي، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 اخوكم ابوفهد


شبكة الربانيون العلمية