بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 30 مايو 2014

النقولات الواضحات استدلالا علي عدم سماع الموتي استقلالا

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وإخوانه وآله ومن ولاه، وبعد :

قبل الشروع في إيراد أقوال أهل العلم في هذه المسألة، أقول:
قدّم العلامة الألباني-رحمه الله تعالى-بين يديها قاعدتين هامتين عاصمتين، هما:

أولاً : "اعلم أن كون الموتى يسمعون أو لا يسمعون، إنما هو أمر غيبي من أمور البرزخ التي لا يعلمها إلا الله-
عزّ وجلّ-فلا يجوز الخوض فيه بالأقيسة والآراء، وإنما يوقف فيه مع النص إثباتاً ونفياً .

ثانياً : "الحق لا يعرف بالكثرة ولا بالقلة، وإنما بدليله الثابت في الكتاب والسنة، مع التفقه فيهما"

ثم أتى ببحث نفيس فيه طول والمقام مقام اختصار، فلذا اكتفيت بالإشارة إلى مكان العبارة ليرجع إليه مريد الهداية.

غير أني أنقل هنا كلام الإمام الطبري-رحمه الله تعالى- تحت قوله تعالى : "ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولو مدبرين" فقال في"تفسيره"(21/36) :

"هذا مثل معناه: فإنك لا تقدر أن تفهم هؤلاء المشركين الذين ختم الله على أسماعهم، فسلبهم فهم ما يتلى عليهم من مواعظ تنزيله، كما لا تقدر أن تفهم الموتى الذين سلبهم الله أسماعهم، بأن تجعل لهم أسماعا …

ثم قال العلامة الألباني-رحمه الله تعالى : " ثم روى بإسناده الصحيح عن قتادة قال : "هذا مثل ضربه الله للكافر، فكما لا يسمع الميت الدعاء كذلك لا يسمع الكافر "ولا تسمع الصم الدعاء" يقول: لو أن أصم ولى مدبراً ثم ناديته لم يسمع، كذلك الكافر لا يسمع، ولا ينتفع بما سمع" وعزاه إلى"الدرر"(5/114) لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم دون ابن جرير.

وقد فسر القرطبي(13/232) هذه الآية بنحو ما سبق عن ابن جرير…فثبت من هذه النقول عن كتب التفسير المعتمدة أن الموتى في قبورهم لا يسمعون: كالصم إذا ولو مدبرين، وهذا الذي فهمته السيدة عائشة-رضي الله تعالى عنها-واشتهر ذلك عنها في كتب السنة وغيرها

ونقله المؤلف-مؤلف الآيات البينات-عنها في عدة مواضع من رسالته فانظر(ص54،56،8،68،71) وفاته هو وغيره أنه هو الذي فهمه عمر-رضي الله عنه-وغيره من الصحابة؛ لما نادى النبي-صلى الله عليه وسلم-أهل القليب.

الدليل الثاني: قوله تعالى: "ذلكم الله ربكم له الملك، والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير، إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم، ولو سمعوا ما استجابوا لكم، ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير" سورة"فاطر" الآيتان(13-14) قلت: فهذه الآية صريحة في نفي السمع.

الدليل الثالث: حديث قليب بدر، وله روايات مختصرة ومطولة، أجتزئ هنا على روايتين منها:
الأولى: حديث ابن عمر-رضي الله تعالى عنهما-قال:"وقف النبي-صلى الله عليه وسلم-على قليب بدر، فقال: هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟ ثم قال:"إنهم الآن يسمعون ما أقول"فذكر لعائشة-رضي الله تعالى عنها-فقالت: إنما قال النبي-صلى الله عليه وسلم: إنهم الآن يعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق، ثم قرأت:"إنك لا تسمع الموتى"حتى قرأت الآية"أخرجه: البخاري (7/242)فتح والنسائي(1/693)وأحمد(2/31)من طريق أخرى عن ابن عمر…

والأخرى: حديث أبي طلحة-رضي الله عنه-أن نبي الله-صلى الله عليه وسلم-أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش، فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث، وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى، واتبعه أصحابه، وقالوا: ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شفة الرّكي، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: يا فلان ابن فلان! ويا فلان ابن فلان! أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله، فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً؟

قال: فقال عمر: يا رسول الله! ما تكلم من أجساد لا أرواح فيها ؟ فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم:"والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم"قال قتادة : أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخاً وتصغيراً ونقمة وحسرة وندماً" أخرجه الشيخان وغيرهما"

ووجه الاستدلال بهذا الحديث يتضح بملاحظة أمرين :
الأول : ما في الرواية منه من تقييده-صلى الله عليه وسلم-سماع موتى القليب، بقوله : "الآن" فإن مفهومه أنهم لا يسمعون في غير هذا الوقت، وهو المطلوب.

وهذه فائدة هامة نبّه عليها العلامة الآلوسي في كتابه"روح المعاني" (6/455) ففيه تنبيه قوي على أن الأصل في الموتى أنهم لا يسمعون، ولكن أهل القليب في ذلك الوقت قد سمعوا نداء النبي-صلى الله عليه وسلم-وبإسماع الله تعالى إياهم خرقاً للعادة ومعجزة للنبي-صلى الله عليه وسلم…

وفي تفسير"القرطبي"(13/232):"قال ابن عطية: فيشبه أن قصة بدر خرق عادة لمحمد-صلى الله عليه وسلم-في أن ردّ الله إليهم إدراكاً سمعوا به مقاله، ولولا إخبار رسول الله-صلى الله عليه وسلم-بسماعهم لحملنا نداءه إياهم على معنى التوبيخ لمن بقي من الكفرة وعلى معنى شفاء صدور المؤمنين"

قلت: ولذلك أورده الخطيب التبريزي في"باب المعجزات"من"المشكاة"(ج3 برقم5938 بتخريجي)

والأمر الآخر: أن النبي-صلى الله عليه وسلم-أقر عمر وغيره من الصحابة على ما كان مستقراً في نفوسهم واعتقادهم أن الموتى لا يسمعون.

الدليل الرابع: قول النبي-صلى الله عليه وسلم : "إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام" أقول-العلامة الألباني: "ووجه الاستدلال به أنه صريح في أن النبي-صلى الله عليه وسلم-لا يسمع سلام المسلمين عليه، إذ لو كان يسمعه بنفسه لما كان في حاجة إلى من يبلغه إليه كما هو ظاهر لا يخفى على أحد-إن شاء الله تعالى-وإذا كان الأمر كذلك، فبالأولى أنه-صلى الله عليه وسلم-لا يسمع غير السلام من الكلام، وإذا كان كذلك فلأن لا يسمع السلام غيره من الموتى أولى وأحرى…

وخلاصة البحث والتحقيق:
"أن الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال أئمة الحنفية وغيرهم…على أن الموتى لا يسمعون

وأن هذا هو الأصل، فإذا ثبت أنهم يسمعون في بعض الأحوال، كما في حديث خفق النعال، أو أن بعضهم سمع في وقت ما، كما في حديث القليب، فلا ينبغي أن يجعل ذلك أصلاً، فيقال أن الموتى يسمعون كما فعل بعضهم، كلا فإنها قضايا جزئية لا تشكل قاعدة كلية يعارض بها الأصل المذكور…

وما أحسن ما قاله ابن التين-رحمه الله تعالى:"إن الموتى لا يسمعون بلا شك، لكن إذا أراد الله تعالى إسماع ما ليس من شأنه السماع لم يمتنع، لقوله تعالى :"إنا عرضنا الأمانة…"الآية وقوله:"فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً…"الآية

فإذا علمت هذا أيها القارئ الكريم أن الموتى لا يسمعون، فقد تبين أنه لم يبق هناك مجال لمناداتهم من دون الله تعالى، ولو بطلب ما كانوا قادرين عليه وهم أحياء… وأن مناداة من كان كذلك والطلب منه سخافة في العقل، وضلال في الدين،

وصدق الله العظيم القائل في كتابه الكريم:"ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين" "الأحقاف" الآيتان(5-6)" مقدمة "الآيات البينات" ص(23-41) مختصراً

إذا علمت هذا، فاعلم أن طوائف التصوف وشراذم التشيع قد ضلوا في هذا الباب وأضلوا، وتنافرت معتقداتهم تنافر البُهُم المستنفرة، فهوت بهم في مهالك الهوى، برهان ذلك :

((( الكذابة الصوفية ومخاطبة الموتى )))

من سنن مكرة التصوف وأخوانهم كذبة التشيع أنهم يلهثون ليثبتوا باطلهم للنبي – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- ثم من باب "عنز ولو طارت" يسحبونها – كذباً وزورا- على كهنتهم تشبعا وتضليلا :

" إن المتصوفة قد اشتهر عنهم ادعاء مخاطبة الموتى والتلقي عنهم وكتبهم مشحونة بذلك :

مثال:
أن أبا المظفر المنصور أنشد قصيدة عند قبر الشيخ الرفاعي، فظهر صوت الرفاعي من القبر يقول له : "وعليك السلام" "العقود الجوهرية"ص (77-78)و"ترياق المحبين"ص(8،39)

مثال:
وأن السيدة نفيسة-صاحبة الضريح-كانت كثيراً ما تكلم أحد المشايخ المتصوفة وهي في قبرها""لطائف المنن والأخلاق"ص(403)

مثال:
وأن أحمد البدوي أخرج يده من القبر ووضعها بيد الشعراني ليبايعه، وكان من شروط المبايعة أن يكون تحت رقابة البدوي أينما ذهب، فأقره البدوي، وقال وهو في قبره"نعم" وهذه شبيهة بقصة مد النبي-صلى الله عليه وسلم-يده ليبايع الرفاعي حيث قال له:"هذه البيعة لك ولذريتك إلى يوم القيامة""المعارف المحمدية"ص(34)

مثال:
ومِن أخبار الشمس الحنفي أنَّه كان إذا زار القرافة – أي : المقبرة - سلَّم على أصحاب القبور، فيردُّون عليه السلام، بصوت يسمعه مَن معه" "الرد على الخرافيين" بتصرف يسير في أقوال وأفعال .
ومن ذلك أيضا دعواهم :

((( الاجتماع بالنبي- صلى الله عليه وسلم- يقظة )))

وساقهم هذا الاعتقاد الباطل إلى زعم دجاجلتهم أنهم يلتقون بالنبي – صلى الله تعالى عليه وإخوانه وآله وسلم- ويتلقون عنه بدعهم، افتراء عليه، يا ويلهم !!

فهذا أحدهم يزعم أنه : " كان يجتمع بالنبي-صلى الله عليه وسلم- يقظة لا في المنام، قيل له: كم مرة رأيته يقظة ؟ قال بضعاً وسبعين مرة. فأيهم أعظم من يستلم يد النبي-صلى الله عليه وسلم- مرة واحدة أم من يجلس بجانبه يقظة ويحادثه أكثر من سبعين مرة!!" "قلادة الجواهر"ص (422-423) و"الرفاعية"ص(43) وانظر بحثنا "اليقظة لدعوى رؤية النبي في اليقظة"

((( أصل فكرة حياة النبي- صلى الله عليه وسلم )))

" قد شعر الصوفية بتناقض فكرة ربط علة خلق الكون بمحمد-صلى الله عليه وسلم- مع فقدان هذه العلة بموته كما قال تعالى: "إنك ميت وإنهم ميتون"

حيث يعترض معترض ويقول : "إذا كان الوجود مخلوقاً من أجله، فما قيمة هذا الوجود بعد موته؛ ولأي غاية يبقى؟
فقالوا حيئذ بحياته حياة كحياته التي كان يحياها قبل موته من أكل وشرب ورقابة على الأكوان وتحكم في العوالم العلوية والسفلية وهو في قبره وأنه يخرج ويزور الأولياء والصالحين، ويقضي بنفسه حوائج المحتاجين ويغيث المستغيثين به""الرفاعية"لعبد الرحمن دمشقية ص(135)

وكل هذا من الكذب المبين، الذي يؤاخذ عليه – أشد المؤاخذة- رب العالمين، { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ } سورة "النحل" الآية(25)

((( حياة الأنبياء في قبورهم )))

حياة الأنبياء في قبورهم حقيقة حقّة، غير أنها حياة خاصة، بيد أن القوم وبتأويل من قبيل اللعب تلاعبوا بأتباعهم فابتدعوا وأبعدوا – بُعدا لهم .

قال العلامة الألباني-رحمه الله تعالى : " اعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء-عليهم الصلاة والسلام-إنما هي حياة برزخية، ليست من الحياة الدنيا في شيء، ولذلك وجب الإيمان بها، دون ضرب الأمثال لها ومحاولة تكيفيها وتشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة الدنيا، هذا هو الموقف الذي يجب أن يتخذه المؤمن في هذا الصدد: الإيمان بما جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالأقيسة والآراء كما يفعل أهل البدع الذين وصل الأمر ببعضهم إلى ادعاء أن حياته-صلى الله عليه وسلم-في قبره حياة حقيقية! قال: يأكل ويشرب ويجامع نساءه!! وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى""السلسلة الصحيحة"(2/190-191)

ويلزم من القول بأنها حياة حقيقية أن يكون الصحابة-رضي الله عنهم-دفنوا نبيهم-صلى الله عليه وسلم-وهو حي، وإذا علم فساد اللازم؛ علم فساد الملزوم" حاشية كتاب "الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف" للأمير الصنعاني ص(80) تحقيق: عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر-الطبعة الأولى 1421هـ

علاقة مسألة سماع الأموات بمسألة الشرك
وإنكار العلامة الألباني-رحمه الله تعالى-على الفرق الإسلامية
عدم اهتمامها بالتوحيد والإنكار على مخالفيه:

قال العلامة الألباني-رحمه الله تعالى : "من المعلوم أن الاعتقاد بأن الموتى يسمعون هو السبب الأقوى لوقوع كثير من المسلمين اليوم في الشرك الأكبر، ألا وهو عبادة الأولياء والصالحين وعبادتهم من دون الله -عزّ وجلّ- جهلاً أو عناداً، ولا ينحصر ذلك في الجهال منهم، بل يشاركهم في ذلك كثير ممن ينتمي إلى العلم… والأحزاب الإسلامية كلها مع الأسف لا تعير لذلك اهتماماً يذكر؛ لأنه يؤدي بزعم بعضهم إلى الاختلاف والتفرقة! مع أنهم يعلمون أن الأنبياء إنما كان أول دعوتهم:"أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت"وخيرهم من يسكت عن قيام غيره بهذا الواجب" مقدمة "الآيات البينات في عدم سماع الأموات"ص(10-11)للعلامة نعمان محمود الآلوسي( ) تحقيق:العلامة محمد ناصر الدين الألباني-المكتب الإسلامي-الطبعة الرابعة 1405هـ

وفي ردّ الشيخ ربيع المدخلي-حفظه الله تعالى-على الغزالي السقا -رحمه الله تعالى- قال : " لو كنت منصفاً وغيوراً على الإسلام فعلاً، لوجهت هذه القذائف إلى فرق الضلال من صوفية على كثرة فرقها، وشيعية على تشعبها، الذين لم يرفعوا بنصوص التوحيد رأسا ويعتقدون في الأموات من أنبياء وأولياء وأنهم يعلمون الغيب وأن فيهم أقطاب وأوتادا يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون ويسمعون دعاء المستغيثين ولو كان بينهم وبينهم بعد المشرقين.
ومن هنا يستغيثون بالبدوي والرفاعي والدسوقي والجيلاني والحسين وزينب ونفيسة والشاذلي والمرغنى وغيرهم وغيرهم ويشيدون لهم القبور ويشدون إليها الرحال، فلو كانت هناك غيرة على الإسلام والقرآن والتوحيد لسددت سهامك في هذه المناسبة الذهبية إلى هذه الأصناف التي ترتكب هذه الأفاعيل وتجني على توحيد الأنبياء أفظع الجنايات، ولكنه الهوى وضعف أو موت البصيرة" "كشف موقف الغزالي من السنة وأهلها ونقد بعض آرائه"ص(151)مكتبة ابن القيم بالمدينة المنورة. الطبعة الأولى 1410هـ وأشار الشيخ الربيع وأشاد ص(170) بكتاب العلامة نعمان الآلوسي والعلامة الألباني في إبرازهما لحكم هذه المسألة.

وأختم هذا المقام بهذا المقال :
فقد قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ-رحمه الله تعالى : " والمشركون لم يسلموا للعليم الخبير ما أخبر به عن معبوداتهم، فقالوا تملك وتسمع وتستجيب لمن دعاهم، ولم يلتفتوا إلى ما أخبر به الخبير: من أن كل معبود يعادي عابده يوم القيامة، ويتبرأ منه، كما قال تعالى : "ويوم نحشرهم جميعاً ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون، فكفى بالله شهيداً بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين، هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق، وضلّ عنهم ما كانوا يفترون" سورة"يونس" الآيات(28-30)

أخرج ابن جرير، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد"إن كنا عن عبادتكم لغافلين" قال : يقول ذلك كل شيء يعبد من دون الله" "تفسير ابن جرير"(11/112)
فالكيس يستقبل هذه الآيات التي هي الحجة والنور والبرهان بالإيمان والقبول والعمل، فيجرد أعماله لله وحده دون كل ما سواه، ممن لا يملك لنفسه نفعاً ولا دفعاً، فضلاً عن غيره" "فتح المجيد شرح كتاب التوحيد" باب "أيشركون ما لا يخلق شيئاً"(1/328-329) ت: د. الوليد آل فريان- دار الصميعي- الطبعة الأولى 1415هـ

وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين
كتبه
راجي رحمة مولاه أبو عبد الله
محمد بن عبد الحميد بن محمد حسونة
رحمه الله في 13/2/1426هـ 23/3/2005م